الفنان إسكندر ثابت في ذكرى ميلاده المائة

> محمد عبدالله مخشف​

> يا مسافر من ضفاف النيل إلى وادي تبن
           بلغ الأشواق للحوطة ومن فيها سكن
خذ سلاحي بلغ الغادي بروحه للوطن
           وأخبره عني وقله كيف به قلبي افتتن


تلك الأبيات الشعرية كانت أصدق صورة تعبيرية عن ما يجيش في نفس وعقل البعيد عن وطنه ومسقط رأسه ومرابع صباه، عبر عنها شعراً الأديب والشاعر الكبير الأستاذ عبدالله هادي سبيت وصاغها لحناً وغناها طرباً الفنان القدير إسكندر ثابت.
وكان هدير تلك الانشودة قد انطلق لأول مرة عبر أثير إذاعة “صوت العرب” لدى افتتاحها وانطلاق موجاتها من مصر عبد الناصر في عام 1954 لمواجهة الدعاية الاستعمارية وفضح مخططاتها ضد البلدان العربية التي كان عدد منها يرزح تحت نير حكم الاستعمار الأجنبي مثل عدن والمحميات في الجنوب، وشمال اليمن تحت الحكم المتوكلي الكهنوتي، إضافة إلى بلدان شمال أفريقيا العربية والقارة الأفريقية عموماً والخليج العربي.

لقد قضى فناننا القدير إسكندر ثابت زهرة سنوات عمره في مصر لما يقارب 25 عاماً.. درس خلالها الثانوية ثم الجامعة ثم طاب له المقام للعيش في مرابعها وتزوج منها وعمل مدرساً في مدارسها كمعلم للغة العربية مع صديقه الأثير الأديب والكاتب الكبير الأستاذ علي أحمد باكثير الذي عمل هو الآخر مدساً للغة الإنجليزية.
إن حياة الفنان إسكندر ثابت، سواء في مصر أو عدن اتسمت بالوقار والاتزان، إذ كان فناناً بحق في موسيقاه وأغانيه وصوته وملبسه ومشيته وعلاقاته بالآخرين.

وعلى الرغم من أنه كان ملحناً بارزاً إلا أنه كان أيضاً شاعراً متمكناً، إذ كتب عدداً من أغانيه كما ألف أشعار أغاني عدد من الفنانين الآخرين مثل أغنية: “صابر وبا صبر لي سنين.. والصبر نور العاشقين” التي لحنها وغناها فناننا القدير الفقيد محمد عبده زيدي، رحمه الله،
وكذلك لحن وغنى من كلماته الفنان طه فارع، رحمه الله، كما غنى من كلماته وألحانه الفنان فاروق عبدالقادر والفنانة القديرة الفقيدة رجاء باسودان التي شدت بأغنية “حبيبي له جمال.. سبحان اللي خلق.. والقلب في غرامة لوعة واحترق.

ويحسب للفنان الفقيد إسكندر ثابت أنة عند عودته إلى عدن أسهم بدور كبير في تطوير الأغنية المحلية من خلال اختياره من قبل إذاعة عدن ليرأس لجنة إجازة الالحان قبل تسجيلها رسمياً في استديوهات الإذاعة وبثها وإذاعتها لجمهور المستمعين.
ولعل من محاسن الصدف أن يكون العام الحالي 2019م قد مر 100 عاما على ميلاد الفنان إسكندر ثابت وخروجه إلى الدنيا في العام 1919م.

ومن حقه علينا، نحن جمهوره ومعجبيه أن نحتفي بمئوية ميلاده، ونتذكره ونتذكر مآثره وبصماته التي تركها وراءه في ميدان الموسيقى والغناء والحياة عموماً سواء في عدن أو القاهرة.
وكان فناننا إسكندر ثابت قد ذهب إلى مصر أصلاً في عام 1938م حيث أكمل الثانوية العامة، ثم التحق بالجامعة لدراسة الأدب الإنجليزي، وهناك تخطى الكثير من زملائه، بحكم أنه كان يتقن اللغة الإنجليزية كتابة ونطقاً والتي تعلمها من جده الشيخ صالح حسن تركي منذ أن كان طفلاً بمعية اخيه الأكبر سعيد ثابت، والد فناننا نجيب ووالده ثابت وأمهم حيث كانوا جميعاً يجيدون الكتابة والتحدث باللغة الإنجليزية.

كما كان للشيخ صالح حسن الفضل في تعليم كثيرين من أبناء الشيخ عثمان اللغة الإنجليزية ومن بينهم الفقيد الكبير الأستاذ محمد مرشد ناجي.
 كما درس الفنان إسكندر ثابت أثناء إقامته الطويلة في مصر الموسيقى ونال شهادة البكلاريوس فيها. وعاد فناننا إسكندر ثابت إلى عدن في عام 1960م بعد أن أقام في مصر قرابة 25 عاماً، وعقب عودته التحق بالعمل لدى شركة مصافي بي بي كمسؤول إداري حتى تقاعد فيها في مطلع التسعينات.
وحفلت حياة فناننا إسكندر ثابت، سواء في مصر أو في عدن، سواء في الجانب الموسيقي أو العملي بالثراء والعطاء اللا محدود، حيث كان مخلصاً لعمله ومعطياً إياه كل جهد واتقان، لأنه كان أصلاً منضبطاً وملتزماً في سلوكه وحياته وعلاقاته بالآخرين، فقد اقترن الانضباط بإسكندر ثابت إلى حد أن كان شكلا واحدا.

إن الواجب على الجهات الرسمية المعنية والوسط الفني عموماً أن يحتفيا بمئوية الفنان القدير إسكندر ثابت وإحيائها بمختلف الأشكال كالندوات والمعارض والمهرجانات.
للفنان إسكندر ثابت المجد والخلود.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى