رمضان في الغنّاء تريم.. عادات وتقاليد روحانية على مر الزمن

> تقرير/ سعيد شكابة

> تريم الغناء بمحافظة حضرموت، عاصمة الثقافة الإسلامية وحاضرة العالم الإسلامي وقبلته الثقافية للعام 2010م، مدينة لها مميزات جمة، وتتفرد بالكثير من العادات والتقاليد الدينية والشعبية المتعددة التي تملك، بموجبها مدينة الصديق، علامة الجودة الحصرية في عبق الخصوصية.
ولعل من تلك العادات والتقاليد والصفات، عادات تميزت بها الغناء تريم في شهر رمضان الفضيل وانفردت بها دون غيرها من مدن وقرى مديريات حضرموت عموماً، وإن كانت بعضها قد اندثرت وبعضها في طريقها للاختفاء والانتهاء، مع استمرار أخرى وبروحانية كاملة وتميّز فريد.

ومن الأمثلة على تلك العادات التي كانت سائدة في الماضي والخاصة باستقبال شهر رمضان، حيث كان التريميّون يقومون بتقديم التهاني والترحيب بالشهر في مساجد المدينة قبل ستة أشهر من قدومه ترحيباً وابتهالاً، وعند نهايته يودعونه لمدة ستة أشهر، هذه العادات لم تعد كما كانت، إذ يكتفي أبناء تريم اليوم بتقديم التهاني والترحيب بالشهر الفضيل في النصف الأول من الشهر فقط وفي النصف الثاني منه تتم عملية التوديع له.

ومن العادات أيضاً عند حلول الشهر، القيام بإشعال النار في قمة أعلى جبل في المدينة غير أنها انتهت مع التطور العلمي، كون تلك العادات كانت قديماً تستخدم لإعلام أصحاب المناطق البعيدة من المدينة بحلول رمضان الفضيل.

تهيئة المساجد ورشها بالعطور
وهناك الكثير من العادات والممارسات الدينية التي كانت تتميز بها مساجد تريم دون غيرها في هذا الشهر ومنها فتح مختلف المساجد من أول النهار وحتى آخر الليل وتهيأ تهيئة كاملة لمكوث المصلين فيها من خلال رشها بالعطور وتطييبها بالبخور وتوفير كل احتياجاتهم ومتطلباتهم المختلفة، وهذه العادة تتم في أغلب المساجد وخصوصاً مسجد الجامع ومسجد المحضار ومسجد باعلوي وغيرها ومازالت مستمرة حتى اليوم.

ويجتمع الناس فيها لقراءة القرآن على هيئة حزب ويتم ختمه في أغلب المساجد كل أربع ليال، ويسمى ذلك غلاق الربع، وعند الختم يتم الاجتماع في المساجد وخصوصاً في مسجد المحضار ويكون اجتماعاً قرآنياً فريداً ومتميزاً، وأكثر ما يُميز مساجد هذه المدينة دون غيرها، هو أن لكل مسجد ختم خاص للقرآن في ليلة محددة، تبدأ من ليلة التاسع من شهر رمضان، ولذلك يأتي إليه المصلون من شتى الأماكن لأداء صلاة التراويح وختم القرآن والابتهال بالأدعية والأذكار حتى طلوع الفجر.

الروحة منذ مائة عام
ومن العادات والممارسات الدينية التي تتم في مساجد تريم، خلال أيام شهر الصيام، إلقاء الدروس الدينية والعلمية وتسمى جلسات هذه الدروس “الروحة”، وأغلب الأوقات التي يتم فيها إلقاء الدروس تكون بعد صلاة العصر، يتم خلالها قراءة السيرة النبويّة وكتب الفقه والأحاديث والآداب النبويّة وكتب التصوف، ومن أشهر المساجد التي تلقى فيها تلك الدروس الآن، جامع تريم والذي كان يقوم بإلقائها الداعية الإسلامي الحبيب العلامة المرحوم سالم عبدالله الشاطري عميد معهد رباط تريم للعلوم الشرعية، وواصل إلقاءها من بعده الحبيب العلامة علي المشهور بن محمد بن سالم بن حفيظ رئيس مجلس الإفتاء الشرعي بتريم مدير معهد دار المصطفى للدراسات الإسلامية بتريم، حفاظاً عليها وعلى الاستفادة منها، والحفاظ على استمرارها وإقامتها دليل على الاقتداء بمؤسسها الشيخ العلامة عبدالله المحضار الذي أسسها قبل حوالي مائة عام، ومازالت قائمة حتى اليوم.

الموشحات الدينية بألحان جديدة
ومن عادات ومميزات مساجد الغنّاء أيضاً تعدد صلاة التراويح، من حيث أوقاتها، ففي كل ربع ساعة تقام في مسجد معين، وتبدأ من الساعة الثامنة مثلاً في المسجد الأول، وتستمر تباعاً بعد كل ربع ساعة في المسجد الآخر، وهكذا تستمر هذه الصلوات حتى بعد منتصف الليل، حيث تكون آخر صلاة الساعة الثانية بعد منتصف الليل في مسجد الجامع وتنتهي الساعة الثالثة فجراً.

ومن عادات أبناء تريم كذلك ترديد الأهازيج أو ما يسمى بـ “الموشحات الدينية” بعد صلاة التراويح، وتكون بأصوات وألحان جديدة ومعظمها تتضمن مدح النبي صلوات الله عليه وسلامه، وخلال ترديد هذه الموشحات يوزع على الحضور الماء البارد وتُرش عليهم العطور، والمشي في أوساطهم بالبخور، وهذه العادة ما تزال موجودة ومستمرة حتى الآن، ويتم القيام بها في معظم مساجد تريم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى