في ظلال آية

> «الأيام» خاص

>
قال تعالى: ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾ [لقمان: 29].
سبحان ربي العظيم، إنَّ الله يُعطينا من آياته ما يدلُّ على قدرته ووحدانيَّته، دليلاً وراء دليلٍ، ويخاطب فينا العقل والفؤاد والأبصار؛ لعلَّنا نَعقِل أو نُفكِّر، أو نَرَى.

فهذه آيات لا يَعقلها إلا َّذَوُو الألباب، أو الأفئدة الصافية، أو الأبصار التي ليس عليها غِشاوة،
وفي هذه الآية الكريمة يُعطينا دليلاً يراه ذَوُو الأبصار كلَّ يوم؛ ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ ﴾.

فعلى الرغم من أنَّ الليل والنهار طولهما معًا أربع وعشرون ساعة، لا يزيد دقيقة واحدة، فإننا نرى الليل والنهار يتساوَيان في عدد ساعاتهما أحيانًا، كما نرى أنَّ الليل يزيد في طوله تدريجيًّا على حساب ساعات النهار، فيطول عنه كثيرًا، وبالتالي تنقص ساعات النهار في بعض فصول السنة، ثم نرى الليل يتناقص تدريجيًّا، وتزيد ساعات النهار على حساب ساعات الليل، فيطول عنه كثيرًا، وبالتالي تنقص ساعات الليل في بعض الفصول الأخرى، إذًا، فما الحكاية؟ وما الآية؟
الآية: إن الله يولِج الليل في النهار؛ أي: يُدخل الليل في النهار، ويأكل من ساعاته، ونرى الليل يَزحف على النهار.

ويَلِج فيه (يدخل)، فترى الفجر مثلاً في الساعة الثالثة، ويتقدَّم ويتقدَّم؛ حتى يصلَ إلى الساعة السادسة صباحًا تقريبًا، وهذا ولوجُ الليل في النهار شتاءً.

كما أنه يولِج النهار في الليل، فيأكل النهار من زمن الليل ومساحته، فنرى المغرب مثلاً في الساعة الخامسة مساءً، ويتقدَّم ويتقدَّم؛ حتى يصل إلى الساعة الثامنة تقريبًا؛ وهذا هو ولوجُ النهار في الليل صيفًا، وفي أثناء ولوجهما بعضهما في بعض، يزيد هذا ويَقصر هذا؛ حتى يتساوَيان، فيكون فصل الربيع أو فصل الخريف، يأتي فصل الربيع حين يَلِج النهار في الليل، أو حين زحف النهار على الليل، ويأتي فصل الخريف حين يَلِج الليل في النهار، أو حين زَحفه عليه.

ومن آياته الظاهرة لكلِّ عينٍ، أنه سَخَّر لنا الشمس والقمر اللتين حقَّقتا معجزة ولوج الليل في النهار، وولوج النهار في الليل، فتراهما مُسَخَّرين لتحقيق هذه المعجزة بانتظام دقيقٍ، لَم تتخلَّف عنه، ألا ترى أنَّ أهل الفلك ضبَطوا تقويم شروق الشمس وغروبها مع هذا الولوج - من الليل في النهار، أو من النهار في الليل - بدقَّة مُتناهية، أليس هذا هو التسخير المعني في الآية الكريمة؟
إنه تسخير إلى أجلٍ مسمًّى يَعلمه الله - سبحانه.
وأنَّ الله بما تعملون خبير، ألا يَعلم مَن خلَق؟ بَلَى، إنه العليم الخبير، فهل في ذلك آيات لأُولِي الألباب؟​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى