«يا نفس ما تشتهي».. يوم صنعاني لاستقبال شهر رمضان

> تقرير/خاص

>
طقوس اعتاد الناس عليها منذ القدم..
اعتاد سكان صنعاء والمناطق المحيطة بها على إقامة طقوس اجتماعية مع بدء حلول شهر رمضان الفضيل من كل عام، هي أقرب ما تكون شبيهة بعادات عيدي الفطر والأضحى، حيث يجتمع فيها الأهل والأحباب مع تناول ما لذّ وطاب من مأكولات شهية وحلويات ومشروبات ساخنة وباردة.
طقوس توارثها سكان صنعاء وغيرها من المناطق كعادة شعبية لوداع أيام الفطر، والتي غالباً ما تكون في يوم 29 من شهر شعبان، فيما يبدؤها آخرون من يوم 25 من ذات الشهر.

عادة متوارثة
وتسمى هذه العادة أو اليوم بـ «يا نفس ما تشتهي أو يا نفس ما تشتي»، يتم من خلالها تلبية رغبات كل نفس من مأكل ومشرب وخلافه، وقد جرت العادة لدى أبناء صنعاء في الأيام الأخيرة من شعبان بأن يقوم الجيران بتبادل أنواع المأكولات الشعبية والحلويات والتهاني أيضاً بمناسبة حلول شهر رمضان.
يقول الحاج علي قاضي، من سكان صنعاء القديمة: «هذه العادة متوارثة من الآباء والأجداد، إلا أن طقوسها لم تعد كما كانت عليه من قبل، لما طرأ عليها من تحديث وتطور ملفت، كإضافة العديد من المأكولات والأطعمة الشهية الشرقية ليوم «يا نفس ما تشتهي»، وأخرى شعبية أبرزها بنت الصحن والسوسي، والسلتة والفحسة.. وغيرها».

ووفقاً لحديث الحاج علي لـ «الأيام»، فإن «هذا اليوم ليس خاصاً لتناول الأكل والشرب فقط، كما قد يتبادر إلى أذهان بعض الشباب، بل له علاقة بجوانب اجتماعية ودينية أيضاً كالالتقاء بالأهل والمحارم والأقارب.

الاجتماع مع الأهل
الحاجة تقية، بائعة خبز في حي باب السباح، وهو أحد الأبواب التي تشتهر بها صنعاء القديمة، تحدثت عن يوم «يا نفس ما تشتهي»، تقول: «نقوم نحن النساء في هذا اليوم بالاجتماع في مجلس إحدانا، فيما يجتمع الرجال في بيت آخر، وبعد إعلان رؤية هلال شهر رمضان، يذهب الرجال إلى المساجد لتأدية صلاة التراويح وقراءة القران، فيما تذهب النسوة إلى حمام البخار التقليدي».
هذه المناسبة ليس حكراً على أبناء صنعاء وحدهم بل يشارك الصنعانيين العدنيون أيضاً والتعزيون، فهناك مثلاً سمر أحمد إحدى بنات عدن، والتي تسكن مع عائلتها في صنعاء، أبدت اهتماماً بهذا اليوم وتميزه عن الأيام الأخرى.

وتبيّن من حديث سمر لـ «الأيام» بأن عادة «يا نفس ما تشتهي» ليست منتشرة في عدن، ولكنها أخذت هذه الفكرة من خلال تعايشها وأسرتها مع أسر صنعانية لأكثر من سبعة أعوام، غير أنها أكدت أن هذه المناسبة تلتقي مع ثقافة عدنية وهي اجتماع الأهل والأصدقاء على مائدة واحدة في آخر يوم من شهر شعبان.
ولفتت أنها تشارك الأسر الصنعانية أكلاتها الشعبية مثل بنت الصحن والسوسي وغيرها، إلى جانب إعدادها أكلات عدنية كالزربيان وغيرها من الحلويات لتقدمها لجيرانها.   

ظروف صعبة
وأوضح المواطن، أمين الحيمي، بأن الحرب الدائرة في البلاد، والتي دخلت عامها الخامس، أثرت كثيراً على عادات الناس في الاحتفال بمثل هذه المناسبات، نتيجة الظروف المعيشية الصعبة وانقطاع الرواتب على الموظفين.
وأضاف في حديثه لـ «الأيام»: «كنا بعد الانتهاء من إعداد وجبة الغذاء والحلويات في البيت، نخرج بنزهة إلى إحدى المناطق القريبة من صنعاء أو الذهاب إلى الحدائق والمتنزهات مع الأسرة والأصدقاء، لكن اليوم لم يعد هناك رغبة لأي شيء، ولم يعد هناك إمكانية حتى للأكل والشرب وتلبية الرغبات كما كان، ففي الوقت الحالي بالكاد يستطيع المواطن في صنعاء تلبية الحد الأدنى من متطلباته واحتياجاته اليومية، نتيجة لسياسة التجويع من قِبل ميليشيات الموت الحوثية».

وأتى شهر رمضان هذا العام في ظل أوضاع اقتصادية وإنسانية سيئة وارتفاع جنوني في الأسعار للمواد الغذائية واستمرار أزمات الغاز والمشتقات وغيرها، الأمر الذي يجعله أكثر مأساوية من الأعوام السابقة.
ففي رمضان هذا العام، هناك شبه إجماع بين مواطني صنعاء ذكوراً وإناثاً، عن اشتهاء شيءٍ مغايرٍ لما اشتهوه طوال الأعوام الماضية، فالكل يتمنى السلام، فالسلام وحده من سيعيد لهم الأمن والأمان والسكينة المفقودة، وفي عموم البلاد يتوق المواطنون إلى التعايش والوئام والسلم، والتخلص من التخوين والتصنيف المقيت والمفسد لأجواء الأسرة الواحدة..​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى