التغيير الإستراتيجي المرتقب في اليمن.. كيف ننقذ وطنا ولو بكلمة؟

> د. باسم المذحجي

>
د. باسم المذحجي
د. باسم المذحجي
أولوية أي مرحلة تقتضيها طبيعة المرحلة، وبالتالي إذا كان لها نجاحات فيجب تطويرها، أما إذا ثمت من إخفاقات فلابد ويتم تجاوزها، وقد سبق لي نشر انتقاد علني عنيف وإستراتيجي ضد جماعة الحوثي الميليشياوية الإرهابية المدعومة من إيران تحت عنوان «كيف رأى الإستراتيجيون الشأن اليمني؟»، بالفعل نشر على منصة ساسة بوست بشكل حصري ثم نشر اليوم التالي في صحيفة «الأيام» اليمنية ذائعة الصيت.

نقد الشرعية من منظور أخلاقي
حالياً فهذا العمل يقدم نقد للشرعية في اليمن من منظور أخلاقي، خصوصاً بعد مرور أربع سنوات من عمر الانقلاب في اليمن. مع الأسف الشديد فالحكومة الحالية، ومن خلفها تتمرس السلطة الشرعية، لم تعد تدرك تمام الإدراك المرحلة التاريخية التي يمر بها الوطن وحجم التحديات الداخلية والخارجية التي تواجه أبناء وبنات الوطن، ومدى الحاجة إلى استعادة الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة التي تراجعت بشكل مخزٍ نظراً للارتهان لنخب فاسدة وذات سجل وصفحات جنائية سيئة، بالإضافة إلى إعادة تدوير للمناصب الوزارية، ومنحها بدون مسئولية من قِبل قيادات السلطة الشرعية؛ بل لم تعد تدرك الحكومة ومن خلفها السلطة الشرعية حجم الكارثة التي تسببت بها بعد أربع سنوات، وذلك ثابت بتصريحات وزير الدفاع محمد علي المقدشي، فيما نصه: بأن إجمالي القوة الفعلية العسكرية الموجودة على أرض المعركة تقدر بـ 30 %، بينما الـ 70 % عدم أو وهمي أو بعبارات أدق «مخلوقات فضائية» تتقاضى أجوراً ومرتبات في المنازل وغائبة عن الثكنات ومواقع التماس والاشتباكات.

هل يعقل بأن عبدربه منصور هادي لا يدرك هكذا حقيقة؟ وماذا عن نائبه الجنرال علي محسن صالح الأحمر؟
وعندما يتحدث بهذا الحديث وزير الدفاع، والذي كان هو المسئول عن تجميع وحدات الجيش وبنائها منذ كان في رئاسة هيئة الأركان للقوات المسلحة اليمنية، ثم عيّن مستشارًا عسكريًا لفخامة الرئيس عبدربه منصور هادي ليتم تعينه لاحقًا وزيرًا للدفاع، علماً بأنه كان قائد المنطقة العسكرية السادسة غداة فترة الانقلاب المشؤوم، فما هو التفسير المنطقي للواقع يومنا؟
كل دراسات وتحليل ردود أفعال المواطنين قبل المختصين في الشأن اليمني تجمع بأننا أمام سلطة شرعية فاشلة تؤمن فقط بالمصالح وتأمينها وسط فوضى الصلاحيات اللامسؤولة.

المسئولية الوطنية في بلدنا اليوم لابد تشمل الجميع وعلى حدٍ سواء جغرافياً وديموغرافياً، وعدم تهميش أي أحد، والشفافية في كل الإجراءات التنفيذية.
أولاً: نقد الحكومة وتهمة الشعبوبة
كما هو معروف دولياً بأن أي دولة في العالم تستند إلى المبادئ التوجيهية التالية:
1. ضمان الأمن والاستقرار للوطن والمواطن.
2. مبدأ الأمن الاجتماعي.
3. مبدأ الشفافية والمساءلة وضمان النزاهة.
4. مبدأ المشاركة والحوار.
5. مبدأ التوزيع العادل للدخل.
6. مبدأ التكافل الاجتماعي.
7. مبدأ استمرارية عملية الإصلاح.
الملاحظ بأن هذه السلطة الشرعية، ومن أمامها الحكومة، لم تقدم وثيقة الأولويات، والتي لابد تحدد بسقف زمني لا يتجاوز سنتين، ثم تترجم هذه الأولويات إلى إجراءات ومشاريع ومبادرات محددة وواضحة، وبات ملح عزلها ووضع حد لها لأن ليست سوى شبكة مصالح ومنتفعين باسم السلطة الشرعية.

ما المطلوب اليوم من البرلمان اليمني وفقاً للدستور والقانون؟
نحن اليمنيين نتوجه إلى رعاة المبادرة الخليجية والبرلمان اليمني بأن يتم تعيين مجلس الأمن الوطني عبر توصيف وظيفي «تكنوقراط» من ثمان حقائب وزارية ليدير شؤون البلد عبر وثيقة أولويات وطنية، ويتم إعفاء رئيس الجمهورية ونائبه من أي مهام وصلاحيات دستورية، والأهم من ذلك تحديد آليات مناسبة لمشاركة أكبر قدر من المواطنين في السلطة عبر ثمان حقائب وزارية وأجهزة تندرج ضمن إطار مجلس الأمن الوطني.
ثانياً: سيادة القانون
هكذا تتضح الأمور بأن البرلمان اليمني سيقوم بتشريع وثيقة مجلس الأمن الوطني التي تلتزم بالأولويات التالية:
1. استكمال تحرير المناطق غير المحررة.
2. توفير الخدمات وتأمين الاحتياجات والإغاثات الطارئة ودفع فاتورة الأجور والمرتبات.
3. تنمية الحياة السياسية وصون الحريات العامة.
4. مكافحة الفساد وتعزيز الشفافية والنزاهة.
5. تعزيز نهج اللامركزية في بناء مؤسسات الدولة.
6. تمكين السلطة القضائية وتعزيز دورها.
7. نشر الثقافة الوطنية وتحقيق المواطنة الفاعلة.
8. بناء أجهزة مكافحة الإرهاب والأمن الوطني والمخابرات الوطنية بكفاءات وطنية ونزيهة.
نتطلع اليوم إلى مشاركة الكفاءات الوطنية في الحياة السياسية وبوجوه وطنية جديدة بعيدة عن إرث الماضي القريب؛ لنبني دولة قوية تستمد قوتها من مؤسسات سياسية قوية، وقوة المؤسسات السياسية تأتي من التزامها بالدستور والقانون من أجل تكون لدينا ضمانات واقعية وعملية في مكافحة الفساد والاختلالات وبناء الثقة من جديد مع الشعب اليمن الذي ما زال واقعاً تحت كارثة الانقلاب.

كيف ننقذ وطناً ولو بكلمة؟
مجال سوسيولوجيا الهوية وجدليات الوعي هي أهم ركائز بناء معنى الوطن، فاليمن بلد يحتاج إلى إزالة الكتل الكونكريتية التي تقف بقصد، أو بدون قصد في طريق استعادة الدولة.
هناك تفاصيل كثيرة نتفق عليها بأن اختيار القادة لابد ويستند إلى صلابة قواعدهم الشعبية والإستراتيجية المهنية، والقدرة على تجاوز الصعاب التي تمر بها اليمن، وقبول المجتمعات المختلفة بتمثيلها بما يضمن مصالحها، وبالتالي استحضار الكتلة التاريخية الوطنية يعد قالباً جيداً لكنه لن يكون مجدياً على المدى البعيد.

في الواقع، وبكل صدق، فاليمن تحتاج إلى غاية بناء إستراتيجية لاحتواء الاستفزاز المناطقي والمذهبي المزدوج والمشفوع بالحزبية اللامسؤولة في اليمن.
الفكرة التي أريد تقديمها بأن اليمن تحتاج إلى قائد جديد يستطيع التأثير على الجميع بالأقوال والإدارة والتخطيط دون الإضرار بأحد، وفي ذات الوقت يحسن إدارة البلد لتخرج من حالة الفوضى والاحتراب.

نحن نحتاج إلى بناء إستراتيجية الشخصية الديمقراطية، وبعث لروح السيسيولوجية الاجتماعية الوطنية التي تتصدى لكافة المشاريع الإقليمية في اليمن بدون الإضرار بأيٍ كان من داخل اليمن أو خارجها.

التغيير السلمي للسلطة
استلهمت الفكرة من نموذج كيرت لوين لإدارة التغيير، والذي يقسم التغيير إلى ثلاثة أنواع:
1. القوة المقاومة للتغيير.
2. القوة النافعة باتجاه التغيير.
3. القوة الدافعة باتجاه التغيير.
كذلك تشكلت لدي قناعة ولقطاع كبير من اليمنيين بأن التغيير الذي حدث في 2012 كان تغييراً أعمى ولأثبت صحة كلامي فالنائب البرلماني صلاح باتيس في 2 مايو 2019 يطالب بعودة كل قيادات الدولة إلى اليمن، والتي غابت لأربع سنوات بالتمام والكمال.
بيت القصيد هنا بأننا لم نعد نحتاج في اليمن إلا لثلاثة قوى نافعة ودافعة باتجاه التغيير، وهي كالتالي:
1. رئاسة برلمان تسهم في إزالة الكتل الكونكريتية التي تعيق خروج اليمن من وضعها الحالي والكارثي والقوة الأولى تم انتخابها في سيئون حضرموت في الجنوب العربي.
2. نائب رئيس تنقل إليه كل صلاحيات رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي، ونائبه الجنرال علي محسن صالح الأحمر.
3. مجلس الأمن الوطني، الذي يحل بدلاً من الحكومة التي تشكلت في عهد د.أحمد عبيد بن دغر وانتهت بـ د.معين عبدالملك.
لذلك فمنطلقي في التغيير السلمي مبني على ثقتي بأن رئيس الجمهورية ومستشاريه ونائب رئيس الجمهورية والوزراء وكل القيادات في الحكومة الشرعية؛ ليسوا إلا في مربع القوة النافعة باتجاه التغيير واتجاه القوة الدافعة للتغيير.
يبدأ مقترح التغيير الإستراتيجي المرتقب في اليمن عبر نقل صلاحيات رئيس الجمهورية، وبدوري أقدم هذا المقترح إلى رئيس البرلمان اليمني ونوابه وكذلك إلى رعاة المبادرة الخليجية في اليمن، وهذا المقترح الذي سيمهد الطريق إلى تغيير جذري في قيادة الدولة وتشكيل مجلس الأمن الوطني في اليمن عبر توصيف وظيفي نزيه مهني وكفاءات وسجل وطني محترم.
تتضح الفكرة بأن البرلمان اليمني، ومن خلفه رعاة المبادرة الخليجية، مطالب بإجراءات قانونية ومنسقة لتسمية شخصية وطنية جديدة تنقل إليها صلاحيات رئيس الجمهورية، وفي ذات الوقت تسمية شخصيات مجلس الأمن الوطني، والذي لابد لها تتشكل من الوزارات والأجهزة التالية:
1. جهاز مكافحة الإرهاب.
2. وزارة الدفاع.
3. وزارة الداخلية.
4. وزارة العدل.
5. وزارة المالية.
6. جهاز الأمن الوطني.
7. جهاز المخابرات الوطني.
8. وزارة الخارجية.

مقترح شخصية وطنية لتسيير المرحلة القادمة في اليمن
نحتاج في اليمن إلى شخصية وطنية وعالمية مرموقة، ومقترحي هذا بناء لقاء شخصي مع هذه الشخصية محل هذا الاقتراح في فندق تاج سبأ بالعاصمة صنعاء قبل الانقلاب. لقد كان لقائي بخصوص المحامي أحمد النهاري الذي رشحني لديه لشغل منصب رئيس جمعية الصداقة اليمنية الكورية الجنوبية، لكنني لم أركز على فكرة المنصب بقدر ما ركزت على طريقة قراءة هذا الرجل للواقع اليمني، ودرايته الإستراتيجية وعلاقته بشبكة الاستثمار العالمي، وكيف أنه بسيط ومتواضع للغاية رغم أنه رونق وأتيكت أجنبي، فضلاً على أنه يرتبط بعلاقات جيدة مع كل فئات المجتمع اليمني، وفوق ذلك فلديه تشبيك واتصال دبلوماسي غير عادي.

الرجل الوطني محط الحديث هنا، يمتلك أفكاراً وقدرات على التخطيط والإدارة في الجانب المدني والعسكري والمجتمعي والاستثماري دون اكتراث للانتماء الحزبي، وهذا ما تحتاجه اليمن، حيث سبق وشغل منصب مستشار رئيس الجمهورية لشؤون الخدمات الطبية العسكرية، بالإضافة إلى كونه سبق وشغل منصب وزير الصحة.
حديثي عن صاحب رؤية إنقاذ محافظة عدن وسفير اليمن السابق في كندا البروفيسور الجراح عبدالله عبدالولي ناشر.

*باحث إستراتيجي يمني في مجال تطوير البلدان

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى