"الكوبار" بحضرموت.. موروث شعبي واحتفالية رمضانية بهيجة

> تقرير/ خالد بلحاج

> شهر رمضان الفضيل مليء بالعادات والتقاليد الشعبية التي دأب عليها أبناء محافظة حضرموت كتقليد سنوي خلال هذا الشهر، وفي منطقة العنين بمديرية القطن يحرص أبناؤها على إقامة حفل "الكوبار" السنوي كموروث شعبي واحتفاليات رمضانية يشارك فيها كافة أبناء المنطقة في ليلة السابع والعشرين من رمضان، كتقليد سنوي يُحتفى به من كل عام، حيث يحتشد الآباء وأولادهم في هذه الليلة إلى ساحة منزل المقدم سالم جمعان جوف القائم على هذه الاحتفالية.

ما هو الكوبار؟
يقول المقدم سالم جوف، القائم على هذه اللعبة: "إن لعبة الكوبار هي إحدى الألعاب الشعبية القديمة التي يمارسها الأطفال منذ زمن الأجداد، حيث كانت والدته والأخ سهيل مبارك باسيف، رحمة الله عليهما،  يقومان بالإشراف على هذه اللعبة"، مضيفاً: "إن هذه الاحتفالية تقام تزامناً مع ختم المسجد الجامع وليلة التفطير، حيث يتوافد على المنطقة كافة أبناءها لحضور موائد الإفطار عند أقاربهم، وفي العادة ترجع تسميتها بهذا الاسم، لتوديع البنات المشاركات في هذه اللعبة لهذا العام، وتعذر لعبها في العام القادم لكبر سنهن فيه، واسم (كوبار) هو مشتق من لفظ (كبار)".
 

طقوس هذه الاحتفالية
بعد صلاة العصر من ليلة السابع والعشرين من رمضان، يتجمع الأطفال (البنات خصوصاً) ما دون العاشرة من العمر في الساحة الكبيرة بالمنطقة وهن يردتين أجمل الثياب ويحملن بأيديهن حقائب صغيرة وسلال بداخلها بعض من الحلويات، ويرددن أهازيج بألحان جميلة وسط حضور جمع من الشباب والشيوخ والنساء قائلات: "(كوبار كوباري..  كوبار كوباري) (حقي وحق أختي.. حقي وحق أختي) (قد قلت يا ماما.. قد قلت يا ماما) (هاتي هديتنا.. هاتي هديتنا) (قد قالت في الشنطة.. قد قالت في الشنطة) (لي جاء بها بابا.. لي جاء بها بابا) (حلوى وباطاسة.. حلوى وباطاسة) (في البحر نكاسة.. في البحر نكاسة) (كاكاو بأنواعه.. كاكاو بأنواعه) (والحامض الغالي.. الحامض الغالي) (جابوه من شأني.. جابوه من شأني) (ولبست فستاني.. ولبست فستاني) (وأصبحت أمورة.. وأصبحت أمورة) (حلوة في الصورة.. حلوة في الصورة) (وأمسكت عيدية.. أمسكت عيدية) (أوراق نقدية.. أوراق نقدية) (هذي عوايدنا.. هذي عوايدنا) (في يوم فرحتنا.. في يوم فرحتنا)"، ويستمر الأطفال في ترديد تلك الأهازيج حتى نهاية الحفل، وفي الختام يقوم الأطفال بفتح كل منهم حقيبة الآخر ليرى ما بداخلها من حلويات وهم مبتهجون ومسرورون.


ويؤكد العم سالم أنهم سيحافظون على هذا التقليد ليتوارثها الأجيال، كما ورثوها عن أجدادهم، وليظل تقليد سنوي وإن اختلف على ما كان عليه في السابق باختلاف المكان والزمان.

أجواء روحانية
وتحدث لـ "الأيام" المواطن أحمد عمر عن هذه الفاعلية بالقول: "نحتفل بهذه الفعالية الجيدة بشكل سنوي كموروث شعبي منذ القدم، وهي نمط شعبي من العادات والتقاليد التي تمارس في هذا الشهر الفضيل، يشارك فيها جميع أهالي المنطقة، حيث يدفعون بأطفالهم للمشاركة فيها وإحيائها. نأمل أن تظل هذه الفعالية البهيجة على مر الأزمان، وأن يحافظ عليها الأجيال من بعدنا".


وأضاف ماهر مصعوف: "أعتز كثيراً وأفتخر بأبناء منطقتي وأطفالهم، وأنا أشاهدهم ينصهرون في بوتقة واحدة لإنجاح هذه الفعالية التي تقام في ليلة السابع والعشرين من هذا الشهر، والتي تربط حاضرهم بماضيهم، الماضي الذي خلّده لنا الأجداد بكل ما فيه من عادات وتقاليد شعبية يزهو بها الشهر الفضيل لذا كان لزاماً علينا الوفاء لهم بالمحافظة على هذا الموروث".


فيما قال محمد علي: "(الكوبار) احتفالية رائعة، وفي الحقيقة أهالي هذه المنطقة يذهلون الجميع من خلال حفاظهم على كل موروث شعبي، وها نحن نقترب من الاحتفال بهذه الليلة الرمضانية الروحانية البهيجة، وبإذن الله سنشاهد الإبداع والتألق من القائمين على هذا الموروث، وكذا فرائحية الأطفال وتغنيهم بالأغاني الجميلة التي يمتد تاريخها إلى مئات السنين، فهنيئا للجميع، ودامت هذه المنطقة رائدة للموروث الشعبي بكل مسمياته".

ويأمل الأهلي والمهتمون بإحياء التراث والموروث الشعبي من الجهات ذات الاختصاص تقديم الأفكار لتطوير هذه الاحتفالية والحفاظ عليها كونها موروثاً شعبياً لتاريخ وعراقة وهوية الإنسان الحضرمي.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى