د. باسم المذحجي
د. باسم المذحجي
المتفق عليه عند الباحثين الإستراتيجيين والمتتبعين للشأن اليمني أن جماعة الحوثي في اليمن تحقق شروط الطائفية الميليشاوية؛ والمتمثلة باللعب على التناقضات الاجتماعية وتحول الديموغرافيا بالتدريج لصالح المشروع الطائفي، وتسعى دومًا لتقاسم مؤسسات الدولة أو تعطيلها؛ ليتزامن ذلك مع تفعيل دائرة الانشطار الثقافي عبر إنشاء مدارس وحوزات وجامعات تروج للنشاطات الطائفية، وليس فقط في الجامعات الحكومية كجامعات صنعاء، وذمار، وإب، بل قامت بإنشاء جامعة 21 سبتمبر للعلوم الطبية والتطبيقية التي ظاهرها تخصصات علمية، لكنها من وراء الكواليس تقدم وسيلة لإذابة العقول اللاطائفية في محاليل الطائفية.

في العادة الطائفة الميليشاوية تم صناعتها عبر مراحل مفصلية ومناطقية وعائلية وشخصية، تترتب على النحو التالي: الطائفة - العائلة - المنطقة - القرية.
وهذا النموذج جليّ في اليمن، فلدينا منطقة اسمها حوث تشكلت منها عائلة بدر الدين الحوثي وأقاربهم، وتركزت في شمال الشمال اليمني، وتوسعت نحو بقية مناطق الشمال والوسط والغرب، وكلها بالمجمل تندرج ضمن الاثنى عشري لملالي طهران، وذلك ضمن إطار ديني عريق يسمى أسر وعائلات آل البيت الطهار لفاطمة الزهراء وولديها الحسن والحسين، أحفاد الرسول محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم.

وهكذا تم بلورة خلطة ثقافية وأيديولوجية تم صبغها بالسياسية عبر ما يسمى بالمجلس السياسي الأعلى واللجان الثورية لتكتمل هكذا صناعة، وتراهن على إذابة الجميع في هكذا خلطة لتصبح هوية، ويبقى الصراع محصوراً في الفوارق الثقافية ما بين الأنا والآخر داخل المجتمع اليمني.
بالفعل لقد استحدثت جماعة الحوثي قطاعاً نسائياً ليكون ذراعاً إيرانية متقدمة لنشر المذهب الاثنى عشري في اليمن.

البضاعة الطائفية في اليمن
نحن اليمنيين لم نكن نعرف البضاعة الطائفية، لكننا بعد 21 سبتمبر 2014 عرفنها بالهتافات الممثلة بالصرخة التي تقول: "الموت لأمريكا - الموت لإسرائيل - اللعنة على اليهود - النصر للإسلام"، واتضحت بأنها تهتف بالموت للشعب اليمني ولجيرانه من دول الخليج، وتكشفت الحقائق بأن المظلومية الحوثية تخفي خلفها مشروعاً عابراً للحدود وأجندات للقتل والتقتيل والدمار والنزوح والتهجير والتشريد والتجويع والاعتقال التعسفي والإخفاء القسري، وكلها بضاعة نشر ثقافة الموت في كل مكان في اليمن.

كيف انتسب للحوثية في اليمن؟
لستُ بصدد الحديث عن الانتساب المؤقت الذي يمليه واقع الحال؛ لكن الحديث هنا عن شروط الانتساب الموثوقة، والتي تجعل صاحبها محل ثقة ومباركة صناع القرار في الحوثية.

أهم شرط وهو الأساس بأن تكون شاركت في واحدة أو كل حروب صعدة السابقة التي شنها المتمردون الحوثيون ضد الجيش الوطني في صعدة وعمران. وفي حالة لم تكن ضمن هذة الدائرة الضيقة، وهذا الشرط لم يتحقق كونه صعب المنال، فلا تزال لديك فرصة مواتية لتصبح حوثياً إذا حققت الشروط التالية:

1 - تقديم قرابين من الأقارب، بمعنى لابد وتكون ضحيت أو فقدت ابنك أو أباك أو أخاك، وهذا ما فعله أمين العاصمة صنعاء، حمود عباد، ولا ينطبق على رئيس البرلمان اليمني السابق يحيى الراعي، والذي فقد أحد ولديه بغارة لطيران التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، ويعزو ذلك لأن الراعي لم يقدم أبناءه طوعية كما فعل حمود عباد؛ بل فرضت عليه.

2 - تجهيز ما لا يقل عن ثلاثة مجاهدين بالمال والعتاد يعد شرطاً لتنتسب للحوثية وتكون محل ثقة، وهذا الشرط لا يتحقق بنجاح إلا وسبق لك الاشتراك في المعارك وزيارة جبهات القتال.

يتضح جليا بأن المتواجدين في صنعاء في البرلمان أو الحكومة أو المجلس السياسي الأعلى ضمن إطار كبير يسمى سلطات الأمر الواقع الانقلابية الحوثية ليسوا حوثية ولا محل ثقة، وعلى رأسهم قاسم لبوزة، وسلطان السامعي؛ بل أوراقاً مرحلية يتم الاستفادة منها حتى تنتهي تواريخ صلاحياتها، وهذا أخطر ما في الحوثية.
* باحث إستراتيجي يمني في مجال تطوير البلدان.