إرهاب الحوثي وحروب إيران بالوكالة

> إميل أمين

>
حين تعلن جماعة «أنصار الله» (الحوثية) عن «أن القوة الصاروخية التابعة للجماعة أطلقت صاروخاً من نوع كروز على مطار أبها، وأن الصاروخ أصاب هدفه بدقة»، فإن هذا البلاغ لا يعني سوى أمر واحد، وهو أن إيران بدأت بالفعل حروبها بالوكالة في المنطقة، وأن طهران تعلن للقاصي والداني ما تمتلكه من أسلحة شر ودمار، في الوقت الذي يتحدث فيه البعض عن التهدئة وتخفيف التوتر العسكري ما بين واشنطن وطهران بنوع خاص.

يحق للمرء أن يتساءل منذ متى كان للحوثي قوة صاروخية؟
المقذوف الذي أصاب مطار أبها وتسبب في إصابة العشرات، لاسيما من الأطفال، يمثل مرحلة خطيرة ونقلة نوعية قاتلة من الاعتداءات الحوثية، والتي تدخل ضمن سياقات جرائم الحرب قطعاً وقولاً واحداً، فنحن أمام صاروخ «كروز» وهو الاسم العلمي لما نسميه بالعربية «الصاروخ الجوال»، وهو المقابل للصاروخ الباليستي من حيث المفهوم العسكري أو الفيزيائي العلمي.

عدة ملاحظات ينبغي التوقف أمامها، مع هذا التغير الكمي والنوعي في المواجهة مع الإرهاب الإيراني عبر الأذرع الميليشياوية الحوثية، وفي المقدمة منها أننا أضحينا أمام إرهاب إيراني عابر للحدود، ومهدِّد حقيقي للأمن والسلم الدوليين، ولم تعد المملكة العربية السعودية أو دولة الإمارات العربية المتحدة، هي فقط الأهداف المرصودة من قبل الملالي، بل أضحت الصواريخ الإيرانية خطراً محدقاً بالعالم برمته، وفي المقدمة تأتي دول أوروبا التي لا تزال تحاول فتح طاقات وكوى للحلول السلمية مع الإيرانيين، وتغفل أو تتغافل عن الكارثة القائمة والقادمة، وربما يذكرها صاروخ أبها الجبان، بصواريخ هتلر التي دكت المدن الأوروبية من فوق رؤوس الأوروبيين طوال سنوات الحرب العالمية الثانية، ولولا الدور الأمريكي في الحرب، لكان النازي قد توصل إلى سلاحه النووي المحمول على صواريخه، ولما كان أحد قد استطاع أن يوقف مده الإرهابي الرهيب.

كارثة ما يجري من قبل الحوثي اليوم، هي أننا إزاء امتلاك ميليشيات فوضوية وإرهابية لسلاح عالمي، لا يعرف أحد إلى من سيوجه في الغد، كما أن دقة التصويب هذه المرة، تؤكد وبجلاء منقطع النظير أن هناك من يدعم هؤلاء بخبرات تكنولوجية متقدمة لا قبل لهم بها.
قبل شهر أو أكثر قليلاً كانت الضربات عبر الطائرات من دون طيار على منشآت «أرامكو»، وبعدها الهجمات المختلفة على جازان ونجران، التي تعد تصعيداً متعمداً ومقصوداً، ووراء هذه الهجمات أهداف ورسائل لا تخطئها العين، توضح مقدار الشر الكامن في نفوس وعقول أصحاب الحرب الأصلية، أولئك الذين يحركون أطرافهم الميليشياوية كإنذار وتحذير، في محاولة لدفع ميدان المعركة بعيداً عن القلب، في فهم مقصود لمبدأ «المراكز والتخوم».

من يصدق من جديد أن الحوثي طرف يمكن الاعتداد بأي تفاهمات سلمية معه، أو يثق بأي تعهدات يلتزم بها، وهو على هذا النحو من الإرهاب المنظم والممنهج والمدعوم إيرانياً؟
قرار الحوثي ليس في اليمن، إنه هناك في طهران، حيث يوجد آيات الله المنحولون أصحاب الأمر والنهي، ومن يشير علينا بغير ذلك هو غافل، لاسيما أنه منذ اتفاق الهدنة في ستوكهولم تم رصد نحو خمسة آلاف خرق من قبل تلك الجماعة، وبات واضحاً أنها تستغل موقعها وموضعها المسيطر على ميناء الحديدة، من أجل تهريب أنواع خطيرة من الأسلحة، وبنوع خاص الصواريخ البعيدة المدى، بكافة أنواعها وأشكالها، ومن دون أن تجد رادعاً دولياً، أو إدانة وتضييقاً يتسقان وإجرامها المعهود.

مثير وعجيب موقف الأمم المتحدة الماضية قُدماً في دعم المبعوث الدولي جريفثس ليكمل مفاوضاته، معتبراً الحوثي طرفاً شرعياً في مقابل حكومة البلاد الأصلية، رغم أن يوماً تلو الآخر يتبين له أن الحوثي جماعة مارقة خارقة، ما يجعل المرء يكاد يشك في نية الهيئة الأممية ومقاصدها مما يجري في اليمن وما حوله، وما الذي تريده على وجه الدقة!
قبل أيام كشف البريطانيون عن عملية إرهابية كادت تتسبب بخسائر فادحة في الأرواح في لندن، عملية نوعية أخرى من ترتيب وتدبير أذرع إيران في أوروبا، ومن خلال أتباع «حزب الله» هذه المرة، الأمر الذي يؤكد ما أشرنا إليه أنها حرب إيرانية بالوكالة حول العالم استباقاً للأسوأ القادم على رؤوسها.

الحقيقة المؤكدة أن إرهاب إيران اليوم فاق إرهاب «داعش»، لاسيما أن الأخيرة لم تقم على عمليات عابرة للحدود بأسلحة متقدمة على النحو الذي رأيناه في أبها، ولهذا يبقى من المنطقي موقف الرئيس ترمب الذي أكد مواصلة جيش بلاده تقديم مختلف أنواع الدعم لتحالف دعم الشرعية، بقيادة المملكة العربية السعودية، كما بان جلياً في رسالته منذ أيام إلى الكونجرس.
ما يجري على الأراضي اليمنية فاق كل الحدود، وبلغت مخاطره حداً يبقى الصمت معه إشكالية أكبر، ولعلها اللحظة الحاسمة والحازمة للتحالف الدولي لإنهاء سيطرة الحوثي على ميناء الحديدة بداية، ومن بعدها لكل حادث حديث.

من جديد.. طرح القضايا المصيرية يبدأ من الذات لا من الآخرين.

“الشرق الأوسط”​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى