طلاب يقومون بمهام الطبيب المختص والنتيجة أخطاء توصل للموت (تقرير)

> تقرير/ سليم المعمري

> غياب الدولة وضعف الرقابة أنتجا الفوضى في شتى المجالات بالمرافق الحكومية والخاصة، ولكن ما يحدث في المستشفيات تجاوز الحدود المعقولة، حيث باتت الأخطاء الطبية التي تؤزم حالة المريض وقد توصله إلى الوفاة.
وأصبح العديد من دارسي الطب وحديثي العهد بالتخرج يمارسون مهن الطب المختلفة (طب عام، صيدلة أسنان.. وغيرها) في الكثير من المستشفيات الخاصة والحكومية لعلاج المرضى من دون أن تتوفر لهم أي خبرات سوى المعرفة والوساطة، بل إن هناك من يمارسون مهنة بعيدة عن تخصصهم وعذرهم في ذلك قلة فرص العمل، والضحية الوحيدة هو المريض.

أخطاء
وقال المواطن شمسان أحمد: «تُعد مهنة الطب إنسانية وأخلاقية قبل أن تكون وظيفة؛ كونها تتعلق بحياة أو موت المرضى، وكلما كان الطبيب ماهراً في مهنته وذا كفاءة وخبرة تكون نسبة النجاح والشفاء من المريض عالية بجهود الطيب بعد الله سبحانه وتعالى، والعكس صحيح؛ بل يؤدي إلى ارتفاع الأخطاء الطبية التي قد تصل إلى الوفاة».
وأضاف المواطن عبدالله حزام المعمري بالقول: «يتوجب على المستشفيات أن تعطي الكوادر الجديدة فرصة التطبيق ولكن بإشراف الطبيب المناوب لكي يكتسب الخبرة ويصقل معارفه وليس الإحلال محله».

فيما لفت المواطن عيسى المليكي لـ«الأيام» إلى أن «أخبار الأخطاء الطبية باتت كثيرة»، مستدلاً بحالة طفلة توفيت بسبب قلة الخبرة والكفاءة، ويضيف: «الطفلة تبلغ من العمر ثماني أشهر، أسعفاها أبواها إلى إحدى المستشفيات؛ حيث يتواجد نتيجة لمعاناتها من إسهال خفيف وحمى، ولكن النتيجة كانت كارثية حيث أمر الدكتور المعالج بإعطائها دريب (رينجر) وفي داخله حقنة مضاد حيوي، وبعد نصف ساعة أصيبت الطفلة بضيق تنفس وصدمة حساسية مما أدى إلى وفاتها بسبب هذا الدواء وليس الإسهال الذي تعاني منه».

وتابع: «لقد كان الطبيب مبتدئاً لا يفقه كثيراً ولم يتخرج بعد من كلية الطب، وأمثاله كثيرون يحاولون انتزاع التاج من على رؤوس الأصحاء وتحطيمه بأيديهم، فماذا عسانا أن نقول؟.. تدخل المستشفى برجلك وتخرج فوق الأكتاف».

مهنة استرزاق
د. طاهر السناني
د. طاهر السناني
وأكد الدكتور الصيدلاني طاهر السناني أن الكثير من خريجي التخصصات الطبية كـ «الصيدلة، والتمريض، والطب العام، والأسنان»، يعملون في مجالات طبية ليست من تخصصاتهم، كأن يعمل خريج صيدلاني في قسم الطوارئ، أو خريج أسنان بالتمريض.. وغيرها، وهذا الأمر يعود إلى عدم وجود هيئات رقابية تقوم بنزول دوري للمرافق الصحية الحكومية والخاصة، وعدم توفر فرص عمل في نفس تخصص الخريجين.

د. رمزي القعيطي
د. رمزي القعيطي
وأضاف د. رمزي أحمد القعيطي: «ظاهرة مؤسفة وهذا يدل على ترسيخ مبدأ من (أمن العقوبة أساء الأدب)، فلا وجود لسياسة التخصص وإداراتها بالشكل المطلوب، وأخطر شيء يواجه أي عمل في الحياة هو أن يُراد من خلاله تحقيق أهداف معينة وفق توجه معين هو غياب التخصص، إذ لا يمكن أن تحقق أي منظومة أهدافها وهي لا تؤمن بمبدأ التخصص لاسيما أنه من أهم المجالات الإنسانية، وكما يعلم الجميع أن هناك قسماً لكل من تخرج من التخصصات الطبية يفُصل فيه أنه سيكون في خدمة الإنسان والمرضى في المجتمع الذي ينتمي إليه وفق القانون الكوني والوضعي الذي لا يبتعد عن ما ذكر؛ بل يتماهى بشكل أو بآخر معه، فالكفاءة والخبرة تأتي كنتيجة لمجهود تعليمي وتدريبي أكاديمي منبثق من نظام يحمي ويقنن لكل ذلك، والمجتمع كان على أمل كبير بهذه الفئة لتؤدي دورها بالشكل المثالي المطلوب، ولكن ضعف المرجعية الأدبية وعمق التفكير المادي المحض والمسيطر على المشهد حال ذلك».

ظاهرة مرفوضة
د. محمد السعدي
د. محمد السعدي
من جهته، أكد رئيس جمعية أطباء القلب بعدن والأستاذ بكلية الطب والعلوم الطبية، د. محمد السعدي، أن «هذه الظاهرة مرفوضة شكلاً ومضموناً، وقد سارع بخصوصها الكثير من الأطباء لإشعار الجهات المتخصصة في مكتب الصحة العامة والسكان في عدن ممثلة بمدير عام المكتب د. جمال خدابخش».
ولفت السعدي إلى أن «د. خدابخش يتابع باهتمام هذا الموضوع وقد دعا جميع المستشفيات الخاصة لحضور اجتماع لإشعارهم بأن مكتب الصحة عدن سيتخذ إجراءاته القانونية بحق كل المخالفين للأنظمة».

وفيما يتعلق بمشاركة الخريجين والطلاب في أقسام التمريض والعمليات والصيدليات وهما أقل خبرة وكفاءة، أكد في تصريحه لـ «الأيام» أنها مخالفة للأخلاق الطبية وللقوانين والأنظمة النافذة الخاصة بشروط ممارسة المهنة الطبية والتمريضية والفنية بجميع تخصصاتها، فضلاً عن كونها جريمة مبينة يعاقب عليها القانون؛ لتعريض حياة الناس للخطر، معيداً هذه المخالفة إلى عدم تنفيذ القوانين وحالة التسيب التي تشهدها البلاد ومنها عدن، ولهذا فإن هذه الأخطاء والجرائم والمصائب التي تشهدها البلاد تتطلب إنفاذ المسؤولية الشخصية والجمعية وعلى الجهات الحكومية المعنية أن تتخذ قرارات حاسمة وفقاً للقانون، وعلى المنشآت الخاصة أن تعلم أنها تعرض نفسها للإغلاق وإلى موقف معادٍ من قبل كل المجتمع حفاظاً على حياة الناس.

إساءة للمهنة
د. رمزي عليوة
د. رمزي عليوة
د. رمزي عليوة، محاضر في كلية الطب بجامعة عدن، علّق على الموضوع لـ «الأيام» بالقول: «قبل أن يتم إيفاد هؤلاء للمستشفيات يتم الجلوس مع أطباء متخصصين للمتقدم في العمل بالمستشفى والتأكد من شهادته وأنه أكمل المساقات الدراسية كاملة مع تقييم مستواه العلمي وغيرها، فإن كانت سليمة فلا مانع من العمل، ولكن ليس في أقسام الطوارئ أو الإنعاش مثلاً، وأفضل أن يكونوا تحت المراقبة المتواصلة، وانتشار هذه الظاهرة إن وجدت يعد إساءة للمهنة وخطراً على حياة المرضى، ويتحمل مسؤولية الخطأ المرتكب المستشفى المتعاقد معه، ولا ننسى بأن هناك أطباء حديثي التخرج ولهم إمكانات علمية ومهنية طيبة - وهم ليسوا كثر- تؤهلهم للعمل».

وتمنى عليوة أن تتضافر جهود الجميع لمصالحة تحسين وضع الخدمات الصحية في البلاد من خلال إخلاص مدرس كلية الطب والطالب والمسؤولين كل حسب عمله وموقعه لتقديم خدمات طبية للمواطنين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى