اليوم العالمي للفلافل.. صناعتها مرتبطة بالرجال ومحترفوها يحتفظون بسرها

> «الأيام» بي بي سي

> في اليوم العالمي للفلافل، التي احتفى بها محرك البحث “جوجل” الثلاثاء الماضي، زارت الصحفيتان تالا حلاوة في رام الله، وزينة شهلا في دمشق، محلين لصنع هذه الأكلة الشعبية الشهيرة جداً في كثير من الدول العربية وتحدثتا إلى القائمين على أقدم صناع الفلافل في المدينتين وكانت الحصيلة في ما يلي:
“عيد للفلافل؟ فكرة غريبة. ليش لا؟ نستحق عيداً لنا”، يهز محي الدين رأسه باستغراب وهو يحضّر ببراعة وسرعة عدة سندوتشات من الفلافل، وهي واحدة من الأطعمة الشعبية الأكثر انتشاراً في سوريا، والأقل كلفة.

الخبز أولاً ثم الحمص أو المسبحة الطحينية، ثم أربعة أقراص من الفلافل على كل رغيف، وبعدها المخلل والبقدونس والبصل وقطع الطماطم، وختاماً اللبن والصلصة الحرّة ودبس الرمان حسب الرغبة، وتصبح بعدها سندوتش الفلافل جاهزة للبيع.

السر في البهارات
يعمل محي الدين في محل “ميامي” للفلافل بساحة باب حي توما في العاصمة السورية دمشق، ومعه كل من فيصل عبدالله وأحمد حسين، ولا يتذكر أي من الرجال الثلاثة كم مضى عليهم في هذه المهنة. “عشرات السنين”، يقول العم فيصل الستيني: “فالمحل فتح أبوابه في خمسينيات القرن الماضي، وأنا أعمل بمجال الفلافل منذ الصغر”.
تُحضّر عجينة الفلافل السورية من حبات الحمص التي تُنقع لمدة 12 ساعة، ثم تُطحن ليضاف إليها الملح والثوم والبصل والكزبرة وكربونات الصوديوم، ومن ثم البهارات، لتُقلى بعد ذلك في الزيت الحار، ولتصبح وجبة ذات قيمة غذائية عالية.

“السر كلّه في البهارات”، يضحك محي الدين، ولا يقبل بإفشاء هذا السر، فلكل محل خلطته السرية الخاصة التي تميزه عن باقي محلات بيع الفلافل كما يقول، وتساعده في جذب المزيد من الزبائن.
وبشكل عام تتراوح أسعار سندوتش الفلافل في المدينة بين مائة وخمسين ليرة (حوالي ربع دولار أمريكي) وثلاثمائة وخمسين ليرة، حسب مكوناتها وحجمها، وأيضاً حسب موقع المحل الذي يبيعها إن كان في حي شعبي في المدينة القديمة أم في حي أكثر غنىً وسط المدينة.

ولم يغلق المحل أبوابه ولو ليوم واحد طوال سنوات الحرب في سوريا، رغم وقوعه في منطقة نالت نصيباً وافراً من قذائف الهاون والتفجيرات. “استمرينا بالعمل بشكل يومي رغم ندرة الزبائن في بعض الأحيان، فأين سنذهب؟”، كما يقول أحمد، الذي يناديه الجميع بأبي زاهر.
و“ميامي” من أقدم الأماكن المستمرة بتقديم الفلافل في دمشق منذ عشرات السنين، إلى جانب محال أخرى كـ “المصري” وسط المدينة و“أبو ناصيف” شرقها في ساحة العباسيين.

ويندر أن تعمل فتيات بمهنة صنع الفلافل أو بيعها، “فهذه المهنة أشبه بالأعمال الشاقة”، حسب وصف العم فيصل.
“رغم أن الحرب أفقدت سوريا كثيراً من رجالها، إلا أن مهنة الفلافل بقيت ذكورية تماماً”، ويعزو العم فيصل ذلك لصعوبة تحضير الخلطة، والوقوف لساعات طويلة أمام المقلاة الكبيرة ذات الحرارة المرتفعة، وأيضاً تحمّل روائح الزيت والقلي الثقيلة.

ويتساءل محي الدين عن خلفية الاحتفاء بالفلافل، و “هل يشمل الاحتفاء دولاً أخرى غير سوريا؟”، لكنه يؤكد، وهو منشغل بتحضير بعض السندوتشات: “بكل الأحوال لا داعي للمقارنة. لا شك لديّ بأن الفلافل السورية هي الأطيب”، ويضحك الرجل مع صديقيه.

لا للفلافل المحشية
ترتبط الفلافل لدى الفلسطينيين بأيام الجمعة، حيث تجتمع العائلة على مائدة الطعام بعد انتهاء كل أفرادها من مشاغلهم ومواعيدهم الخاصة طيلة الأسبوع. وتكون الفلافل الطبق الرئيسي الذي يجمعهم، إلى جانب الحمص والفول والسلطة العربية وكعك القدس المغطى بالسمسم.
مطعم الناصرة للفلافل أحد الوجهات المميزة في مدينة رام الله التي تصنع هذه الأكلة الشعبية، ويقع في أشهر شوارعها.

تأسس المطعم المتخصص بالأكلات الشعبية الفلسطينية منذ 42 عاماً، ويديره اليوم ناصر النصراوي مكملاً مشوار والده توفيق الذي تعود أصوله لمدينة الناصرة.
يلاحظ ناصر أن الفلافل لا تزال تحتفظ بمكانة كبيرة لدى الفلسطينيين رغم تطور المطبخ الفلسطيني ودخول أكلات أجنبية إلى قوائم الطعام في مطاعم المدينة.

ويعتقد ناصر أن الفلافل تفوق الشوارما شعبية بين الناس، خاصة أن تناولها لا يرتبط بوقت معين من النهار، فيتناولها الفلسطينيون كوجبة فطور أو غداء أو حتى عشاء.
يبدأ ناصر نهاره الساعة الرابعة والنصف فجراً، فيطحن حبات الحمّص الطازجة المنقوعة في الماء طوال الليلة السابقة، ثم يضيف إليها البقدونس والثوم والبصل والفلفل ويتركها لعدّة دقائق بعد إضافة الملح والكربون حتى تتجانس المكوّنات.

وعند الساعة السابعة صباحاً يبدأ وصول رواد المطعم، فيشرع بقلي الفلافل باستخدام القالب الدائري الذي يعطي للحبّات الذهبية شكلاً شهياً.
عندما يتحدث ناصر عن الفلافل لا تفارق الابتسامة وجهه، ويسهب في وصف رائحة الفلافل الزكية.

ويقول إنه يفضّل الفلافل بشكلها التقليدي، ولا يحبذّ التغيير في خلطتها الأصلية فهو يرفض إضافة البهارات أو حشو الأقراص باللحم المفروم أو الأجبان.
أهم معيار لديه في ما يتعلق بجودة الفلافل هو أن يظهر اللون الأخضر عند قضم القرص، فهو يعتبر ذلك مؤشراً على جودة مكوّناتها وخلوها من المواد الاصطناعية.

تُعتبر أسعار الفلافل في فلسطين بمتناول الجميع، فهي ليست باهظة الثمن، كما أن قيمتها الغذائية عالية وتصلح كوجبة متكاملة خصيصاً للنباتيين؛ فمكونها الأساسي هو الحمص الغني بالبروتين.
ورغم تطور وسائل الإعلان والتسويق إلا أن ناصر يعتمد على شهرته في جذب الزبائن، ولا يؤمن بالإعلانات على مواقع التواصل الاجتماعي، وتبدو سياسته هذه ناجحة، فزبائنه ليسوا من سكان مدينة رام الله فقط بل يقصدونه من مدن فلسطينية أخرى، إضافة إلى السياح الأجانب.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى