إلى المتمسكين بالوحدة بلا وعي

> علي ثابت القضيبي

>
الخطاب السياسي للانتقالي، وكذلك خطاب ورؤية كل جنوبي حر وعقد العزم على الخلاص نهائياً من هذه الوحدة السوداء، خطاب كل هؤلاء يتعاطى بقدرٍ كبير من المهادنة والأريحية مع فئة الجنوبيين الذين ما انفكوا يتشدّقون في تصريحاتهم بضرورة استمرار هذه الوحدة، وكل هذا من قبيل لعلّ وعسى، أو ربما حتى يعودوا إلى وعيهم، لأنّ كل الشواهد على الأرض تثبتُ قطعاً أنّ هذه الوحدة قد انتهت أصلاً.

طبعاً، ما يجري بهذا الشأن لافتٌ ومثير للغرابة، إذ يمكن أن نقبل ذلك من الجنوبيين الذين حظوا بالفتات من آبار النفط، أو بشركاتٍ هامشية في خدمات حقول النفط، أو حظوا بشركاتٍ أو امتيازاتٍ أخرى تدر عليهم شيئاً من العائد المالي يميزهم عن بقية شعبنا، أو الذين حظوا بالشراكة مع كبار حيتان الشمال، وكل هؤلاء شرذمة محدودة لا تتجاوز أصابع اليدين وحسب، كل هؤلاء من الممكن استيعاب خلفيات طروحاتهم بالنسبة لهذه الوحدة، لكن ماذا عن البسطاء والعوام في جنوبنا؟!

في يقيني، تسحبُ المناطقية "هذا من البلاد" طابوراً من هؤلاء البسطاء خلف كبار الناهبين الجنوبيين الذين تفيّدوا من هذه الوحدة للتمسك بها، وطابوراً آخر تشدهم إلى هذا النّسق فتات الأموال أو الامتيازات السخيفة التي يرميها إليهم هذا أو ذاك من كبار لصوص الجنوب!، وهذا مثير للتقزز والقرف. إذ كيف يُسقط مثل هؤلاء كل أشكال العبث الذي طال جنوبنا وما انفك، وكذلك السلب والنهب وكل أشكال الدونية التي عشناها في ظل هذه الوحدة السيئة الصيت؟!

الشيء الأكثر إثارة وعجباً هو كيف لم يستفِد طابور كبار الضباط والعسكريين والجنوبيين، وكذلك النخب، أو مَن نعتبرهم مثقفين، نقصدُ ممن ما انفكوا يخضعون ويقدمون فروض الولاء والطاعة لكبار نافذي الشمال ولصوصه، مع أن كل هؤلاء الشماليين تعاملوا مع كبار ضباطنا وعساكرنا بدونيةٍ مقيتةٍ، بمن فيهم من قاتلوا في صفوفهم وحققوا لهم النصر في حرب صيف 1994م!.. بل حتى الجندي الشمالي لا ينفذ لهم أمراً تافهاً، ومع كل ذلك لم يستفيدوا من كل هذه الدروس، فهم ما انفكوا يواصلون الخضوع والعيش تحت أقدامهم حتى اليوم، رغم انكسارهم عسكرياً! 

حتى اللحظة أيضاً، وكما قلنا رغم انكسار الشمال عسكرياً في هذه الحرب، ما انفكت كل مخصصات منح الدراسات العليا تذهبُ حكراً لأولاد كبار الشيوخ وعسكريي الشمال! وكذلك المنح الطبية.. إذ لم يأتِ تاريخ 3 أو 4 من شهر يناير للعام الجديد إلا وكل هذه المخصصات قد استنفدت لهم حصراً، أي لا يحصل عليها أي جنوبي، رغم أن كل الوزارات هنا في عدن!.. وحتى السلك الديبلوماسي لم يبقَ للجنوب فيه إلا نسبة 3 % من الموظفين وبوظائف هامشية وحسب!!

 يا إخوتي الجنوبيين.. من حقدهم على جنوبنا فقد نهبوا كل مخزون موروث تراثنا وفننا الغنائي الجنوبي الثري، وذهبوا به في قاطراتٍ إلى صنعاء وأتلفوه هناك.. فماذا بعد كل هذا بربكم؟!
لا أدري كيف يتناسى كل طوابير المطرودين قسراً من وظائفهم وبعد الاستيلاء ونهب كل مرافقنا، أو كيف تناسوا كل العذاب والمعاناة والحسرة بعد إلقائهم في الشارع بفتات الراتب؟! وهذا من حقدهم. كذلك كل طوابير العسكريين المؤهلين في الأكاديميات العليا الخارجية وغيرهم من الذين شُردوا برتبهم المختلفة، وذهب بعضهم يعمل في أعمال حقيرة لا تتناسب ومستوياتهم العلمية لتوفير لقمة العيش.. فكيف تناسيتم كل هذا؟!

لذلك نقول ونعيد لكل جنوبي حر: أفيقوا.. فهؤلاء لا أمان لهم ولا ثقة بهم، هؤلاء لا يتمسّكون بهذه الوحدة إلا لأن الجنوب هو البقرة الحلوب لهم، كما وأنتم في نظرهم مجرد مواطنين درجة ثانية وخامسة وعاشرة ليس إلا.. نعم أفيقوا، ولا يغركم هذيان كبار لصوص الجنوب عن هذه الوحدة، فالمستفيد منها هم وحسب، فهي قد ماتت في نفوسنا ودفنّاها في سابع أرض، إذ ليس لكم إلا جنوبكم ودولتكم وحسب.. وما حدث لنا منهم في عهد هذه الوحدة السوداء لا ينساه إلا الغبي البليد، أو الذي بلا كرامةٍ ولا دماء حيّة تجري في عروقه أصلاً.. أليس كذلك؟!​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى