المسنة فاطمة.. قصة معاناة مستمرة

> تقرير/ وئـام نجيب

> اتخذت المسنة فاطمة (65 عاما) من فتحة الميناء بجانب مكتب الجمارك بمديرية المعلا مكاناً تقصده دون سواه، علّها تجد من يتصدق عليها وعلى أختيها التي تقوم بإعالتهما نتيجة لوفاة والدها وإصابة إحداهما بإعاقة دائمة والأخرى بمرض نفسي، ولا مصدر دخل ثابت لهن من شأنه أن يمكنهن من العيش الكريم ودون الحاجة لمساعدة الخيرين.
من يمر بالقرب منها يبدو له من الوهلة الأولى مدى المعاناة وآثار الشقاء والبؤس والتعب عليها.

تقول في حديثها لـ "الأيام": "أنا من أبناء مديرية صيرة (كريتر) وآتي إلى هذا المكان في الصباح الباكر، وهناك بعض الموظفين والجنود يساعدونني بما تيسر، وفضلت المجيء إلى هنا من أن أمد يدي للتسول في المديرية التي أقطن فيها أو بمواقع يسودها الازدحام حيث الكثير من الناس لا ترحم، كما أنني أعمل أيضاً في خدمة المنازل كغسل الملابس والطبخ أو قضاء أحد احتياجات البيت الأخرى".

وتضيف: "بعد أن توفي والدي، والذي كان يعمل في مهنة الخياطة بشارع السيلة في المديرية، أُلقيت عليّ مهمة رعاية شقيقتيّ الاثنتين بشكل كامل، لاسيما أن إحداهما تُعاني من الإعاقة الدائمة حيث خُلقت من دون عمود فقري ونموها بطيء جداً، والأخرى مصابة بحالة نفسية صعبة يساعدنا أهالي الخير على توفير الأدوية المهدئة لها، ولهذا أضطر عند خروجي من المنزل إلى أغلاق الباب عليهما".

ظروف صعبة
وتسكن المسنة فاطمة (غير متزوجة) في بيت وهبه لها ولأختيها أحد الخيرين، كما تقول، كأمانة وتقدير منه لظروفهن المعيشية والمادية الصعبة، مشيرة إلى أنهن يفتقرن فيه لأبسط المقومات الأساسية كالثلاجة والغسالة، وأن كل ما يتوفر فيه هو عبارة عن شولة صغيرة توقد بواسطة الجاز، ومروحة شحن، أما الماء فيتحصلن عليه من الجيران لوقوع منزلهن في مكان مرتفع لا تصل إليه الخدمة إلا من خلال مضخة.

وتضيف: "المؤسف أنه على الرغم من فقرنا وحالتنا المادية الصعبة التي يطلع عليها الجميع لم نتحصل منذ تحررت عدن من ميليشيات الحوثي عام 2015م وحتى اليوم على مواد غذائية سوى ثلاث مرات فقط، وأما عن المعونات الأخرى فنسمع عن أخبار توزيعها من قبل المنظمات المعنية وفي كل مرة يتم حرماننا منها بذريعة أننا غير مستحقين لها كما قال لنا عاقل الحارة ذات مرة.. وهذا صحيح هناك أشخاص حالاتهم المعيشية أكثر صعوبة منا ولا يعلم بهم إلا الله تعالى نتيجة لتعففهم، ولكن لماذا يتم توزيع المساعدات والمعونات التي تأتي خصيصاً للأسر المحتاجة والأكثر حاجة إلى غير المستحقين وبحسب المحاباة؟".

وتشير في حديثها لـ "الأيام" إلى أنهن يعتمدن في حياتهن المعيشية على ما يمده الناس لهن، والذي لا يكاد يكفي لتوفير وجبة الغذاء والتي تكون في الغالب عبارة عن رغيف وزبادي، فيما يمدهن بائع الخمير والشاي القريب من منزلهن بوجبة الإفطار مجاناً، وتضيف: "نحمد الله ونشكره فحالنا مقارنة بالآخرين أفضل بكثير، فهناك حالات أكثر قساوة ومأساوية وأصعب من حالتنا، وهناك من يأكلون فتات ما تبقى من الآخرين، وتتحمل الحكومة مسئولية ما وصل إليه المواطنون في الوقت الحاضر، نتيجة لعجزها عن توفير الحد الأدنى من الخدمات الأساسية كالكهرباء، المياه والأمان وغيره".
احتجاجات سابقة لثورة الجياع في عدن
احتجاجات سابقة لثورة الجياع في عدن

صراع من أجل البقاء
وتعاني المسنة (ستينية العمر) من داء السكري، رُقّدت على إثره في مستشفى الجمهورية التعليمي بخورمكسر في العشر الأواخر من شهر رمضان الماضي بمساعدة بعض الخيرين، وخلال تمديدها تبين لها أيضاً بأن لديها بداية أعراض مرض الربو، كما تقول، وتتابع: "حكاياتي وشقيقتيّ أضحت ما تكون بالصراع من أجل البقاء، وكل ما أخشاه هو أن يتمكن مني المرض، حينها لا أعلم كيف سيكون مصيرنا، وهناك العديد من الناس يوجهوني بالذهاب بشقيقتي المعاقة إلى أحد التجار بغرض الحصول على مبلغ من المال، ولكنني رفضت بأن أعرض أختي أو انتقص من قيمتها وكرامتها، وأنا من سأتولى رعايتها وشقيقتي الأخرى حتى آخر نفس".

واختتمت قصة معاناتها لـ "الأيام" بالقول: "حالياً نعيش على بركة الله ولا نعلم ما يخفيه لنا المجهول، وكل ما أتمناه هو الحصول على معونة شهرية لضمان توفير لقمة العيش، ولكي أتمكن من البقاء بمعية أختيّ في المنزل ورعايتهما نظراً لظروفهما الصحية السيئة والمتأزمة".​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى