محددات السلام باليمن في ندوة بجنيف

> «الأيام» غرفة الأخبار

> أقيمت في جنيف يوم أمس ندوة بعنوان "آفاق السلام في اليمن: الواقع والتحديات".

وفي الندوة التي نظمها النادي الصحفي في جنيف بالتعاون مع الهيئة الدولية للسلام وحقوق الإنسان بجنيف، أشار د. إبراهيم العدوفي، رئيس الهيئة الدولية للسلام وحقوق الإنسان في جنيف، إلى أن "مسار العملية السياسية في اليمن محاطة بعثرات كبيرة"، وأن الأمم المتحدة لم تتمكن من كسر جمودها وتطبيق قراراتها المتعلقة باليمن، مؤكداً على أهمية أن تقوم الأمم المتحدة بتسمية الطرف المعرقل الذي يتاجر بقوت ودواء المحتاجين ولابد أن يكون هناك شفافية في كيفية إنفاق المساعدات.

في مستهل الندوة، تحدث د. همدان دماج، نائب رئيس مركز الدراسات والبحوث اليمني، عن أهمية اعتماد مقاربة جديدة لمعالجة الصراع اليمني بعد أكثر من خمس سنوات من الحرب، ترتكز على عدد من المقومات أهمها إعادة تعريف الأزمة، وتغيير سياسات المجتمع الدولي والدول الفاعلة تجاه الحرب في اليمن، والأهم من ذلك، وضع مبادئ وثوابت أساسية يتفق عليها أطراف الصراع بغية الوصول إلى سلام واقعي ومستدام.

وقال دماج: "إذا كنا جادين حقًا في إنهاء الحرب وضمان وجود سلام قابل للتحقيق ومستدام في اليمن فعلينا أن ننظر إلى هذه الثوابت والمبادئ بشكل جدي"، مؤكداً أنه بدون هذه الثوابت لن يكون بمقدور المجتمع الدولي أن يفرض أي نوع من وقف إطلاق النار على المدى الطويل، ولا ضمان إنهاء العمليات العسكرية، مذكراً أن اتفاق ستوكهولم لم يستطع إيقاف المعارك، بل كان مشجعاً على موجة جديدة من المواجهات العسكرية التي أشعلتها الحركة الحوثية في عدة مناطق مثل حجة، الضالع، وإب.

واستعرض دماج أربعة ثوابت رئيسية "لا بد أن يتفق عليها اليمنيون ومن يمثلونهم من أطراف الصراع قبل الحديث عن أي سلام حقيقي ومستدام، وهي أولاً: التخلي عن العنف والنزاع المسلح كوسيلة للاستيلاء على السلطة أو تقاسمها أو للحصول على المطالب أو الحقوق السياسية أو الاجتماعية. ثانياً: الإجماع على أن تكون الديمقراطية هي أساس أي نظام سياسي مستقبلي يستند على مبادئ الحريات وحقوق الإنسان والعدالة الاقتصادية والاجتماعية والمساواة في المواطنة. ثالثاً: الحفاظ على سيادة الدولة وسلامة أراضيها كوسيلة فورية لضمان استقرار اليمن وسلامة شعبه وأمنه. رابعاً: الإقرار بأولوية التخفيف من حدة الأزمة الإنسانية الراهنة في اليمن والتزام جميع الأطراف بذلك".

من جهتها، تحدثت الباحثة بشرى نسر كريتشر، خبيرة في اقتصاد الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا، عن الحملات التي شهدتها الساحة اليمنية لتصويب مسار العملية السياسية والإغاثية، والتي لم تلق أي اهتمام أو تفاعل من المجتمع الدولي ومنظماته المتعددة، وهو الأمر الذي دفع إلى محاولة فهم الأسباب الكامنة وراء هذه الحملات التي تعكس نبض الشارع اليمني. واستعرضت كريتشر نتائج دراسة قامت بها بعنوان "تقييم دور المجتمع الدولي في الصراع اليمني"، والتي ركزت على أربعة جوانب رئيسية وهي التدخل السياسي، الاقتصادي، الإغاثي والحقوقي. مشيرة إلى أن النتائج المدهشة التي حصلت عليها تقتضي إعادة تقييم هذا الدور وتصحيحه. وقالت كريتشر إن الدراسة أظهرت أن 90 % من المستطلعين يجدون أن الأمم المتحدة لعبت دوراً سلبياً في الصراع اليمني، في حين كان نصيب المجتمع الدولي نسبة 85 %.

وقد أشارت الدراسة أيضاً إلى أن 53 % من المستطلعين يجدون دور مارتن جريفثس الأسواء في إدارة الملف اليمني من بين مبعوثي الأمين العام للأمم المتحدة في اليمن، كما يجد 64 % أن الأمم المتحدة لعبت دوراً سلبياً في ملف حقوق الإنسان، و85 % قالوا إن ملف حقوق الإنسان مسيس ويصب في خدمة الحوثيين بسبب إغفال المجتمع الدولي لجميع انتهاكاتهم على الأرض، خاصة تجنيد الأطفال وزراعة الألغام وحصار وقصف مدينة تعز. إضافة لعدم تنديدهم بالفكر السلالي الاستعلائي الذي تتبناه الجماعة الحوثية، والذي يتعارض مع قوانين حقوق الإنسان الدولية. وأما ما يخص المساعدات الإنسانية يجد 67 % من المشاركين أن الأمم المتحدة لعبت دورًا سلبيًا، وأن المنظمات الدولية لعبت دورًا رئيسيًا في تعميق الفساد وتدهور العملة بقيامها بتحويل أموال الدعم خارج القنوات القانونية للبنك المركزي اليمني، وهو الذي ساهم بشكل كبير في خلق السوق السوداء للحوثيين. وقد أوصت الدراسة المجتمع الدولي بإعادة تعريف النزاع واحترام الشرعية وعدم مساواتها بالمليشيات والعمل الملتزم بالمرجعيات الثلاث.

وفي مداخلته، أكد د. محمود العزاني، رئيس مؤسسة تمدن في بريطانيا، أن اليمن ترتبط بمحيطها الجغرافي ارتباطاً وثيقاً لا يمكن تجاهله أو تجاوزه، مشدداً على أن اليمن "لا يمكن أن تكون منصة انطلاق لجماعات معادية ومحاربة بالوكالة تهدف إلى زعزعة الأمن الإقليمي والدولي"، مضيفاً أن القبول بذلك "سيكون انتحاراً على نطاق واسع"، حسب قوله. وقال العزاني إنه لا يمكن أن تترك دول الإقليم اليمن مرة أخرى، لأن "من شأن يمن غير مستقر أن يخلق فراغًا خطيرًا وتجنيدًا للجماعات الإرهابية بما في ذلك تنظيم القاعدة وداعش والحوثيين الذين يمثلون الجانب الآخر من نفس العملة"، مؤكداً على أهمية التكامل الاقتصادي الإقليمي للجزيرة العربية، على أسس جديدة تكون فيها التنمية الاقتصادية منطلقا لتحقيق الأمن الإستراتيجي الإقليمي.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى