طفح المجاري يغرق دار سعد ويحوّل البساتين إلى بحيرات آسنة

> تقرير/ فردوس العلمي

> دار سعد إحدى مديريات العاصمة عدن الثمان، مدينة لم تلقَ العديد من مناطقها أي اهتمام من قِبل الجهات المسؤولة، على الرغم من أنها تمثل وجه العاصمة الشمالي.
إهمال رسمي حوّلها إلى بحيرات من المياه الآسنة لا تنضب، وفي توسع مستمر لِما يزيد عن سنتين وصلت على إثره إلى داخل كثير من البيوت وغرف النوم، بالتزامن مع انقطاع خدمتي المياه والكهرباء والبناء العشوائي، وغياب للطرق المعبدة في كثير من الأماكن.

وتتجلى مشكلة المجاري بوضوح في المنطقة الشرقية من مديرية دار سعد ومنها البساتين، إذ باتت مياه الصرف الصحي منذ فترة طويلة تحاصر الكثير من المنازل ووصلت إلى داخل العديد منها، الأمر الذي وقف عائقاً أمام تحركات ساكنيها ولا يستطيعون العودة إليها أو مغادرتها إلا بالقفز على أحجار وإطارات سيارات تم رصها على امتداد الطرق، وكثيراً ما يتعثر كبار السن والنساء والأطفال أثناء اجتيازها، مما يعرضهم للأوساخ والقاذورات.
مواطنون: مياه الصرف وصلت لغرف نومنا والجهات المعنية لم تحرك ساكنا
مواطنون: مياه الصرف وصلت لغرف نومنا والجهات المعنية لم تحرك ساكنا

كارثة صحية وبيئية وشيكة
يقول مواطنون في البساتين لـ "الأيام": "أصبحنا مهددين بكارثة صحية وبيئية وشيكة، والجهات ذات العلاقة لم تحرك ساكناً تجاه مناشداتنا المستمرة، للحد من تفشي الأمراض وفي مقدمتها حمى الضنك، في هذه المنطقة التي طغت رائحة العفن والتربة المُبللة بمياه المجاري على رائحة الورد وعطر الأزهار والأشجار فيها".
والبساتين منطقة أغلب سكانها يمنيّون عادوا عام 90م من الصومال، بعد غربة طويلة، نتيجة للحرب الأهلية التي شهدتها الصومال في تلك الفترة، وإلى جانبهم بعض اللاجئين، وآخرون قدموا إليها من محافظات أخرى منذ سنوات.

يقول المواطن عبدالرحمن، بينما يشير بيده إلى مياه الصرف الصحي الممتدة مد النظر في بلوك (9) بالبساتين وبارتفاع يصل إلى منتصف القدم، يقول: "هكذا أصبحت حياتنا، نعيش بجوار هذا المستنقع، وإذا ما أراد أحدنا الذهاب إلى ذلك المستوصف الواقع أمامنا عليه اجتياز نهر المجاري، كما علينا أيضاً اجتياز أنهار أخرى في حال أرد شراء العلاجات من الصيدلية المقابلة.. إننا نُعاني في هذه المنطقة من أمراض متعددة كالملاريا وحمى الضنك والتيفوئيد".

وأخذ يلطم على وجهه بعنف وهو يقول: "نحن ننام الليل على هذه الحالة نلطم وجوهنا وجميع أجزاء أجسامنا لقتل وطرد البعوض، ونعيش بلا كهرباء".
وأضاف المواطن مراد صالح سعيد ساخراً: "لو شفطوا المجاري سنتعب، لكوننا قد تعودنا عليها منذ سنتين".

وأكد الكثير من سكان المنطقة أن دخول المجاري إلى بيوتهم والحمامات الخاصة بها أجبرهم للجوء إلى منازل الجيران لقضاء الحاجة".

استفحال طفح المجاري
المناطق الواقعة في دار سعد الشرقية تُعاني هي الأخرى من ذات المشكلة، وعلى الرغم من أن الكثير من سكانها يعملون في مجالي النظافة والمجاري، إلا أن ما يقومون به وفق إمكاناتهم البسيطة.
يقول الناشط سالم الروادي: "تفشى وباء الكوليرا في بعض مديريات عدن، غير أن دار سعد تحتل المرتبة الأولى في حالات الإصابة بهذا المرض الخبيث. ولهذا نطالب الخيّرين والأقلام الحرة بالتفاعل معنا لإيقاظ ضمائر المسؤولين وللتنبيه بهذا الوباء الفتاك".

ويضيف: "يغلب على مدينة دار سعد الجهة الشرقية الطابع الشعبي البسيط، وهو ما تسبب باستفحال مشكلة طفح المجاري التي وصلت إلى غرف النوم، في ظل تجاهل واضح ومستمر من قبل الجهات ذات الاختصاص لكل مناشداتنا، ومما ضاعف من معاناة الأهالي أيضاً، انقطاع خدمتي المياه والكهرباء".
وأشارت المواطنة زهرة سعد سعدان، في حديثها لـ "الأيام" إلى أنها تعاني من مشكلة طفح المجاري منذ عيد الفطر المبارك، وتوجهت على إثرها وأبناؤها بشكاوى لعاقل الحارة والجهات المتخصصة، مضيفة: "بنينا بيوتنا بشق الأنفس لنسكن في مكان نظيف غير أن طفح المجاري قضى على أحلامنا، وحالياً هجرناها ولم نعد نطبخ فيها، وكل أكلنا من الشارع".

ولفت ماجد منصور إلى أن مبيعات البقالة الخاصة به تراجع كثيراً لعدم تمكّن الزبائن من الوصول بسبب مياه الصرف الصحي.
أما الحاج فسلّم أمره لله وقال: "ليس لنا غير الله نشتكي إليه، فالإنسان لم يعد يسمع لأخيه في هذا الوقت".

ويؤكد المواطنون بأن السلطة المحلية وقيادة الصرف الصحي على علم واطلاع تام بما يحدث في دار سعد الشرقية، ويتعاملون مع بلاغاتهم ومناشداتهم باستهتار ولامبالاة.
مؤخراً نفذت منظمة "أدرا" في منطقة البساتين برنامج "اليوم المفتوح"، لمناقشة ما تعانيه المنطقة من عشوائية وانسداد وطفح المجاري، وهو العمل الذي لفت نظر الجهات المعنية فبادرت بالمشاركة، وعملت على إزالة العشوائيات وتنظيف المنطقة، بالإضافة إلى فتح الخط الرئيسي.

وعثر أثناء العمل في المناهل على أحجار كبيرة، وهو ما يؤكد بأن انسداد المجاري بفعل فاعل، وما زال العمل جارياً فيها.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى