دراسة فيزيائية لتأثيرات الأشعة الكهرومغناطيسية الناتجة من المصادر الصناعية على صحة الإنسان

> الإصابة بالسرطان وضعف الإنجاب وموت الخلايا وأورام المخ أبرز الاحتمالات

> يتعرض البشر باستمرار للإشعاع الكهرومغناطيسي، ومع ذلك نشأت زيادة كبيرة في التعرض للإشعاعات غير المؤينة، وخاصة بالنسبة للإشعاع الكهرومغناطيسي منخفض التردد، في أوائل القرن العشرين مع توليد مجالات كهرومغناطيسية صناعية.
استمرت هذه الزيادة من خلال تطوير محطات الطاقة وأجهزة الراديو والرادارات والتلفزيون والكمبيوتر والهواتف المحمولة وأفران الميكروويف والعديد من الأجهزة المستخدمة في الطب والصناعة والمنازل.

تطور تكنولوجي أثار المخاوف بشأن المخاطر الصحية المحتملة المرتبطة بمستويات غير مسبوقة من التعرض للإشعاع الكهرومغناطيسي.
وفقاً للتردد والطاقة، يمكن تصنيف الموجات الكهرومغناطيسية على أنها إما إشعاعات مؤينة أو إشعاعات غير مؤينة.
حتى في الولايات المتحدة لا يوجد تنظيم لسلامة الإشعاع الكهرومغناطيسي
حتى في الولايات المتحدة لا يوجد تنظيم لسلامة الإشعاع الكهرومغناطيسي

والإشعاعات المؤينة هي موجات كهرومغناطيسية عالية التردد (مثل الأشعة السينية وأشعة جاما)، والتي لديها طاقة فوتونات كافية لإنتاج عملية تأيين من خلال كسر الروابط الذرية التي تربط الجزيئات في الخلايا، أما الإشعاعات غير المؤينة فهو مصطلح يشير إلى جزء من الطيف الكهرومغناطيسي الذي يحتوي على طاقات فوتونية ضعيفة جداً غير قادرة على كسر الروابط الذرية، وهي تشمل الأشعة فوق البنفسجية، والأشعة تحت الحمراء، والترددات الراديوية والماكروية.

لا يمكن للإشعاعات غير المؤينة أن تسبب التأين، ولكن ثبت أنها تنتج تأثيرات بيولوجية أخرى، على سبيل المثال، تسخين الأنسجة الحية، تغيير التفاعلات الكيميائية، أو إحداث التيارات الكهربائية في الأنسجة والخلايا.

تسبب انخفاضا في الإنجاب والسرطان
أشارت أعداد كثيرة من الدراسات خلال العقود القليلة الماضية إلى مجموعة متنوعة من التأثيرات البيولوجية الضارة التي قد تنجم عن التعرض للمجالات الكهرومغناطيسية التي يصنعها الإنسان، وخاصة الترددات اللاسلكية (الموجات الدقيقة)، والترددات المنخفضة للغاية.

تتراوح التأثيرات البيولوجية المسجلة على تأثيرات الأشعة الكهرومغناطيسية من تغيرات في معدلات تركيب وتركيز الجزيئات الحيوية المختلفة داخل الخلايا، إلى حالات اضطراب الحمض النووي والبروتين، والتي قد تؤدي إلى موت الخلايا، أو انخفاض الإنجاب، أو حتى السرطان. هناك أربع مجموعات فرعية لمجالات الإشعاع الكهرومغناطيسي وذلك بدلالة التردد والشدة، ويبدأ هذا الطيف الكهرومغناطيسي من تردد 1 هرتز. الكهرباء الساكنة، الترددات المنخفضة جداً، الترددات المتوسطة (IF)، التردد الراديوية (RF).

تُستخدم مصادر التردد الراديوي في حُزم تردد مختلفة وتنقسم إلى الآتي:
1 - المصادر التي تعمل قريباً من جسم الإنسان.
2 - المصادر التي تعمل بعيداً عن جسم الإنسان.

مخاوف كبيرة
يمكن للموجات الكهرومغناطيسية التي تولدها العديد من المصادر الطبيعية والمصنعة من قِبل الإنسان أن تنتقل لمسافات طويلة، حيث تلعب دوراً هاماً للغاية في الحياة اليومية، وعلى وجه الخصوص، تستخدم المجالات الكهرومغناطيسية في منطقة التردد الراديوي في الاتصالات والبث الإذاعي والتلفزيوني والشبكات الخلوية والأنظمة اللاسلكية الداخلية، نتيجةً للابتكارات التكنولوجية، يزداد استخدام المجالات الكهرومغناطيسية تدريجياً، وبالتالي يتعرض الناس للموجات الكهرومغناطيسية بمستويات أعلى بكثير من تلك الموجودة في الطبيعة.

إن العدد المتزايد وبشكل كبير لمستخدمي الهواتف النقالة يثير مخاوف كبيرة بسبب الضرر المحتمل على الأشخاص الذين يتعرضون للموجات الراديوية، وبما أن الهواتف المحمولة تستخدم في مواقع قريبة جداً من جسم الإنسان وتتطلب عدداً كبيراً من هوائيات المحطات القاعدية، فإن لدى الناس والعلماء علامات استفهام في أذهانهم حول تأثير شبكات الهاتف المحمول على الصحة.

في واقعنا الحالي، في كل مكان تذهب إليه هناك أجهزة إلكترونية، تنبعث منها إشعاعات كهرومغناطيسية، تشمل أجهزة الانبعاث الإشعاعي الحالية للمنتجات الإلكترونية، مثل المعدات الطبية وغير الطبية، أجهزة الليزر، أنظمة الأشعة السينية، معدات الموجات فوق الصوتية، أفران الميكروويف، أجهزة التلفزيون الملوّنة، أجهزة الكمبيوتر المحمولة، الأجهزة اللوحية، الأجهزة المساعد الرقمية الشخصية، والهواتف الخلوية.

ووفقًا لمنظمة الأغذية والأدوية، فإن الأجهزة التي تنبعث منها إشعاعات هي أي منتج يستخدم الكهرباء لتشغيل دائرة إلكترونية. ولا يوجد هنالك معيار معتمد للمستويات "الآمنة" للتعرض للإشعاع الكهرومغناطيسي، عندما يتعلق الأمر بالإشعاع الكهرومغناطيسي من الأجهزة الإلكترونية مثل أجهزة الكمبيوتر المحمولة والأجهزة اللوحية والموبايلات، فإن التعرض هو جزء لا مفر منه في الحياة، نظراً لانتشار هذه الأجهزة الإلكترونية في حياتنا اليومية.

قد نندهش عندما نعلم أنه في الولايات المتحدة الأمريكية مثلاً، لا توجد حالياً منظمة ممولة من الحكومة تعمل بنشاط على دراسة وتنظيم سلامة الإشعاع الكهرومغناطيسي غير المؤين للأجهزة الإلكترونية الاستهلاكية الشائعة.

مستويات تأثير الهواتف
الهواتف المحمولة هي مرسلات ترددات راديوية منخفضة القدرة تعمل على ترددات تتراوح بين (450-2700MHz) مع قمة قدرة ضمن مدى يتراوح بين (0.1-2 Watt) تنخفض القدرة (وبالتالي مستوى التعرض للترددات الراديوية للمستخدم) بسرعة مع زيادة المسافة عن السماعة.
إن الشخص الذي يستخدم هاتفاً جوّالاً على مسافة (30-40 cm) من جسمه عند إرسال رسائل نصية أو الوصول إلى الإنترنت، سيعني بالتالي تعرضاً أقل بكثير لمجالات الترددات الراديوية من شخص يحمل الهاتف مباشرة أمام رأسه، ويتم تقليل التعرض أيضاً من خلال الحد من عدد المكالمات وطولها.

كما أن استخدام الهاتف في مناطق ذات قدرة استقبال جيدة يقلل من التعرض، لأنه يسمح للهاتف بأن يرسل الإشارة عند طاقة منخفضة، كما أن استخدام الأجهزة التجارية الخاصة بتقليل مستويات التعرض لمجالات التردد الراديوي لم تثبت فعاليتها.

تم إجراء عدد كبير من الدراسات على مدى العقدين الماضيين لتقييم ما إذا كانت الهواتف المحمولة تشكل مخاطر صحية محتملة. العديد من البحوث لم تحدد بشكل موثق الآثار الضارة الأشعة الكهرومغناطيسية على صحة الإنسان، في حين أكدت مجموعة أخرى من البحوث على وجود هذه التأثيرات، وقد عللت أن الأسلوب الذي يجب أن تجرى فيه هذا النوع من الأبحاث يجب أن يخضع لمعايير جديدة غير المعمول بها سابقاً، ويمكن تصنيف هذه التأثيرات نسبة إلى الفترة الزمنية للتعرض إلى فئتين:

الأولى: تأثيرات المدى القصير؛ يعتبر تسخين الأنسجة هي الآلية الرئيسية للتفاعل الحاصل بين طاقة الترددات الراديوية والجسم البشري، عند حدود الترددات المستخدمة في الهواتف المحمولة، يتم امتصاص معظم الطاقة من الجلد والأنسجة السطحية الأخرى، حيث لا تتولد أي زيادة في درجة حرارة الدماغ أو أي أجهزة أخرى من الجسم.
أجريت عدد من الدراسات حول تأثير مجالات الترددات الراديوية على النشاط الكهربائي للدماغ، كالوظيفة الإدراكية، النوم، ومعدل ضربات القلب وضغط الدم على المتطوعين، لم تكن هذه البحوث قادرة على تقديم دعم وإسناد لعلاقة سببية بين التعرض للمجالات الكهرومغناطيسية والأعراض المبلغ عنها.

الثانية: تأثيرات المدى الطويل؛ كانت البحوث المتعلقة بالتقديرات الوبائية والتي تدرس المخاطر المحتملة للتعرض للترددات الراديوية على المدى الطويل، مهتمة في الغالب بدراسة الارتباط بين أورام المخ واستخدام الهاتف المحمول مع ذلك، ولأن العديد من أنواع السرطان لا يمكن اكتشافها إلا بعد سنوات عديدة من التفاعلات التي تؤدي إلى الورم، وبما أن الهواتف المحمولة لم تستخدم على نطاق واسع حتى أوائل التسعينات، فإن الدراسات الوبائية في الوقت الحالي لا يمكنها إلا تقييم تلك السرطانات التي تتضح خلال فترات زمنية أقصر عليه، فإن نتائج الدراسات على الحيوانات لم تظهر بشكل ثابت أي زيادة في خطر الإصابة بالسرطان بسبب التعرض الطويل المدى لمجالات الترددات الراديوية.

بالاستناد الواسع إلى هذه البحوث والبيانات، صنفت الوكالة الدولية لأبحاث السرطان المجالات الكهرومغناطيسية للترددات الراديوية على أنها من المحتمل أن تكون مسرطنة للإنسان.

بما أن خطر زيادة أورام المخ لم يتم إثباته بشكل قاطع، فإن الاستخدام المتزايد للهواتف المحمولة ونقص البيانات الخاصة باستخدام الهاتف المحمول على مدى فترات أطول من 15 عاماً، يتطلب المزيد من البحوث في استخدام الهاتف المحمول ومخاطر الإصابة بسرطان الدماغ على وجه الخصوص، مع انتشار شعبية استخدام الهواتف المحمولة مؤخراً بين الأشخاص الأصغر سناً، وبالتالي زيادة العمر المحتمل للتعرض، شجعت منظمة الصحة العالمية على إجراء مزيد من البحوث حول هذه الفئة العمرية.

معدل الامتصاص النوعي للهاتف الخلوي
اعتمدت لجنة الاتصالات الفيدرالية حدوداً للتعرض الآمن لطاقة الترددات الراديوية تعطى هذه الحدود بدلالة وحدة يشار إليها باسم معدل الامتصاص النوعي (SAR)، وهو قياس لكمية طاقة التردد الراديوي التي يمتصها الجسم عند استخدام الهاتف المحمول.
تطلب لجنة الاتصالات الفيدرالية من مصنعي الهواتف المحمولة ضمان التزام هواتفهم بهذه الحدود الموضوعية للتعرض الآمن، فأي هاتف محمول عند المستويات الآمنة هذه أو أقل منها هو هاتف "آمن" .

ووفقاً لهذه المعايير يبلغ حد التعرض الأمن العام للهواتف الخلوية وفقاً لمستوى (SAR) بحدود (1.6 Watt/kg).

آثار عصبية ونفسية
الرأي العام هو أنه لا يوجد دليل مباشر على وجود آثار خطرة على صحة الإنسان تتسبب بها الموجات الراديوية منخفضة التردد، في حين كشفت بعض الدراسات أن الأبعاد المختلفة للموجات الكهرومغناطيسية لم تظهر أي تلف في الحمض النووي على خطوط خلايا مختلفة. من ناحية أخرى، وهناك الكثير من الدراسات المناقضة التي نشرت في السنوات الأخيرة، كانت معظمها قلقة بشأن الأدلة على الآثار البيوكيميائية أو الخلوية للمجالات الكهرومغناطيسية.

أظهرت العديد من الدراسات أن التأثيرات البيولوجية للمجالات المغناطيسية منخفضة التردد يمكن أن تخترق الجسم لتصل إلى الأنسجة العميقة.

على الرغم من أن قواعد التعرض العام في معظم البلدان لا تزال تعتمد على المبادئ التوجيهية للجنة الدولية للحماية من الإشعاع غير المؤين، ومعهد المهندسين الكهربائيين والإلكترونيين، اللذين تم تأسيسهما في التسعينات على أساس الاعتقاد بأن التأثيرات الحرارية الحادة هي فقط التي تكون خطرة على حياة الإنسان، فقد ثبت الآن أن تجنب تسخين الأنسجة بالإشعاع الكهرومغناطيسي الراديوي غير فعالة في منع التداخل البيوكيميائي والفسيولوجي.

من ناحية أخرى، أثبت بعض الباحثين ارتباط التعرض المزمن للمجالات الكهرومغناطيسية إلى زيادة الإجهاد التأكسدي وتلف الحمض النووي، ومخاطر الإصابة بالسرطان.
وأكدت الدراسات المختبرية، بما في ذلك دراسات القوارض الكبيرة التي أجراها برنامج علم السموم الوطني الأمريكي ومعهد رامازيني في إيطاليا هذه التأثيرات البيولوجية والصحية على الكائنات الحية.

أثبت باحثون في دراسة قاموا بها في جامعة كالفورنيا، أن الأطفال يقوموا بامتصاص الأشعة المايكروية أكثر من البالغين، لأن أنسجة دماغهم تكون أكثر قدرة على الامتصاص، وتكون جماجمهم أرق وحجمها النسبي أصغر.

تم في هذه الدراسة الكشف عن أن الأشعة المايكروية الناتجة من الأجهزة اللاسلكية تكون مسرطنة محتملة للإنسان، وأن الأطفال يتعرضون لخطر أكبر من البالغين عند تعرضهم لأي مادة مسرطنة، بسبب أن متوسط الزمن الكامن (latency time) بين التعرض الأول وتشخيص الورم يمكن أن يستغرق عقود من الزمن، لذلك قد لا يتم تشخيص الأورام المُحدَثة لدى الأطفال حتى سن البلوغ.

في دراسة مهمة للغاية قام بها الدكتور (Martin L. Pall)، جامعة واشنطن، بيّن فيها أن المجالات الكهرومغناطيسية المايكروية تنتج آثاراً عصبية ونفسية على نطاق واسع بما في ذلك الاكتئاب.

والأعراض الشائعة التي تحدث عند الأمراض العصبية والنفسية بعد التعرض للأشعة المايكروية تشمل، اضطرابات النوم، الأرق، الصداع، التعب، التعب الاكتئابي، وأعراض الاكتئاب الحزين، (الرؤية، السمع، الخلل الشمي)، وقلة التركيز، الانتباه، الخلل المعرفي، الدوخة، الدوار، تغيرات الذاكرة، التململ، التوتر، القلق، الشعور بعدم الراحة، فقدان الشهية، فقدان الوزن، الوخز الجلدي، الاحتراق، التهابات الجلد، الغدد الصماء.

تدمير الخلايا
الدليل الآخر حول الآثار المرتبطة بالمجالات الكهرومغناطيسية القليلة التردد هو قدرته على تغيير مستويات الجذور الحرة في الكائن الحي، إذ تقوم المجالات الكهرومغناطيسية بتحويل الجذور الحرة إلى جزيئات أقل نشاطاً وتقضي عليها.
وهناك توازن بين إنتاج الجذور الحرة والقضاء عليها، ويمكن أن يؤدي عدم التوازن إلى تعزيز الإجهاد التأكسدي، مما يؤدي في النهاية إلى تدمير الخلايا.

تأثيرات تراكمية وغير قابلة للإصلاح
أحد أهم الأسئلة التي تم طرحها حول تأثيرات المجالات الكهرومغناطيسية منخفضة التردد والتي تنتج تأثيرات بيولوجية، هل هي تراكمية؟ هنالك أنواع مختلفة من الأدلة للتأثيرات التراكمية لهذه الأشعة. الأول: أدى التعرض الأولي خلال فترة تراوحت من شهر- شهرين إلى حدوث تغييرات بسيطة نسبياً في بنية الدماغ والخلايا العصبية، وعندما توقفت حالات التعرض، اختفت معظم التغيرات الهيكلية، أي أن التغييرات كانت قابلة للإصلاح إلى حد كبير، مع ذلك، أنتج التعرض لأشهر عديدة آثاراً أكثر حدة على بنية الدماغ والخلايا العصبية، وكانت هذه الآثار غير قابلة للإصلاح.

الثاني: وضعت أزواج من الفئران الشابة في أقفاص على الأرض في موقعين بحيث يتعرض كل موقع إلى مستوى مختلف إلى حد ما داخل ميدان يحتوي على هوائي إرسال، كانت مستويات التعرض في كلا الموقعين جيدة ضمن إطار المبادئ التوجيهية للسلامة، لذلك إذا كانت إرشادات السلامة لها تمثل حد الأمان البيولوجي، فلا ينبغي أن تكون هناك آثار واضحة. استغرق الأمر حوالي 30 يوماً حتى تحمل الفئران.

عند التعرض لمستويات إشعاعية عالية، أنتجت الأزواج مولوداً واحداً على الأقل حجمه أقل من الحجم العادي، والولادة الثانية كانت ذات أعداد نسل منخفضة، بعد ذلك أصبحت عقيمة تماماً أو كانت ذات خصوبة منخفضة للغاية.
في الموقع الآخر، أنتجت أزواج الفئران أربع مواليد، مع تناقص أعداد النسل مع مرور الوقت تلاها العقم الكامل.

في كلا المجموعتين، تم إجراء التزاوج وإمكانية الحمل اللاحقة للمولود المحتمل الخامس تحت ظروف عدم التعرض للمجالات الكهرومغناطيسية، ولكن آثار الخصوبة لم يتم إصلاحه، وبالتالي قد تصبح آثار الخصوبة غير قابلة للإصلاح، مما يشير إلى وجود نمط مماثل لهذه التأثيرات للمجالات الكهرومغناطيسية على الدماغ.

آليات التفاعل بين الأشعة الراديوية والإنسان
1 - التأثيرات الحرارية (التسخين).
أفضل تأثير معروف ومثبت للإشعاع غير المؤين هو تسخين الأنسجة، يحدث هذا التأثير بشكل رئيسي في مدى من 30 ميجاهرتز إلى 300 جيجاهرتز (التردد الراديوي).
تتكون الأنسجة البيولوجية بشكل رئيسي من الماء والجسيمات المشحونة كهربائياً. كل نسيج لديه سعة نوعية محددة لامتصاص الطاقة، وذلك وفقاً لخصائصه.

عندما تمتص الأنسجة البيولوجية الطاقة الناتجة عن المجالات الكهرومغناطيسية ضمن الترددات الراديوية والمايكروية، فإن ذلك يسبب تحريك الجزيئات المشحونة في الأنسجة مما يؤدي إلى زيادة موضعية في درجة حرارة الأنسجة، ويمكن أن يتعامل النسيج عادة مع زيادة طفيفة في درجة حرارته، عن طريق زيادة تدفق الدم إلى المنطقة التي امتصت الإشعاع، أما إذا كانت الزيادة في درجة الحرارة عالية، فإن الجسم لا يستطيع التغلب على الحرارة الزائدة وتبديدها، مما قد يؤدي إلى تلف النسيج، مع ذلك فإن قدرة الإشعاع الكهرومغناطيسي التي تصدر عن معظم الأجهزة الشخصية يكون لها تأثير تسخين ضئيل ولا يشكل خطرا لحدوث تلف كبير.

2 - التأثيرات غير الحرارية.
إن التأثيرات غير الحرارية للإشعاع غير المؤين هي تلك التي لا ترتبط مباشرة بزيادة درجة حرارة الأنسجة، ولكن تؤدي إلى تغيرات أخرى تحدث في الأنسجة نتيجة التعرض للمجالات الكهربائية أو المغناطيسية، وقد تحدث هذه التغيرات بسبب سلسلة من العمليات البيولوجية، والتي قد تؤثر على الكائن الحي على مستويات مختلفة (من الجزيئي، إلى الخلوي، العضوي، والكائن الحي بالكامل) حيث تؤدي إلى تنشيط آليات مختلفة تؤثر على الصحة.

إشارت الدراسات الوبائية إلى وجود علاقة بين الإشعاع غير المؤين وتطور الأورام السرطانية مما أدى إلى فرضية مؤداها أن الخلايا الحية في الجسم قادرة على "الإحساس" بالإشعاع غير المؤين وأنها تستجيب له دون التعرض للتسخين.

وللتحقق من هذه الفرضية، تمت دراسة تأثيرات مدى ترددات مختلفة من الإشعاع غير المؤين على العمليات داخل الخلايا في زراعة الأنسجة ولأنواع مختلفة من الخلايا، وكما هو متوقع لم يكن للإشعاع غير المؤين تأثير كبير على تسلسل الحمض النووي أو على تركيبه، وعلى العكس، لوحظت تأثيرات طفيفة ولكنها قابلة للتكرار على آليات نقل الإشارة داخل الخلايا، بما في ذلك تكوين الجذور الحرة، الفسفرة وتكسير البروتين.

حتى الآن لا يوجد دليل على أن هذا "الاستشعار" يؤدي إلى تغييرات فيزيولوجية، بما في ذلك تكاثر الخلايا أو الموت.

ومن المثير للاهتمام ملاحظة أن "استشعار" الإشعاع قد لوحظ أيضاً في الخلايا التي تنشأ في كامل الكائن الحي (مثل الذباب)، ولكن هنا أيضاً لم يتم تأويل هذه الاستجابة إلى أي عمليات فسيولوجية قابلة للقياس، ربما لأنه في هذه التجارب لم يكن الإشعاع يتجاوز الجرعة المطلوبة لتحقيق التأثيرات الفسيولوجية. من أجل الكشف عن الآليات التي يؤثر فيها الإشعاع على الخلايا الحية، هناك حاجة إلى إجراء المزيد من الأبحاث حول أنظمة أكثر حساسية (مثل التحول أو الطفرات الوراثية، أو الخلايا التي تعاني عوزاً في الحمض النووي).

التحليل والاستنتاجات
في الفترة الأخيرة أصبحت اللجنة العلمية المعنية بالمخاطر الصحية المحددة حديثاً (SCENIHR) هي اللجنة الأوربية المعتمدة الأساسية في تقييم المخاطر الصحية الناشئة عن التقنيات الحديثة.
وتقدم هذه اللجنة آراءً بشأن المخاطر الصحية والبيئية الناشئة أو المحدَّدة حديثاً وعلى القضايا الواسعة أو المعقدة أو متعددة التخصصات التي تتطلب إجراء تقييم شامل للمخاطر التي تهدد سلامة المستهلك أو الصحة العامة والمسائل ذات الصلة التي لا تغطيها هيئات تقييم المخاطر المجتمعية الأخرى.

معظم الدراسات والأبحاث التي تبنتها هذه اللجنة كانت تخلص إلى نتيجة أنه لم يثبت أن للإشعاع الكهرومغناطيسي أي آثار سلبية على الصحة العامة أو أنه لا زال هنالك نقص في المعرفة، إلا أن هنالك بعض الجمعيات والمؤسسات مثل وكالة الحماية من الإشعاع والسلامة النووية الأسترالية (ARPANSA)، والتي تعنى بحماية البيئة من الآثار الضارة للإشعاع من خلال فهم مخاطر الإشعاع، وضع أفضل المعايير والقوانين الخاصة بالسلامة، إجراء البحوث، وضع السياسات الخاصة باستخدام المصادر الصناعية للإشعاع، قد بينت من خلال العديد من المؤتمرات أن الإجراءات المتخذة من قِبل (SCENIHR) لم تكن فعالة وكافية للحد من مخاطر الإشعاعات الكهرومغناطيسية.

بحث علمي من إعداد أ د. أحمد كاظم فالح الجبوري أستاذ الفيزياء كلية التربية - جامعة عدن
ومن تقديم وتلخيص د. ياسر عمر هتاري

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى