النازحون والمغتربون العائدون يفتحون شهية أرباب العقارات بحضرموت

> تقرير / خالد بلحاج

> مواطنون: على السلطة المحلية التدخل لوضع حد لأطماع ملاك الشقق
أنعشت ظروف الحرب، التي تشهدها البلاد منذ خمس سنوات، سوق العقارات في محافظة حضرموت حيث باتت تشهد ارتفاعاً غير مسبوق في أسعار قطع الأراضي، والوحدات السكنية، الأمر الذي نشط الحركة الاقتصادية وأعمال التشييد والبناء فيها.
وبحسب متخصصين في سوق العقارات، فقد ارتفعت أسعار الوحدات السكنية، خلال الأشهر القليلة الماضية، في مدينة المكلا عاصمة المحافظة بنسبة تتراوح بين 50 - 70 % في الأحياء العادية، فيما بلغت نسبة الزيادة في الأحياء الراقية وسط المدينة إلى 150 بالمائة.

والإيجارات هي الأخرى شهدت ارتفاعاً كبيراً، ففي الأحياء العادية بالمدينة فقزت إلى 75 ألف ريال للوحدة السكنية، بدلاً من 30 ألف ريال خلال الأعوام الماضية، فيما وصلت في الأحياء التجارية ما بين 160 و200 ألف ريال (1200 - 1300 ريال سعودي)، بزيادة تصل إلى قرابة 150 % قبل عام من الآن.
وتبلغ إيجارات الشقة الواحدة في المكلا وأجزاء من أحياء فوه والشرج وباجعمان المكونة من (4) غرف وحمامين ومطبخ من 500 إلى 800 ريال سعودي وقد تتجاوز ذلك إلى 1000 ريال أو 1100، ولا يقبل مالك الشقة بدفع الإيجار إلا بالريال السعودي.

مطالبات بالتدخل
وطالب عدد من المواطنين السلطة المحلية بضرورة التدخل لوضع حد لطمع ملاك الشقق السكنية، مستغلين عودتهم إلى وطنهم وحاجتهم للسكن. ولا يختلف الوضع بالنسبة لحركة بيع وشراء الأراضي البيضاء، لتقفز بنسبة 70 % في الأحياء الراقية، بحسب إفادة مختصين في سوق العقارات.
وبدا واضحاً تحول مالكي العقارات في مدينة المكلا أخيراً إلى التعامل بعملتي الريال السعودي أو الدولار الأميركي، في ظل تراجع صرف الريال اليمني وعدم استقراره.

ويلاحظ الزائر للمدينة توسعاً واضحاً في تشييد المباني الجديدة، عوضاً عن إعادة بناء منازل قديمة وتصميمها بما يتوافق مع أسلوب السكن العصري، خصوصاً تلك التي تقع في وسط المدينة.
وكانعكاس للحركة النشطة في القطاع العقاري بدا لافتاً، خلال الأشهر الأخيرة، الانتشار الهائل لمكاتب بيع وشراء العقارات، فضلا عن الزيادة في حجم الإعلانات المنتشرة في مواقع التواصل الاجتماعي.

أسباب عدة
ويرجع المهندس محمد أحمد، وهو صاحب مكتب استشاري في التخطيط والتطوير العقاري، ارتفاع أسعار الأراضي والوحدات السكنية إلى حركة النزوح الكبيرة من المحافظات الشمالية، جراء الحرب، إلى مدينة المكلا، فضلا عن عودة أعداد كبيرة من المغتربين في السعودية إلى المحافظة جراء فرض السلطات في المملكة رسوماً على مرافقي المقيمين.. موضحاً أن عدم وجود مراكز تجارية وخدمية في أنحاء متفرقة من المدينة وتركزها في أماكن محددة فقط يعد سبباً آخر في انتعاش القطاع العقاري في هذه الأحياء.

ويوضح في حديثه لـ "الأيام" أن وجود مشكلات في تملك الأراضي وحالات السطو بالقوة على الأراضي في ضواحي المدينة والمديريات الأخرى أدى إلى زيادة أسعارها في الأماكن الآمنة وسط المدينة.

ويتوقع أن تتوقف هذه الطفرة في سوق العقارات لاحقاً، لكنه يستبعد أن تتراجع أسعارها إلى ما كانت عليه من قبل. ولحل المشكلة يطالب المختص في التطوير العقاري بأن تتبنى الدولة مشاريع بنية تحتية من ماء وكهرباء وطرق وخدمات في أطراف المدينة كمنطقة الريان مثلا، لتخفيف الضغط عن وسط المدينة، وإغراء المواطن لشراء الأراضي في تلك المناطق التي ينخفض سعرها مقارنة بوسط المدينة.

ارتفاع كبير
وبينما فتح سوق العقارات شهية المستثمرين ورجال الأعمال، يشعر المواطنون بالقلق جراء تضخم الأسعار إلى مستوى يفوق قدرتهم الشرائية، إذ بات الحصول على شقة سكنية بسعر يتوافق مع دخلهم أمرًا في غاية الصعوبة.
يقول الشاب علي (متزوج حديثاً): إن كل محاولاته منذ مارس الماضي في الحصول على وحدة سكنية في مدينة المكلا بسعر يتناسب مع دخله باءت بالفشل.

وقدم علي من وادي حضرموت إلى المكلا للعمل، لكنه تفاجأ بالارتفاع السريع في أسعار الشقق السكنية خلال الأشهر القليلة الماضية، موضحاً أن العيش بعاصمة المحافظة لم يعد سهلاً كما تصوره سابقا.

وأمام ذلك الوضع المزري وجشع التجار فقد اضطرت النساء للعمل، كما تؤكد المواطنة فاطمة التي تعيش مع زوجها في شقة مكونة من غرفتين ومطبخ وحمام، إذ تقول: "راتب زوجي 42 ألف ريال يمني فقط وجميع الحوافز والتسويات الخاصة بعمله موقفة منذ أيام الأزمة.. كنا نعيش في غرفتين بـ25 ألفا، الآن ارتفع الإيجار إلى 50 ألفاً، دورنا بيت آخر أقل لكن ما حصلنا، وإن لقينا غالباً يكون الدفع شهرين مقدما وشهر تأمين غير حق الدلالة"، وتضيف لـ "الأيام": "اشترى زوجي تاكسي لكي يؤمن بقية متطلبات الحياة، بس للأسف خسرانين فيها.. إذا اشتغلت يومين 3 أيام عاطلة لازم لها مهندس، خسرنا فيها واضطريت للعمل لكي أساعده على تأمين باقي متطلبات حياتنا، راتبي لابأس به والحمد لله...".

وأخيراً، اضطرت كثير من الأسر إلى مغادرة وحداتها السكنية بعد رفع سعر الإيجار فجأة، وتخييرهم بين القبول بالسعر الجديد أو المغادرة.
ولا يختلف الوضع كثيراً في مدن وادي حضرموت كسيئون وتريم والقطن، التي تشهد هي الأخرى ازدهاراً في سوق العقار لكن بنسب أقل عن مدينة المكلا، وذلك بسبب النزوح الكبير من مناطق الحروب إلى وادي حضرموت.

معاناة السكن معاناة أخرى تضاف لمعاناة المواطن البسيط والموظف الذي لا يكفي دخله الشهري لقمة عيشه.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى