الإهمال الرسمي يحوّل متنفسات المكلا إلى خراب ومأوى للمشردين

> تقرير/ ناصر المشجري

> تُعد الحدائق والمتنفسات والمجسمات الجمالية مشروعات مهمة تحتاجها أي مدينة حضرية في العالم، وفي مدينة المكلا عاصمة محافظة حضرموت أقيمت مجموعة منها ومن المساحات العشبية والمجسمات الجمالية صُممت من وحي التراث وحِقب التاريخ القديم المرتبط بالمحافظة، ومنحت هذه الحدائق ومساحات التشجير التحسينية المدينة فيما مضى رونقاً ومنظراً جمالياً خاصاً، وباتت مقصداً للأسر والعائلات في فصل الصيف للراحة والاستجمام هروباً من جحيم المنازل، غير أن إهمال الجهات ذات العلاقة وعدم حمايتها والإشراف عليها جعلها خراباً ومواقع جدب متصحرة وأثراً بعد عين.

مجسمات الكورنيش
«الأيام» بدأت جولتها من شارع الكورنيش الممتد من حي السلام وحتى حي الصيادين، حيث كان يوجد مجسمان يقعان وسط مساحات خضراء، أحدهما على شكل قارب صيد بأدواته يرمز إلى علاقة المجتمع الحضرمي بالبحر والعمل في مجال صيد السمك، إلا أنه لم يعد موجوداً اليوم بعد أن طالته أيادي العابثين، وأصبحت مساحته تستخدم كملعب للأطفال لممارسة هواية كرة القدم ومكب للنفايات يستعمله ملاك المحال والمطاعم القريبة منه.

أما المجسم الآخر، وهو مجسم ومتنفس البريد الذي صممته السلطات أثناء حكم المحافظين الشماليين على المدينة، وهو على شكل سد مأرب، اتخذ منه حالياً السائبون وكراً لهم فيما حوله المجمعون للخردوات وعلب البلاستيك مستودع لما يجمعونه في منظر يشوه أهم شارع في مدينة المكلا.

حديقة الديس
حديقة الديس بحي أكتوبر المعروفة بحديقة 22 مايو، أسست كأكبر حديقة في المدينة، وكانت تمثل المتنفس الوحيد لأبناء الحي وتتوفر بها خدمات متعددة ومربعات تشجير ونافورة قبل أن تتعرض للتدمير تماماً ولاستباحتها من قِبل العمال الوافدين والذين حولوها إلى مكان للنوم وقضاء الحاجة على مكوناتها دون حسيب أو رقيب من الجهات المعنية حتى أضحت مصدر إزعاج للجيران، كما شجع الوضع الذي وصلت إليه الحديقة المتنفذين إلى تحويل جزء منها إلى مفرش لبيع الأسماك تابع لجمعية العباري السمكية، متجاهلين بذلك اعتراض الأهالي وهيئة أراضي وعقارات الدولة، وعلى إثر ذلك تدخل مؤخراً الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة فرع حضرموت بتوجيهه رسالة تحذيرية لمدير عام مديرية المكلا بتاريخ 09/07/2019 طالب فيها بإزالة البناء الذي تم في الحديقة، لمخالفته للغرض ونوع الاستخدام فيها وفق قانون الهيئة العامة للمساحة والتخطيط الحضري ومصلحة أراضي وعقارات الدولة.

ويعد هذا القرار انتصاراً لمناشدات المواطنين الذين يطالبون بتأهيلها ويرفضون التصرف بطرق مخالفة.

الخراب والحالة المزرية التي تشهدها المواقع الجمالية المنتشرة داخل مدينة المكلا شملت أيضاً خور المكلا وشارع جولة بن عزون. فمثلاً الخور وهو الذي يُعد أضخم مشروع سياحي تحقق في عاصمة حضرموت بات في الوقت الحاضر مكاناً وقبلة لمتعاطي القات والمعسل دون ضوابط، نتيجة لغياب أمن الموقع الذي تكفلت به شركات متخصصة لأسباب غير واضحة، فضلاً عن التدمير الكبير الذي تعرضت له جنباته، كما أن رمي المخلفات فيه واستمرار سيول المجاري التي تصب داخل قناته وما خلفته من روائح كريهة كان عاملاً طارداً لكثير من المواطنين، لاسيما الأسر.

والتقطت كاميرا «الأيام» صوراً لوضعية متنفسات جولة بن عزون الممتلئة بالقمامة والأشجار الشوكية التي نبتت، لغياب العناية من قِبل البلدية وصندوق التحسين والنظافة، كما وجد فيها المختلون عقلياً الذين تعج بهم المدينة بشكل لافت مكاناً مناسباً للجلوس والمبيت بصورة دائمة.

ونتيجة لما تمتاز به مدينة المكلا من موقع إستراتيجي وساحر على شاطئ بحر العرب شبهها الباحثون والمؤرخون والكتاب والمستشرقون بسندريلا جميلة، كما تغنى الفنانون والشعراء في عشقها كرائعة كرامة مرسال لشاعر المكلا ذائع الصيت خالد عبد العزيز، حين قال: "يشتاق لك كل عاشق من حين لآخر، وأنا دوب المدى مشتاق.. بعد المكلا شاق"، غير أن حال المكلا في هذه الآونة لا يسر أحداً، وهو ما يتوجب من السلطات المحلية التدخل العاجل لانتشالها من حالتها السيئة لا سميا وهي أرض النفط والمعادن والكنوز الثمينة ومدينة السلام وعاصمة البلاد الاقتصادية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى