قرية «العنين» بمديرية القطن.. مخزون ثقافي وموروث شعبي عريق

> تقرير/ خالد بلحاج

> تتضمن اللعبة الشبوانية والشعر الشعبي والغناء 
قرية "العنين" تقع بأحد ضواحي مديرية القطن محافظة حضرموت الوادي والصحراء وتبعد عن مركز المديرية بنحو خمسة كيلو مترات من الشرق.
تمتلك هذه القرية مخزوناً ثقافياً وموروثاً شعبياً كبيراً منذ زمن الأجداد، وذلك الموروث يكمن في الألعاب الشعبية  (الشبوانية) والشعر الشعبي والغناء والفن والعادات والتقاليد التي ما تزال سائدة حتى اليوم ويمارسها الأجيال ابتهاجاً وفرحاً في المناسبات الدينية والوطنية التي يُحتفى بها، والتي ينبري لها ثلة من الشباب والشعراء والمهتمين بالشأن الثقافي مصاحبة لعدة ألعاب شعبية لتأديتها وتقديمها في قالب ثقافي وفني جميل يزرع البهجة والسرور في النفوس.
تحيي أيام الأعياد بعادات وطقوس خاصة
تحيي أيام الأعياد بعادات وطقوس خاصة

وتشهد هذه القرية خلال عيد الأضحى المبارك، وعلى مدى أربعة أيام، جملة من الفعاليات الثقافية والتراثية أبرزها
رقصة "الجبُانة"، وهي إحدى الرقصات الشعبية التي يمارسها الأجيال امتداداً لزمن الأجداد، وذلك في المناسبات الدينية كعيدي الفطر والأضحى المبارك.

وتبدأ هذه الرقصة فور الانتهاء من أداء صلاة العيد، حيث يتجمع أفراد العدة والرقص الشعبي لتأديتها ومن ثم ينطلقوا عبر شوارع القرية وهم يرددون الأهازيج والأشعار الغنائية مثل "جابها الرحمن زينة"، "يا عيد عرفة ويا عرفة متى باتجين".. وغيرها من الأبيات الشعرية مصحوبة بالرقصات الشعبية وإيقاعات الهاجر والطبل التي تؤدى بحرفية وعشق لهذا الفن وصولاً إلى ساحة الاحتفالات بجوار جامع القرية، وعندها تختتم الفعالية برقصات غنائية أو ما يسمى بالقطني، ومن ثم ينصرفون إلى منزلهم لتبادل التهاني بالعيد مع أسرته وأصدقائه.
 

اللعبة الشبوانية
في عصر ذات اليوم يواصل أبناء القرية أفراحهم وابتهاجهم بتأدية اللعبة الشبوانية، وهي إحدى الرقصات الشعبية التي يمارسها أفراد "عدة الألعاب الشعبية"، وتنطلق من ساحة الاحتفالات صوب منزل مقدم "العدة" ومن ثم العودة، يصاحب هذه الرقصة مداخلات شعرية من قِبل الشعراء الشعبيين بالقرية.
وتعد هذه اللعبة الأكثر شعبية؛ حيث يشارك فيها عامة الناس من الأطفال والشباب والشيوخ حتى المساء.

وفي عصر اليوم الثاني من العيد، ينظم شباب "العنين" مسابقات رياضية وألعاب ترفيهية ابتهاجاً بالمناسبة اشتملت على مسابقات رياضية وألعاب ترفيهية تراثية مثل لعبة شد الحبل، والجري، والفانوس، وإخراج العملة النقدية من الدقيق وغيرها من الألعاب المسلية والترفيهية التي يعود تاريخها إلى زمن الأجداد وما زالت تمارس حتى اليوم.

استقبال للشعراء
عصر اليوم الثالث.. كانت قرية العنين و "عدة الألعاب الشعبية الشبوانية" على موعد فرائحي جديد، وهو استقبال للشعراء المشاركين في المطلع السنوي الذي تنظمه "عدة الألعاب الشعبية" بالمناسبة، وهو ما يسمى "عراض الشعار"؛ حيث يأتي الشعراء من مختلف مناطق وادي حضرموت للمشاركة في المطلع الذي يقام في اليوم التالي، ويتم استقبالهم من قِبل "عدة الشبوانية" بالعنين وكذا بعض أفراد من "عدة القطن"، وذلك بالأهازيج والرقص الشعبي، ويقدم خلاله الشعراء نماذج من أشعارهم الشعبية.

المطلع السنوي والسمر
عند الساعة الرابعة عصراً من رابع أيام العيد تختتم فعاليات المناسبة، من خلال تجمع عدة الألعاب الشعبية الشبواني المشاركة في المطلع من مختلف مناطق وادي حضرموت، والتي يتم استقبالها من قِبل عدة الألعاب الشعبية بالعنين، وكعادتها تبدأ الأفراح والابتهاج كل عدة على حدة لتقدم ما لديها من فنون اللعبة مصحوبة بإيقاعات الهاجر والطبول ليقوم أفراد العدة بترديد الزوامل والأبيات الشعرية المستوحاة من الواقع وملامسة هموم المواطنين، واستمرت تلك الرقصات حتى مغيب شمس هذا اليوم، ليستأنفوا في المساء بالشعر والسمر، وفيها يبدأ الشعراء الشعبيون مساجلاتهم الشعرية والتي يتطرق خلالها إلى الواقع الذي نعيشه وملامسة هموم الوطن والمواطن، ويظهر كل شاعر ما تجود به قريحته الشعرية التي تستلهم عقول وقلوب عشاق الشعر، وتستمر المساجلات الشعرية والسمر حتى وقت متأخر من الليل أو ساعات من الفجر يقضي فيها أبناء قرية "العنين" وعشاق السمر والشعر من مختلف مدن وقرى وادي حضرموت أحلى وأجمل الليالي العيدية الفرائحية، وينفض المولد على أمل اللقاء في مناسبات أخرى.

زاخرة بالقامات الشعرية
ستظل قرية "العنين" عاصمة للثقافة بمديرية القطن ومنبر للأدب والفكر والشعر والرقص الشعبي، وسيحتفظ أبناؤها بكنوزها التراثية وبعاداتها وتقاليدها طالما أن هناك رجالاً مخلصين محبين لعاداتهم وتراث بلدهم في زمن غابت فيه هذه التقاليد والطقوس بل طمست من بعض المدن والقرى بوادي حضرموت بعد أن كانت موجودة فيها.
وستبقى "العنين" زاخرة بخاماتها ومقاماتها الأدبية والشعرية كأمثال الشاعر الكبير صلاح بن أحمد لحمدي، رحمه الله، والكاتب والقاص خالد لحمدي صاحب رواية "وللعنين حلما آخر".. وغيرهما الكثير، كما ستبقى العنين وتراثها محل إعجاب كل من زارها، وكما قال الشاعر: "قلبي في القطن قاطن *** والشف شف العنين".​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى