معادلة «الشرعية» في عدن.. إما الاستيلاء على الدولة أو تعطيلها

> «الأيام» غرفة الأخبار

> الإصلاح يستغل أحداث عدن لفرض أمر واقع بالسيطرة على تعز
 تتالى إعلان حكومة الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي عن تعليق عمل وزاراتها في عدن، مثيرا موجة من الاستياء في صفوف الأهالي من لجوء الحكومة الرافعة للواء الشرعية وتمثيل الدولة، إلى تعطيل الخدمات العمومية ومصالح المواطنين. وأعلنت وزارة النقل في حكومة هادي، أمس الأول الأحد، تعليق عملها في عدن، بعد إجراء مماثل لوزارتي الخارجية والداخلية.

ووصفت دوائر سياسية يمنية أسلوب حكومة هادي في التعاطي مع أزمتها الناجمة عن سيطرة المجلس الانتقالي على عدن بـ "الغريب" كونه يكرّس مصداقية المجلس في توصيفه لتلك الحكومة بالغائبة عن الواقع والعاجزة عن إدارة الشأن العام، ويضفي على خطواته المزيد من المشروعية لدى الشارع الغاضب أصلا من أداء الحكومة الباهت والمرتبك.

كما صنّفت مصادر سياسية تعليق عمل الوزارات، بدلا من الحرص على تأمين تواصل حضور الدولة ودورها في هذه الفترة الحسّاسة، كإجراءات تصعيدية مضادّة لجهود التهدئة التي يقودها التحالف العربي والتي أثمرت في أولى خطواتها بدء المجلس الانتقالي في الانسحاب من عدد من المواقع.
وقالت المصادر إن جهات نافذة في الحكومة تسعى لإفشال التهدئة في استباق لاستحقاقات حوار جدة المرتقب الذي دعت إليه الحكومة السعودية.

ويثير ما تطرحه حكومة هادي من شروط تعجيزية للمشاركة في الحوار استغراب المراقبين، كونها لا تمتلك الكثير من الأوراق التي تجعلها في موضع من يستطيع إملاء شروطه وفرض تصوّراته.
وتسعى قوى نافذة تهيمن على القرار الحكومي إلى إحباط أي محاولات لإعادة التوازن لمؤسسات الشرعية وإشراك الأطراف والمكونات الفاعلة في المشهد اليمني في رسم السياسات واتخاذ القرارات، من خلال اللجوء إلى المزيد من الإجراءات التصعيدية الأحادية التي تعمل على تأزيم الأوضاع والضغط على التحالف العربي ومحاولة خلق حالة صدام بين التحالف والمجلس الانتقالي الجنوبي الذي يطالب بكف يد الإخوان عن مفاصل السلطة، وعدم تحويلها إلى مخلب لمهاجمة القوى المناهضة للمشروع الإيراني في اليمن، لصالح أطراف بعينها.

واعتبر مراقبون يمنيون أن إعلان وزارة الداخلية في الحكومة اليمنية عن تعليق العمل في مقرها الرئيسي في عدن، ووقف العمل في مصلحتي الهجرة والجوازات والأحوال المدنية، تصعيد خطير يلقي بظلاله على حياة المدنيين، ويساهم في تعقيد المشهد السياسي، ويعد بمثابة ابتزاز للتحالف العربي وعقاب جماعي يتعرض له سكان عدن الذين خرجوا في مظاهرات مؤيدة للمجلس الانتقالي.

وإلى جانب وزارة الداخلية علّقت وزارة الخارجية في وقت سابق عملها في عدن. ثم انضمت، أمس الأول الأحد، وزارة النقل، إلى قائمة الوزارات التي جمدت نشاطها.
وقللت مصادر في السلطة المحلية بمدينة عدن في تصريح لـ "العرب" من انعكاسات وآثار هذه الإجراءات التصعيدية التي تأتي في سياق رفع سقف التفاوض في حوار جدة المرتقب.

وكشفت صحيفة العرب الصادرة في لندن، أمس، عن تلقي العديد من قيادات السلطة التنفيذية في محافظة عدن تهديدات بإقالتها في حال حاولت تسيير العمل الحكومي في مؤسساتها، لكن تلك التهديدات والضغوط لم تنجح في شل الحياة في عدن، بحسب المصادر ذاتها.
إلى ذلك كشفت صحيفة العرب اللندنية عن جهود يبذلها رئيس مجلس النواب اليمني والقيادي في حزب المؤتمر سلطان البركاني لإنهاء التوتر الذي تشهده مناطق التربة والبيرين جنوبي مدينة تعز الذي تسببت فيه ميليشيات الحشد الشعبي التابعة لحزب الإصلاح والممولة من الدوحة ومسقط.

وقالت المصادر إن البركاني أجرى اتصالات مع التحالف العربي وقيادات سياسية واجتماعية نافذة في محافظة تعز لتشكيل لجنة عسكرية تشرف على احتواء التوتر ووقف الاشتباكات التي اندلعت في أعقاب إرسال حزب الإصلاح لقوات عسكرية إلى مدينة التربة ومنطقة البيرين في تعز بغرض الاحتكاك بقوات اللواء 35 مدرع المنتشرة في مناطق الحجرية التي تعد وفقا لمراقبين معقلا للتيارات القومية واليسارية والليبرالية ويسعى الإخوان لإخضاعها بالقوة.

وأكدت مصادر الصحيفة أن حزب الإصلاح اتخذ قرارا تنظيميا بمهاجمة مناطق الحجرية وإحكام السيطرة عليها، وتفكيك اللواء 35 مدرع الذي لا يخضع لسيطرة الإخوان، في محاولة لاستغلال تداعيات مواجهات عدن وإرباك المشهد السياسي وفرض سياسة الأمر الواقع في محافظة تعز التي تعد أكبر المحافظات سكانا في اليمن.
وتعرضت كتائب أبي العباس التابعة للواء 35 مدرع لهجوم متزامن إخواني حوثي خلال الأيام الماضية تسبب في سقوط العشرات من القتلى والجرحى بحسب بيان رسمي صادر عن الكتائب التي قالت إن مواقعها في منطقة الكدحة والصلو ودمنة خدير تعرضت لهجوم حوثي بينما كانت قوات تابعة للإخوان تهاجم مواقع الكتائب في منطقة البيرين.

وشاركت في الهجوم ميليشيات الحشد الشعبي التابعة للإصلاح وما يسمى اللواء الرابع مشاة جبلي الذي أسسه القيادي الإخواني حمود المخلافي المقيم في مسقط بدعم قطري عماني من دون صدور قرار رئاسي بتشكيل هذا اللواء الذي لا يخضع وفقا للمصادر لسلطة وزارة الدفاع اليمنية.
وحشد حزب الإصلاح عددا غير مسبوق من القوات والمعدات العسكرية لمهاجمة مناطق جنوب تعز التي لا تزال خارج سيطرته عسكريا وشعبيا، كما أشارت مصادر محلية إلى سحب وحدات ومعدات عسكرية من بينها مدافع ثقيلة من مناطق التماس مع الميليشيات الحوثية في مؤشر على وجود تنسيق من نوع ما للإجهاز على وحدات الجيش الوطني التي لا تدين بالولاء للتيارات الراديكالية.

ووصف الناشط السياسي اليمني مجيب المقطري ما يحصل في منطقة البيرين بالمعركة العبثية التي تسبب بها أصحاب الأجندات غير الوطنية، قائلا إنها "تشبعت حقدا على من يعتبرونهم خصوما برغم أنهم رفقاء سلاح" في إشارة إلى ممارسات جماعة الإخوان.
وقال المقطري: "بعد إخراج كتائب أبي العباس قسريا من مدينة تعز بقوة السلاح قبل أشهر قاد هؤلاء معركة (التربة) قبل أيام، حيث قام مدير أمن المحافظة بتغيير مدير أمن مديرية (الشمايتين) دون الرجوع لأساليب وقنوات الدولة، وقام باقتحام إدارة أمن المديرية دون علم مدير أمن المديرية بالقرار ولم يكن محافظ المدينة في الصورة والذي قام لاحقا بتلافي ذلك التصرف غير المسؤول من مدير أمن المحافظة".

وأكد المقطري الذي يشغل وظيفة المسؤول الإعلامي للتنظيم الناصري في تعز، على أن الأحداث المتفجرة في منطقة البيرين من قبل حزب الإصلاح بحجج أسر أفراد يتبعون للعميد طارق صالح في مدينة التربة، لا تخفي هدفهم الذي يعملون عليه منذ أشهر وهو بسط سلطتهم على منطقة الحجرية وإخضاع اللواء 35 مدرع وكتائب أبي العباس لسلطة أمر واقع بقوة السلاح.

واعتبر أن مثل هذه الاختلالات التي يمارسها بعض من هم في مواقع قيادية بالدولة ويعملون لأجندات حزبية ضيقة، تخدم الانقلابيين وتؤخر تحرير المحافظة وتستنزف قوة الشرعية بالمعارك في تحرير المحرر.
وقال: "المعركة التي تدور في الحجرية تقدم رسالة سيئة لما يدور في الجنوب وبأنهم هم المستهدفون من هذه المعركة باعتبار الحجرية ريف وأبناء تعز بكل فئاتهم غير راضين عن هذه المعركة العبثية وتتحمل الشرعية والسلطة المحلية مسؤولية إيقاف نزيف الدم المراق لرفقاء السلاح ومعاقبة القادة الذين قادوها بدوافع حزبية وغير وطنية مستخدمين مناصبهم التي حصلوا عليها على حين غفلة ليمارسوا أحقادهم وهوايتهم في التمكين لمشروعهم المقيت".

وكان مدير أمن تعز الموالي لجماعة الإخوان، العميد منصور الأكحلي، قد قاد حملة عسكرية على مدينة "التربة" بهدف تغيير مدير شرطتها، ورفض توجيهات محافظ تعز ورئيس اللجنة الأمنية فيها نبيل شمسان بعودة الحملة وعدم تغيير مدير شرطة التربة، وكلف شمسان في وقت لاحق قائد قوات الأمن الخاصة العميد جميل عقلان بتولي مهام مدير شرطة مديرية الشمايتين.

وكتب محافظ تعز نبيل شمسان في صفحته على فيسبوك: "أصدرت توجيهاتي للوكيل الأول د. عبدالقوي المخلافي بإلغاء قرار التكليف الذي أصدره مدير الشرطة العميد منصور الأكحلي في إدارة شرطة الشمايتين بالتربة ووجهت باستمرار عمل العقيد عبدالكريم السامعي في عمله، كما وجهت الأكحلي بسحب قواته من التربة بالشمايتين والعودة بها إلى تعز".

وفي تعليق على سعي حزبها لتفجير الأوضاع في ريف تعز، انتقدت القيادية في حزب الإصلاح ألفت الدبعي تصرفات حزبها، وقالت في تدوينة على فيسبوك "لا يوجد حزب يشتغل ضد نفسه كما يشتغل حزب الإصلاح ضد نفسه، وما أحداث التربة إلا أحد هذه النماذج".
وأضافت "اتركوا التربة أيها الأغبياء.. لا يوجد أغبى منكم سياسيا حقا، تقدمون فرصة فقط لمن يريد الاستثمار في مزيد من إثارة الصراع مع عدن".

وحذرت قيادة المقاومة الوطنية التي يقودها العميد طارق صالح من عمليات استهداف وترحيل تتعرض لها العشرات من أسر عناصر المقاومة في منطقة "التربة" من قِبل ميليشيات الإخوان.
وقال العميد صادق دويد، ناطق المقاومة الوطنية، في تغريدة على تويتر معلقا على تلك التصرفات "كل الشكر والتقدير للتربة وأبنائها على احتضانهم لأسر المقاتلين المنتمين إلى المقاومة الوطنية ومعاملتهم بكل حفاوة وكرم.. فيما تتخذ بعض الميليشيات وجود هذه الأسر كمبرر لاقتحام المدينة والسيطرة عليها والتي كانت بعيدة عن الصراع.. ندعوهم إلى تحكيم العقل وتجنيب المنطقة الفتنة".​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى