مدرسة التربة بالمضاربة.. صرح عريق يتهاوى في ظل صمت المعنيين

> تقرير/ محيي الدين الشوتري

> يعود تاريخ تأسيسها إلى منتصف القرن الماضي
لا جديد غير الوعود الجوفاء التي لم يكتب لها التنفيذ حتى اللحظة من قِبل الجهات المعنية والقاضية بتأهيل مدرسة التربة للتعليم الأساسي، أعرق مدارس مديرية المضاربة بمحافظة لحج والتي يعود زمن تدشين التعليم فيها إلى العام 1956م كأول مدرسة نظامية جنت منها أجيال الصبيحة صنوف التعليم والمعرفة في وقت كان الجهل والفقر يعصف بالمنطقة، غير أن جميل هذا المعلم والإرث التاريخي الكبير لأبناء المديرية لم يفلح حتى اللحظة في الحصول على لفتة نظر تستحقها سواء من الإدارات التربوية المتعاقبة أو الكوادر التي تلقت العلم فيها ويتبوأ العديد منهم اليوم مناصب عليا في الدولة.

"الأيام" زارت هذه المدرسة التي تربض أسفل منطقة تربة أبو الأسرار بمديرية المضاربة بالمحافظة قبل تدشين العام الدراسي الجديد، وشاهدت حجم الانهيار والتصدعات والتشققات الكبيرة في جدرانها والتي تنذر بسقوط أسقفها قريباً وتحولها لمجرد أطلال وذكرى لمرتاديها، فلا يكاد فصل من فصول المدرسة، التي تقدم خدماتها للتعليم الأساسي، إلا ويوجد أثر انهيار أو تشققات في الجدران والأسقف وسقوط الأبواب والنوافذ التي عفى عليها قدم الزمن، لاسيما وأن عمرها تجاوز ستة عقود ولم تتحصل طيلة تاريخها على أي ترميم يقيها من تقادم المبنى الذي بات أثره واضحاً للعيان لمن يزور هذه المدرسة العريقة.
مدير المدرسة: وضع المبنى صعب ونعاني نقصاً حاداً بالكادر التعليمي والمنهج
مدير المدرسة: وضع المبنى صعب ونعاني نقصاً حاداً بالكادر التعليمي والمنهج

خطابات وتجاهل
من يبحث في أرشيف وتاريخ المدرسة الثري سيجد العديد من الرسائل والخطابات التي وجهتها الإدارات المتعاقبة في المدرسة للجهات المعنية والمسؤولة الموضحة للوضع المزري للمبنى جراء قدمه ومطالبة بضرورة العمل على ترميم المبنى، بَيد أن تلك الوعود وجدت أذناً من طين وأخرى من عجين، حيث لم تستجب الجهات المعنية لتلك النداءات والخطابات، الأمر الذي زاد من الحالة السيئة للمدرسة التي لم تُعد بحاجة للترميم فقط بحسب الإدارة الحالية جراء الإهمال الذي تعرضت له طيلة السنوات الماضية وأضحت بفعل التجاهل لتلك الخطابات بحاجة ماسة للتأهيل للحفاظ على تاريخها، وذلك لما تمثله من أهمية بالغة في هذا المجال لدى قطاع عريض من أبناء الصبيحة.

مخاوف
يقول مدير المدرسة عقيل علي عبد الرحيم: "إن أولياء أمور الطلاب الذين يتلقون تعليمهم في المدرسة متخوفون جداً، نتيجة للحالة الصعبة التي تمر بها في الوقت الحالي والتي تنذر بانهيار تام في مبناها وأثاثها".
وأوضح عبد الرحيم في حديثه لـ "الأيام" أن "طلاب بعض الصفوف يقومون بالتنظيف لبعض الفصول بشكل يومي قبل دخولهم إليها نتيجة لتساقط القاذورات وما تخلفه الطيور على الكراسي، وبسبب انتهاء عمر النوافذ والأبواب فقد اتخذت هذه الطيور من الفصول المكشوفة أماكن تأوي إليها وتبني أعشاشها فيها"، مؤكداً في السياق ذاته أن "الكتب المدرسية تعرضت هي الأخرى للتلف جراء سقوط الأمطار عليها بسبب تساقط حماية نوافذ فصول المدرسة".

فصول صغيرة
وأشار مدير مدرسة التربة للتعليم الأساسي بالمضاربة إلى أن "الفصول الثمانية الحالية للمدرسة، بما فيها الفصول التي تحصلت عليها المدرسة من ثانوية بلال بن رباح المجاورة، غير كافية لاستقبال الطلاب والقيام بالعملية التعليمية فيها لصغر فصولها بشكل كبير جداً ولا تتسع للإقبال الكثيف من قِبل الطلاب الذين يزداد عددهم  في كل عام، وللتخفيف من هذه العبء نقوم بجمع أربعة طلاب على كرسي واحد حتى وإن كان هذا الأمر غير لائق ولا مناسب في العملية التعليمية.. ولكن هذا هو وضعنا في ظل الانفجار السكاني الكبير وعدم توسعة المدرسة بما يتناسب مع الإقبال الشديد من مختلف مناطق بالمضاربة على المدرسة".

وأوضح عبدالرحيم لـ "الأيام" أن قبوله للعمل كمدير للمدرسة كان قبولاً صعباً بالنسبة له، لاسيما وأنه استلم المدرسة وهي بوضعها الحالي ناهيك عن النقص الكبير في الكادر التعليمي الذي يعد هو العمود الفقري للعملية التعليمية، والنقص كذلك في الكتاب المدرسي مضيفاً: "في كثير من الأحيان نضطر لتغطية هذا العجز من خلال شراء كتب كمرجع من الأسواق".

وعبّر العديد من الأهالي وأولياء الأمور عن تخوّفهم من الوضع الآلي للسقوط على رؤوس أبنائهم، متمنين أن تجد الجهات المسؤولة حلولاً عاجلة، لا سيما أن العام الدراسي الجديد على وشك البدء.
مدرسة التربة بالمضاربة.. صرح عريق يتهاوى في ظل صمت المعنيين
مدرسة التربة بالمضاربة.. صرح عريق يتهاوى في ظل صمت المعنيين

إجابة مطلوبة
أنهينا زيارتنا لواحدة من أهم المنابر التعليمية في تاريخ منطقة الصبيحة العلمي، وحالة من الذهول لا تكاد تفارقنا جراء وصول حالة المدرسة لهذا الوضع المخزي والفاضح لإدارات التربية المتعاقبة والتي اكتفت بالوعود الجوفاء رغم خطورة الوضع لتتجرع معه المدرسة العريقة علقم هذا الإهمال والنسيان، سواء كان مقصوداً أم متعمداً من قِبل الجهات المعنية، ويبقى السؤال المطروح للمعنيين: لماذا منعتم أو أخرتم تأهيل هذا الصرح التعليمي العريق؟​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى