التحوط الإستراتيجي الأمريكي في الشرق الأوسط

> د. باسم المذحجي

> يوجد - باعتقادي - عدد من الحقائق التي يتوجب الحديث عنها بكل شفافية فيما يخص منطقتنا العربية الشرق أوسطية لاسيما اليمن.
أولاً: المزيد من الحروب يعني المزيد من فقدان الحرية، وفي المقابل فحروب الاستيلاء على السلطة تعني مزيداً من العداء والفوضى، فالحرية والفقر خير من الخنوع والغنى.

ثانياً: المشكلة هي اقتصادية تنموية وليست دينية "إثنية"، وبالتالي فكل من يعشق العنف والحرب هو عاشق للثروة قبل السلطة، ويمكنه التنازل عن السلطة مقابل الحصول على الثروة، وذلك ينطبق على الدول الاستعمارية سابقاً، وكذلك القوى الدولية التي تتصارع يومنا هذا عبر وكلائها المحليين.
ثالثاً: يتوجب إبعاد القضايا الدينية عن السياسة قدر الإمكان؛ لأن في ذلك تفويت لآلية التدمير الذاتي التي أكلت الأخضر واليابس في منطقتنا العربية الشرق أوسطية.

رابعاً: لا يتوجب علينا الرهان كعرب على الإدارة الأمريكية الراهنة في شن حروب عادلة تحقق الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط نظرًا لأن الرئيس الأمريكي ترامب يريد الحصول على جائزة نوبل للسلام بعد مصافحة كيم التاريخية وتلكم الفرصة التي فوتها عليه خامنئي إيران.
خامساً: السلطة السيادية هي السلطة الطبيعية التي يمتلكها أي مواطن في دولة طبيعية تقوم على تنفيذ القانون لأجل القانون والنظام وليس للانتقام.

سادساً: بالرجوع لمبدأ أيزنهاور، ومبدأ ترومان، ومبدأ كارتر، ومبدأ مونرو، ومبدأ نيكسون، ومبدأ ويلسون.. وكلها إستراتيجيات الزعماء الأمريكيين، وبدراسة إستراتيجية مستفيضة فالتحوط الإستراتيجي الأمريكي ومحددات الحرب الأمريكية المقبلة تقرأ بهكذا سياق كما يتبع.

- التحوط الإستراتيجي الأمريكي في الشرق الأوسط
توهمت الولايات المتحدة الأمريكية بأن تشجيع نشر الديمقراطية في الشرق الأوسط سيسهم في منع تجدد الهجمات الإرهابية عليها، فقد كانت تدعم المحتجين والثورات وتستخدمهم للتدخل في شؤون بلدان الشرق الأوسط من بوابة حمايتهم، لكن يبدو بأن هكذا إستراتيجية من خلال دعم جماعة الإخوان المسلمين "الإسلام السياسي" باتت مثاراً للسخرية؛ لأن ذلك سمح للجماعات الميليشاوية المدعومة من طهران لتستكمل القمر الشيعي، وتنمية التهديدات الإيرانية؛ حيث أكد نائب القائد العام للحرس الثوري للشؤون الثقافية والاجتماعية، حسین نجات، أن قوات بلاده ستدمر حاملات الطائرات الأمريكية في مياه الخليج، وقال نجات: "القواعد الأمريكية في المنطقة تقع في مرمى الصواريخ الإيرانية". وأشار نجات إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لم يرد على إسقاط الطائرة المسيرة، كونه يعرف أن "القواعد التي ستنطلق منها العمليات الأمريكية في مرمى صواريخنا"، ونبّه نائب القائد العام للحرس الثوري أن "إيران عرضت أمن إسرائيل للخطر، وهي الآن تؤرق السعودية وأمريكا وإسرائيل"..

المثير للسخرية في 13 يناير 2019 ما قاله قائد الثورة الإسلامية، السيد علي الخامنئي، لرئيس الوزراء الياباني بأنه رجل دين، ورجالات الدين لا يلتقون بالصعاليك أي قاصد الرئيس الأمريكي ترامب، وتلكم تعد حقيقة ثابتة لم ينقلها رئيس الوزراء الياباني إلى الإدارة الأمريكية بسبب أدبه الجم.

والسؤال الذي يطرح نفسه بالكيفية التي سيرد بها الشعب الأمريكي على إهانة الخامنئي لرئيس دولتهم. هل يا ترى التاريخ يعيد نفسه عندما محمد سعيد الصحاف رد على الرئيس بوش الابن بوصف الولايات المتحدة الأمريكية بأنها دولة الصدفة "أي دولة الخطيئة"، وتم نشر مقطع لهكذا تصريح على يوتيوب في 27 سبتمبر 2014. وكانت النهاية التي وجدناها يومنا هذا في مصير الرئيس العراقي صدام حسين، وكيف أصبحت العراق عبر جماعة الحشد الشعبي مركز الهجوم على أرامكو في السعودية، كما تشير بعض الدلائل والقرائن.

خامنئي بتصريحه الأخير فيما يخص ترامب، قتل الدبلوماسية ما بين إيران وأمريكا، وبهذا وصلت إيران وأمريكا إلى حافة المواجهة.

الشرق الأوسط على الطريقة الأمريكية بأن تختصر حكاية
هذا المدخل يبدو على مراحل متعاقبة ومرحلية تحدد بمبررات الحرب، ثم قرار الحرب، وتجاوز رهبة الحرب، وأخيراً ماذا بعد استهداف إيران للقواعد الأمريكية؟
يبدو أن سيناريو الكويت هو المحبذ للإدارة الأمريكية لكنه يصطدم بالتذاكي الإيراني عبر تبني وكلائها لهجماتها، فالولايات المتحدة توقفت فعاليتها بالحد الأقصى للعقوبات الاقتصادية، لكن يبقى ماذا ستكون خطوة إيران التالية لاستهدافها القواعد الأمريكية؟

الرأي الإستراتيجي في الحرب الأمريكية المقبلة
لأول مرة في التاريخ الحديث والمعاصر ستخوض الولايات المتحدة الأمريكية حرباً عادلة ضد إيران لنصرة الشعوب المظلومة في اليمن وسوريا والعراق ولبنان، وإذا خاضها الرئيس الأمريكي دونالد جي ترامب فسيدخل التاريخ من أنصع أبوابه؛ بل نجزم بأنه سيكسب الانتخابات الأمريكية المقبلة، لأنها حرب من أجل الإنسانية، وحرب ضد التغيرات الديموغرافية العرقية، وحرب وقائية تستبق امتلاك إيران لأول قنبلة نووية بحلول 2020.

على هذا الأساس، فالحرب هي خيار إجباري ضد إيران، والتي تعد الرأس المدبر والممول للجماعات العنيفة في الشرق الأوسط، والتي تستخدم التفجيرات والخطف ضد المدنيين والعسكريين وضد الداخل والجوار والخارج، وفوق ذاك وذاك لا تمتلك أي مرونة دبلوماسية سوى الرد بالعنف مثل حزب الله اللبناني والحشد الشعبي العراقي وجماعة أنصار الله اليمنية.

لذلك يؤكد هذا الرأي الإستراتيجي على ضرورة فهم الولايات المتحدة وشعبها لمفاهيم عملية قابلة للتطبيق، و "مقاربات جديدة للحرب"، وآليات هزيمة ذات مصداقية لكي يتسنى لها اتخاذ قرار وإنهاء حروب مستقبلية بالشروط التي تحددها. كما يسلّط الضوء على ضرورة بقاء الولايات المتحدة منخرطةً في المنطقة لكي تتمكن من حماية شعوب المنطقة وتحقيق السلام الإستراتيجي، وبالتالي تعزيز المصالح الأمريكية في مواجهة النفوذ الإيراني في المنطقة، فمبررات الحرب مكشوفة بعد انكشاف أن إيران هي من قصفت معامل أرامكو؛ وليس جماعة الحوثي، وقرار الحرب بات أمريكياً إسرائيل قبل أن يكون سعودياً لأن من قدم المعلومات الاستخبارية وصور الأقمار الصناعية هي أمريكا وإسرائيل، في حين المملكة العربية السعودية تجاوزت رهبة الحرب بعد تعرض نصف مخزونها النفطي للتعطيل والشلل التام، وفقدت إيران كل أوراقها ما عدا مهاجمة القواعد الأمريكية في الشرق الأوسط، وهي الورقة رقم صفر في نظر كل المحللين والخبراء الإستراتيجيين.

* دكتوراه في النوع والتنمية باحث إستراتيجي

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى