مسنة بعدن تعيل أسرة كل أفرادها مصابون بتكسّرات الدم

> تقرير/ فردوس العلمي

> الحاجة نضيرة حسن قائد (في العقد السادس)، واحدة ممّن رسم الزمن مروره على محياها، وترك على جسمها الهزيل ملامح الفقر والمرض ومعاناة واضحة للعيان.
تمتلئ عيناها بالدموع منذ اللحظة الأولى لشروعها في سرد ما تقاسيه وأفراد أسرتها من أمراض وشظف العيش ومرارته.


وبالرغم من كِبر سنها والمرض الذي تُعاني منه، إلا أن حاجتها للبقاء حية أجبرتها على مواصلة العمل بالأجر اليومي بتقشير البطاط في كافتيريا بالحرم الجامعي، والعمل على تصفية المكان، بمبلغ لا يتجاوز الخمسمائة ريال في اليوم.
تتولى الحاجة نضيرة رعاية طفلتين يتيمتين، إحداهما حفيدتها من ابنها، والأخرى من ابنتها، وفي المنزل ذاته، المكون من غرفتين ودارة، تسكن أيضاً ابنة لها بعد أن هجرها زوجها بمعية أبنائها وأخرى مريضة بحصوات الكلى وتكسُّرات في الدم، وكذا ابنها وزوجته وأبنائه.


عندما تتحدث إليك مُسنّة بلغة الدموع، وهي تصف واقع حياة مرير تكافح فيه بكل جهدها للبقاء على قيد الحياة وحسب، تجد نفسك غير قادر على مواصلة الحديث معها، تترجمها في الحال انحدار أدمع حارة تحفر بقسوة، في داخل القلب، لحداً يضم (رفات إنسانية فُقدت)، وحينما تعيش تفاصيل حياة (يوم) في بيت أسر فقيرة يعيشون ببطون خاوية لا يجدون ما يسدون به رمقهم سوى لقيمات قليلة تبقيهم على قيد الحياة.. تشعر بالحسرة والندم على ما وصلت إليه بعض الأسر العفيفة والتي لا يعلم بحالها وما تقاسيه إلا الله تعالى.

معاناة متعددة
تقول نضيرة، وهي تسرد قصة معاناتها لـ«الأيام»: "بتنا مركونين في رف الإهمال والعنصرية، نصارع الحياة دون معين لنا.. نعيش يومنا وننام ليله ولا نعلم هل سنجد قوت في يومنا الجديد أم لا".
تسكن هذه الحاجة ومن تعول في بيت على وشك الانهيار، لا يسكنه سوى الفقر والمرض والجوع والخوف من سقوط سقفه في أي لحظة.


وتضيف بمرارة: "لا أريد شيئاً غير أن أجد من يتبرع لحفيدتَيَّ بثياب مدرسية، فإحداهما الآن في الصف التاسع والصغرى في الأول ابتدائي، وكذا بدفاتر وحق القراع (وجبة الفطور)، فدائماً ما تذهبان للمدرسة بأمعاء خاوية، كما أتمنى من فاعلي الخير إصلاح سقف بيتي والذي أضحى التراب يتساقط منه بمجرد قرع الباب من قِبل الأطفال، وتزيد أزمتنا في حال تساقط المطر، إذ يغرق المنزل بالماء ولا نجد حينها أي مكان مناسب لكي ننام فيه، ولا نستطيع إصلاحه، فالمعاش الذي يتحصل عليه زوجي ضئيل جداً إذ لا يتجاوز الـ 27 ألف ريال، لا يسد جوعنا، فإذا تناولنا وجبة الصباح لا نجد وجبة الغذاء، وكثيراً ما ننام بدون عشاء، وما يعلم بحالنا وما نقاسي من شظف العيش إلا الله وحده".

عمل رغم المرض
رغم كِبر سن نضيرة إلا أنها ما زالت تعمل لتوفير ولو جزء من متطلبات المعيشة لها ولمَن تعول، ففي صباح كل يوم تذهب من مديرية صيرة (كريتر)، مكان سكنها، إلى مدينة الشعب في مديرية البريقة، حيث تعمل في تقشير البطاط في كافتيريا بالحرم الجامعي والعمل على تصفية المكان مقابل خمسمائة ريال في اليوم الواحد، بالإضافة إلى أجرة موصلات، مع الحصول على ما تبقى من طعام فيها.

[img]6 copy.jpg[/img]
وأوضحت نضيرة في ختام حديثها لـ«الأيام» أن "المنظمات وأهل الخير دائماً ما يستثنوها أثناء زيارتهم للحارة التي تسكن فيها بهدف تسجل الأسماء المستحقة"، معيدة السبب في ذلك إلى كونها من فئة المهمشين.

أمراض
أم عبد الحميد هي الأخرى تسكن مع والدتها في نفس الغرفة بمعية بناتها الأربع بعد أن هجرها زوجها ولم يعد يصرف عليهن كما تقول، وتضيف: "ابنتي ليال (18 عاماً) مريضة منذ صغرها بالتهابات في النخاع الشوكي وتكسُّرات في الدم ورقودها في غرفة الإنعاش أكثر من تواجدها في المنزل.. وقد تحصلت على فرصة لعلاجها وزراعة نخاع شوكي لها في سلطنة عمان من قِبل فاعل خير، غير أن الحرب التي شهدتها مدينة عدن في عام 2015م حرمها من تجاوز محنتها، نتيجة لسفر الشخص المتكفل بالعملية والعلاج".


وأوضحت في سياق حديثها لـ«الأيام» أنها تقدمت بالتقرير والملف الخاص بابنتها إلى الحكومة لتتكفل بعلاج وزارعة النخاع الشوكي لها، وكذا بعلاجها واثنتين من بناتها الأخريين والمصابتين أيضاً بتكسُّرات في الدم، ولكن لم يتم التجاوب معها بذريعة أن الحكومة لا تستطيع تحمل تكاليف علاجهن جميعاً.

وتضيف: "كان معي كشك أبيع فيه بطاطاً، ولكن أثناء حرب 2015م تعرض للسرقة، وحالياً راتبنا والمقدر بـ 27 ألف ريال لا يمكّنا حتى من شراء المواد الغذائية الأساسية كاملة، وحتى الآن لم أجد من يعوضني، وكل ما أتمناه هو أن أجد كشكاً ومبلغاً من المال لأعود للعمل به كمصدر دخل لي ولبناتي وأمي، ولكي أتمكن من شراء العلاجات، فجميعنا مصابات بمرض تكسُّرات الدم".​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى