انتشار "حمى الضنك" يثير الذعر بين سكان الحبيلين بردفان

> تقرير/ جمال محسن الردفاني

> لم تكن أسرة الطفل فضل زهدي (5 أعوام)، تعرف أن الحُمّى والآلام التي ظهرت فجأة على طفلها، قد تكون نتاج إصابته بحمّى فيروسية، أو قد تشكل خطراً على حياته، كونهم لا يعلمون شيئاً عن تفشي "حمى الضنك" في مدينة الحبيلين بمديرية ردفان في محافظة لحج.

نُقل فضل إلى مستشفى ردفان العام، فجر الأربعاء 11 سبتمبر 2019، وهو في وضع صحي حرج، إذ كان يعاني من نزيف داخلي، توفي على إثره، قبل أن يتلقى الفحوصات اللازمة في المستشفى، لتدهور حالته الصحية بشكل سريع.

وسبقته طفلة في شهرها الـ 5، بالمدينة ذاتها، في الـ 4 من سبتمبر 2019، بعد إصابتها بـ "حمى الضنك".

وفي أغسطس الماضي، أودت الحمى ذاتها بحياة امرأة في عقدها الـ 3، حينما كانت تتلقى العلاج في مستشفى ردفان العام، الذي أحصى خلال الشهرين الماضيين، 233 حالة إصابة بـ "حمى الضنك"، منها 150 سجّلت خلال الفترة من 12 يوليو حتى 30 أغسطس، إضافة إلى تسجيل 83 حالة منذ 1 حتى 17 سبتمبر 2019، وفق ما أكده د. علي محسن الحنشي، مدير المستشفى، موضحاً أن أكثر الحالات المسجلة هي من فئة الأطفال، إذ قدر عددهم بـ 100 طفل.

انتشار متصاعد للفيروسات
وانتشر فيروس "حمى الضنك" في مدينة الحبيلين، منذ منتصف شهر يوليو، بحسب د. الحنشي، مؤكداً وفاة 3 خلال الشهرين الماضيين من هذا العام. بينما بلغ متوسط الإصابات اليومية 5 حالات تصل إلى مستشفى ردفان لتلقي العلاج، كما يقول، مضيفاً أن هناك إصابات تتلقى العلاج في عيادات خاصة، وأخرى تنقل مباشرة إلى مستشفيات عدن، ولم تشملها إحصائيات مستشفى ردفان.

وأدى تسجيل حالات كثيرة للإصابة بـ "حمى الضنك" في الحبيلين (كبرى مدن مديريات ردفان)، والقرى المجاورة، إلى انتشار الذعر بين أوساط الأهالي، مخافة من تفشي الوباء، الأمر الذي ضاعف دور الجهات والمرافق الصحية للمعالجة والوقاية، بحسب د. الحنشي، موضحاً أنه على الرغم من كون المستشفى غير مجهز بالأجهزة والوسائل الحديثة الخاصة بعلاج "حمى الضنك"، كنقل الصفائح وغيرها، إلا أنهم يبذلون كل ما بوسعهم للعلاج.


في السياق ذاته، يشير د. إيهاب معبد إلى أن ازدياد عدد الحالات المصابة بالفيروسات التي تصل إلى مستشفى ردفان العام، يستدعي إمداد المشفى بالمزيد من التجهيزات اللازمة للقيام بمهامه بشكل أفضل، موضحاً أن تفشي الأوبئة في المدينة لا يستدعي تجهيزات علاجية فقط؛ بل يتطلب أيضاً تكثيف جهود التوعية الصحية ومكافحة الوباء بالطرق الحديثة.

وعلى الرغم من الجهود الاستثنائية التي يبذلها طاقم العمل في المستشفى، إلا أنه في حال طال أمد انتشار الأوبئة، فإنه من الصعب مقاومته في ظل تجهيزات صحية متواضعة وغير معدة خصيصاً لعلاج "حمى الضنك"، إضافة إلى الأوضاع المعيشية الصعبة التي يعيشها الأهالي، الأمر الذي قد ينذر بكارثة إنسانية، بحسب د. معبد.

أسباب عدة لانتشار الحمى
يعيد د. عبدالله سرور، مدير الترصد الوبائي في مديرية ردفان، أسباب سرعة انتشار وباء "حمى الضنك" في مدينة الحبيلين، إلى ارتفاع النمو السكاني، وطفح المجاري، وزيادة هطول الأمطار وتجمعها في البرك، وإطارات السيارات، ونقص الوعي الصحي لدى المواطنين، إضافة إلى عدم الاهتمام بطرق الوقاية الصحية للحد من انتشار البعوض، وعدم إغلاق خزانات حفظ المياه، علاوة على تكدس النفايات، وتردي الخدمات بشكل عام.


ويضيف أن من بين الإشكاليات التي ضاعفت من تفشي الوباء، هو جهل المواطنين بخطورته، وعدم التزام بعض المصابين بمتابعة علاجاتهم حتى الشفاء، إضافة للظروف المادية الصعبة التي يعيشها الأهالي، حد تعبيره، موضحاً أنه تم تنفيذ عملية رش ضبابي لمدينة الحبيلين، لكن ذلك لا يعني أن الوباء قد انتهى.

أوضاع صحية صعبة
ويشهد اليمن أكبر حالة تَفَشٍّ للأمراض والأوبئة منذ 3 أعوام؛ إذ جرى الإبلاغ عن أكثر من مليون حالة إصابة بـ "حمى الضنك". ويمثل تفشي الوباء أحد جوانب الأزمة الإنسانية الحادة التي أدت إليها الحرب التي تشهدها البلاد، منذ ما يزيد عن 5 سنوات، والتي وصفتها الأمم المتحدة بأنها الأزمة الإنسانية "الأسوأ في العالم".

ومناطق مديريات ردفان واحدة من مناطق اليمن التي تشهد أوضاعاً صحية معقدة في ظل تفشي وباء حمى الضنك، وغياب الدولة عن واجباتها تجاه المرافق الصحية للاستعداد لمواجهة الوباء الذي تتمثل أعراضه بارتفاع شديد في درجة حرارة الجسم، ونقص الصفائح الدموية، وإسهالات مائية حادة، وأعراض أخرى، وفق المصادر الطبية في المديرية.


ويغيب عن مناطق مديرية ردفان النائية التوعية الصحية، إذ تفتقر لوجود الوحدات والمرافق الصحية، الأمر الذي يشكل معضلة حقيقية في ظل انتشار الحميات الفيروسية بين الأهالي، بحسب عزيز العيدروس، وهو إعلامي وأكاديمي في جامعة عدن، مشيراً إلى أن مهمة نقل المصابين لتلقي العلاج أمر بالغ الصعوبة؛ لوعورة الطرقات، وارتفاع تكاليف أجرة النقل، الأمر الذي قد يفقد المصاب حياته قبل الوصول إلى المشفى.

وعلى الرغم من رداءة الخدمات الصحية منذ وقت سابق، إلا أن الحرب فرضت ظروفها، وضاعفت من تدهور البنى التحتية، وفاقمت معاناة المواطنين، وفق العيدروس، مؤكداً أن تأثيراتها لم تقتصر على الجانب الصحي فقط، بل شملت الجوانب المعيشية للمواطنين في ظل انقطاع المرتبات، التي باتت عائقاً أساسياً يحول دون توفير المستلزمات العلاجية الطارئة لمجابهة الوباء أو الوقاية منه، وتلبية متطلبات الحياة الأساسية.

ما الذي يتوجب فعله لمواجهة الوباء؟
وطالب د. سرور، الجهات المعنية في المحافظة والمنظمات الإنسانية، بتنفيذ حملة رش دخان ضبابي لكافة مناطق وقرى المديرية، وبأسرع وقت ممكن، لتفادي تطور الوباء.

ويتوجب تكثيف الجهود ومتابعة الجهات المختصة، وكذا المنظمات الإنسانية الداعمة، لتوفير الضروريات للحد من تفشي الأوبئة، والتقليل من أعداد الإصابات والوفيات التي تسجل بسبب الافتقار لأدنى مستويات الخدمات العلاجية، بحسب العيدروس.

وناشدت قيادة السلطة المحلية ومكتب الصحة بمديرية ردفان، الهلال الأحمر الإماراتي، والمنظمات المختصة، التدخل العاجل لمساعدة سكان المديرية على مواجهة وباء حمى الضنك، الذي انتشر بشكل مخيف.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى