الفيدرالية كبديل مؤقت للانفصال

> حافظ الشجيفي

> تعالت في الآونة الأخيرة أصوات سياسية واجتماعية وشعبية كثيرة في الجنوب، تنادي بأن الظرف والوقت المناسبين قد حانا لإعلان استقلالهم عن الشمال، وقيام دولتهم، وذلك استنادا إلى مبدأ حق تقرير المصير للشعوب. حيث صواب ممارسة هذا الحق في الظرف الملموس، مع اختيار النظام الملائم كتعبير عملي عن ذلك باعتبارهم كانوا دولة مستقلة وذات سيادة ومعترف بها دوليا بكل مقوماتها وركائزها الوطنية والسياسية قبل أن يندمجوا في وحدة غير متكافئة مع الشمال في العام 1990م، معبرا عنها في المرحلة الراهنة في إطار فيدرالي مزمن للاستفتاء على الاستقلال بعد عدة سنوات يتم الاتفاق عليها وكتعبير عملي موضوعي وصائب عن حق تقرير المصير. وكصيغة سياسية لضبط العلاقة على هذا الشكل، وعلى أساس ممارسة الديمقراطية أسلوبا للحكم بعد أن أثبت فشله خلال أكثر من عشرين عاما من عمر هذه الوحدة، كأفضل خيار لمعالجة مشاكل دولة كبيرة تعاني من التنافس المحموم بين القبائل على السلطة والثروة والسلاح من جهة، ومن جهة أخرى كحل للمأزق التاريخي الذي نعيش فيه الآن حيث عدنا إلى نقطة الصفر بعد أن تم تدمير دولة الاستبداد المركزي التي أقامها نظام عفاش على أنقاض دولتي التشطير قبل تحالفه مع الحوثي وإشعالهم الحرب ضد شرعية الرئيس هادي وضد الشعب شمالا وجنوبا والتي لم تتوقف بعد منذ أكثر خمس سنوات مضت حتى الآن..

وإزاء هذه الأصوات وجدت بشكل عام نوعين من ردود الأفعال المعارضة والمستنكرة بشدة لهذا التوجه العقلاني الواقعي الذي يفرضه علينا التفكير الوطني السياسي الموضوعي بعيدا عن العواطف والشعارات وما يقال في وسائل الإعلام!.. النوع الأول يعتقد أن الدعوة للفيدرالية هي بالضرورة دعوة للانفصال أو التقسيم .. وهؤلاء إما أن لديهم سوء فهم لحقيقة النظام الفيدرالي المطبق في عدة دول من العالم بدون أن نشهد فيها تلك الانقسامات والانفصالات المزعومة.. وإما أنهم يفهمون جيدا ما معنى الفيدرالية ولكنهم لأسباب مصلحية وقبلية عنصرية يخفونها ويخشون من النظام الفيدرالي لأنه في اعتقادهم سيغير موازين القوة والثروة في الخارطة اليمنية لغير صالحهم.. وهؤلاء قبليون متعصبون أغلبهم يخفون عصبيتهم تحت زي وطني ويتباكون في الظاهر على الوحدة الوطنية بينما هم في حقيقة الأمر إنما يتباكون على شيء آخر!، وقسم من الناس ينبري لمناقشة الفكرة، من دون الاطلاع على حيثياتها، أو فلسفتها، كما أنه لم يحمل نفسه حتى عناء الاطلاع على نماذج من الأنظمة الفيدرالية في هذا العالم، والتي هي تجارب إنسانية قبل أن تكون وطنية أو إقليمية، وكلنا نعرف أن من لم يمتلك الخلفية المناسبة لفكرة ما، لا يمكنه أن يناقشها بشكل منطقي معقول، ولذلك نرى الجاهل بأمر ما يتهجم على الفكرة المطروحة للنقاش ويشتمها، أكثر مما يناقشها نقاشا علميا ومنطقيا رزينا، فهو يميل إلى العاطفة عند الحوار، أكثر من اعتماده على العقل والمنطق، فلا يجوز أن نناقش الفكرة، خاصة إذا كانت مهمة وإستراتيجية للغاية، بخلفيات ضعيفة، أو بأحكام مسبقة، أو بمواقف متشنجة، أو بالاعتماد على الشائعات والقيل والقال، فقد يكون الخير كله فيها، فنخسره ونحرم أجيالنا منه.

وقد يسخر هذا الموضوع لمآرب سياسية وشخصية بفعل نقص الوعي الشعبي للمواطن في الثقافة السياسية..

ومع أن طرح موضوع كهذا سوف يثير زوبعة سياسية وإعلامية حول الفيدرالية في اليمن من قبل بعض الأطراف، ممن سيدعون بأنها عامل للتجزئة وسيتباكون على وحدة الوطن أرضا وشعبا (وطبعا إعلام الجزيرة ومحلّليها جاهزون لذلك) وسيقولون إنها مطلب خارجي في أحسن الأحوال وسيخلطون، كعادتهم، كل الأوراق وسيعتبرون الفيدرالية مظهرا للانفصال والعنصرية وسيخلصون إلى أنها حرام وأن المنادين بها من أهل النار وضد العروبة والإسلام وأن كل الشرف والوطنية ووحدة اليمن شمالا وجنوبا يقتضي رفض الفيدرالية الكافرة.. وحتى نصل إلى إخماد هذه الزوبعة ونتخلص من شرور هؤلاء الأفاقين وعيرهم من المستبدين يجب على جميع القوى الحية والفاعلة بنخبها وجماهيرها في البلاد شمالا وجنوبا أن تأخذ دورها في العمل وتثقيف المواطنين حول هذا الموضوع وعدم تجاوز القواعد الشعبية كما يفعل السياسيون عادة، وكمحاولة منا على هذا الطريق بعد أن تعمقنا كثيرا بالقراءة في هذا الشأن ولإثرائه بالأفكار والآراء التي تكونت لدينا، نقول وبالله التوفيق:

إن نظام الحكم الفيدرالي يعني فيما يعنيه الاتحاد وليس الانفصال فهو أسلوب يعتمد على توزيع السلطات بين الحكومة المركزية والحكومات المحلية وعدم تركيزها في جهة واحدة لمنع الاستبداد والتخلص من أخطاء المركزية الخطيرة في التحكم وعدم إفساح المجال للجميع وكبت الطاقات المحلية ومنعها من الإبداع والعمل فضلا عن أنها -الفيدرالية- تؤدي إلى إيصال الخدمات للجمهور بأسرع وقت ممكن وبأفضل الوسائل، لأن أهل مكة أدرى بشعابها -كما يقولون- بفضل أن القائمين على الحكومة المحلية هم أهل الدار يفهمون حاجاتها وطبيعة سكانها وهمومهم لا كالمتربعين على عرش السلطة في العاصمة يقررون كما يشاؤون في ظل النظام المركزي. وهناك بون شاسع بين الفيدرالية وشكل نظام الحكم في البلاد، فالفيدرالية شكل من أشكال الدولة أو الوحدة وطريقة من طرق تنظيم العمل فيها، فهناك الدولة البسيطة التي نحن عليها الآن وهناك الدولة الفيدرالية وهناك الدولة الكونفدرالية (وهذه خيارات طرحها الجانب الشمالي على الجانب الجنوبي الذي اختار الاندماجية وفضلها عنها) قبيل البدء بخطوات تحقيقها بين الشطرين، وللشعوب أن تختار شكل هذه الدولة بحسب طبيعة كل شعب وخصوصياته وما قد ينجح عند طرف قد لا ينجح عند الآخر بخلاف ما حدث للوحدة اليمنية الاندماجية، وتتميز الدولة الفيدرالية عن الكونفدرالية بأنها أكثر اتحادا وقوة لذلك فقد انتشرت في أغلب مناطق العالم ولم تشهد تجربة فيدرالية مشاكل تستحق التوقف عندها في جميع الدول التي طبقتها كسويسرا وألمانيا تقريبا وأمريكا وأكثر من ثلاثة أرباع دول العالم، ويعتبر الشكل الفيدرالي للدولة الطريقة الأكثر نجاحا لإدارة الشعوب المتنوعة سياسيا أو ثقافيا أو اقتصاديا أو جهويا أو اجتماعيا أو دينيا، لأنها تضمن خصوصيات كل نوع وتحقق طموحاته كاملة فلا مكان للاضطهاد والاستعلاء والإلغاء أو التهميش الذي يمارس عليها في ظل الدولة البسيطة.

وعليه تعد الصيغة الفيدرالية أمانا للمظلومين وراحة لهم من الاستبداديين وتحقق مصالحهم بأيسر الطرق ومن خلالهم هم، فيطمئن الناس ويشعرون بإنسانيتهم وتعود لهم مواطنتهم بالتدريج، بعكس الحرمان والكبت والأحقاد التي تنشأ بسبب توحيدهم بالقوة تحت سيطرة سلطة واحدة مركزية كما حدث للوحدة الاندماجية منذ صيف 94م.

والفيدرالية بذلك - كطريقة لإدارة الدولة – تختلف عن شكل نظام الحكم أو طريقة الإدارة السياسية له، فأنظمة الحكم متعددة فهناك النظام الرئاسي الذي يمنح رئيس الدولة سلطات واسعة ويتم اختياره مباشرة من قبل الشعب عن طريق الانتخابات الرئاسية وهو يختار أفراد حكومته كسلطة تنفيذية، وطبعا تكون مستقلة عن السلطة التشريعية التي أيضا يختارها الشعب ولها صلاحيات وسلطات تختلف عن صلاحيات السلطة التنفيذية التي يقودها الرئيس فضلا عن استقلال السلطة القضائية عنهما معا، وهو ما يعرف بمبدأ الفصل بين السلطات، وتختلف الدول بحسب تطورها حول رسم طبيعة العلاقة بين هذه السلطات بين انفصال تام أو تعاون غير متداخل..

وعلى ذلك يمكننا أن نزعم زعما قاطعا بأن الدعوة للفيدرالية اليوم ليست دعوة للتقسيم والانفصال، كما يردد البعض بسوء فهم أو بسوء نية، بل هي دعوة وطنية واقعية عقلانية ترى ضرورة خوض التجربة الفيدرالية المزمنة قبل الانفصال التام بين الشطرين والعودة إلى ما قبل العام 90م، والخيار العملي الشافي لكثير من مشكلات اليمن المزمنة التي تتطلب في معالجتها التعامل معها بشكل واقعي عملي يراعي حقائق الواقع وطبائع اليمنيين بعيدا عن الشعارات والكلام الذي يقال في وسائل الإعلام!.. فالفيدرالية هي دعوة صادقة مع النفس إلى إعادة تشكيل الوحدة على أساس سليم وصحيح وقوي ومريح يرضي الجميع عن طريق الاعتراف بالواقع الثقافي والمدني والاجتماعي للجانبين، وهي صمام الأمان وقارب النجاة والحل الأمثل والمرحلي للخروج من هذا المأزق التاريخي وهذا العجز الكبير الذي نتخبط فيه الآن.. لأن العدول إلى الفيدرالية يجب أن يكون في الوقت الراهن أيسر وأهون بكثير جدًا من محاولة توحيد دولتين متخاصمتين بينهما نعرات كبيرة وثأرات مريرة فيما لا قدر الله وقرر الجنوبيون الانفصال إن لم يبقَ أمامهم أي خيار آخر غير ذلك!.. فأشد ما أخشاه أن يأتي اليوم الذي نقول فيه: يا ليتنا أخذنا بالنظام الاتحادي والحل الفيدرالي!.. فإذا كان اليوم في نظر البعض شرا فسيكون غدا أخف الضررين وأهون الشرين ولكن بعد فوات الأوان.. ويا ليت قومي يعلمون.

إن المطالبة بتحقيق النظام الفيدرالي في ظل دولة ما بعد النظام الحوثعفاشي والشرعية من أعلى الهرم إلى السلطات الثلاث والدستور الواحد الذي يجب أن يعدل أو يجدد قبل الاستفتاء عليه، لن تتوقف لأنها تخدم الشعب اليمني في أجزاء الوطن المختلفة وترسخ نظام يسهل أداء الخدمات التي ترتبط بحياة الناس أينما كانوا وحيثما وجدوا، وهذه من أهم سمات هذا النظام، هذا إن لم تتطور هذه المطالب مع أي رفض قد يواجهها..

وفي ضوء هذه المعطيات تأتي أهمية الأخذ بالنظام الفيدرالي في اليمن الجديد وبأسرع الخطوات ضمانا لتثبيت أسس الدولة الجديدة والخروج من المآزق التي نشهدها منذ وقت طويل، ألا يجدر بنا دراسة موضوع الفيدرالية بعمق وجدية ومتابعة أحوال الدول والشعوب التي تعيش في ظل هذا النظام المثالي ومقارنتها مع غيرها من الدول الأخرى التي تطبق الأنظمة المركزية؟ ومحاولة الحكم بنظرة محايدة وموضوعية بعيدا عن الأهواء للوصول لمعرفة الحقيقة المجردة، وذلك دون نشر الفزاعات والمخاوف من أن الفيدرالية هي حالة انفصال أو حالة وحدة للوطن، وكأن المطالبين بها ليسوا وطنيين ولا تهمهم مصلحة اليمن بل وربما طلاب سلطة أو منافع شخصية، والأمر ليس كذلك فالمطالبون بالفيدرالية هم الوطنيون الحقيقيون الذين ناضلوا وقاوموا طغيان صالح ونظامه ولم تحتويهم حبائل النظام المنهار بمغرياته التي سقط فيها الكثير من ضعاف النفوس وهم المتنورون والمثقفون من أبناء الشعب في الجنوب والشمال وقادة الفكر فيه..

إن تطوير صيغة المطالب الحالية بالفيدرالية إلى صيغة الاستقلال والانفصال مرهونة بموقف أحد الطرفين منها، لذلك فقد انزلقت البلاد إلى أتون الفوضى والحروب الأهلية في الشمال والجنوب، فالعامل الخارجي/ الموضوعي وغير الموضوعي، المتمثل بمدى تأثير الموقف الإقليمي للبلدان الخليجية، وكذلك تأثير البلدان العربية، على القضية الجنوبية والاعتراف بها كقضية سياسية، يجب حلها بشكل يضمن حق تقرير المصير. والعامل الدولي، ويتمثل في موقف تلك الدول ممن لها مصالح اقتصادية وجيوسياسية في الجزيرة العربية وباب المندب والسواحل الجنوبية بشكل عام، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها من القضية الجنوبية في المنطقة والتعامل معها بشكل يضمن لها المحافظة على هذه المصالح. في الوقت الذي نجد أن النظرة الدولية إلى القضية الجنوبية، لاتزال حتى الآن نظرة إنسانية وليست سياسية وموقفها من قضية إقرار حق تقرير المصير للشعب الجنوبي بما في ذلك الانفصال مازال مرتبطا بنجاح مخرجات الحوار الوطني أو الذي قوبل بمباركة إقليمية وعربية ودولية لا نظير لها.

إن التجربة التي عاشها الشعب اليمني منذ إعلان الوحدة الاندماجية بين شطريه وإلى اليوم أثبتت فشل الدولة المركزية في تحقيق الأمن والحرية والرخاء للمواطن، بل على العكس ساهمت هذه الدولة في زرع الفتن الطائفية والوطنية والسياسية والمذهبية والقبلية والاجتماعية وزادت من توسيع الشرخ السياسي والاجتماعي الموجود ليس فقط بين الجنوب والشمال بل وبين أطراف سياسية ومناطقية وجهوية ومذهبية متعددة وأصبحت الهوية والقبلية تلعب دورها في الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في المجتمع وتقلص دور الحركات المدنية التي تحمل برامج وطنية للتغيير، كما أن أغلب المشاكل الاقتصادية والمعيشية التي نعاني منها اليوم ظهرت بوادرها مع تحقيق الوحدة الاندماجية بين الشطرين..

والعالم الآن يتجه إلى التمكين وإلى اللامركزية المجتمعية وإلى الحكم المحلي، وهي فيدراليات بتسميات وأساليب مختلفة، ولكنها أساليب علمية وفنية وليست عقائدية أو تعبوية كما يعتقد البعض، بل هي أساليب ونظام يغلب عليها الجانب الفني المهني، خصوصا في المجالات الإدارية والقانونية، عمليا ما الذي يناسب اليمن غير نظام الحكم الفيدرالي؟ وما الذي يحقق التنمية ويحقق العدالة في توزيع المنافع والثروات؟ ما الذي يحقق الحد من الفساد والحد الأدنى من الاحتقان والحفاظ على الترابط الاجتماعي والسياسي بين الكيانات الوطنية للشعب؟ إنها ظروف موضوعية هي التي تجعلك تتجه إلى النظام الفيدرالي أو المركزي، وأريد أن أوضح هنا أن الأصل هو المركزية ثم تطورت إلى اللامركزية، وهي تبقى فيها درجة من المركزية ولكن الفيدرالية هي نظام لنقل وتوزيع حقيقي للسلطات، والفيدرالية لا علاقة لها بالدين ولا بالأيدولوجيات وغيرها، إنما هي نظام سياسي إداري فيه تفويض حقيقي للاختصاصات التقريرية والتنفيذية، وللأسف يوجد قصور في فهم هذه الأنظمة من الناحية العملية، نتيجة التأثير بثقافة النظام السابق، من حيث التعبئة القبلية التي عمل على نشرها وتأثر بها الكثير..

إن ما يحملنا على القول بنظام الفيدرالية ما نلاحظه بوضوح من ظروف عسكرية وسياسية واجتماعية ومنية ومعيشية سيئة تدفع إلى الأخذ بالنظام الفيدرالي، الذي تسعى إليه الأحزاب والتيارات السياسية والجماهيرية والوطنية في الشمال والجنوب وفي كل جهات الوطن، بهدف التخلص من أنظمة الاستبداد والحروب والتسلط السياسي، وإلغاء العنصرية القبلية والمذهبية والسياسية، التي قد تهدد وحدة اليمن ـ ووحدة شعبه، فالطريق الأمن والسليم إنما يكمن في (إشراك) جميع اليمنيين في الحكم والإدارة لضمان وحدة الشعب اليمني، بإشراف ورقابة الدولة والسلطة المركزية، وفي حدود نظام دستوري يعين ويحدد صلاحيات كل من المركز (العاصمة) والإقليم أو الحكومة المحلية، ويقوم على أساس العدل، والديمقراطية، وتكافؤ الفرص، وبالشورى والرقابة، لتحقيق أهداف الشعب في البناء والإعمار، والأمن والازدهار الاجتماعي وإقامة صرح الدولة المدنية الحديثة التي يتطلع إليها.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى