لعنة الذهب الأسود.. شبوة أنموذجا

> تقرير/ أحمد الحر

> مواطنون: ثرواتنا ينعم بها الآخرون
يعيش سكان محافظة شبوة، الذين يزيدون عن الـ 700 ألف نسمة، على بحيرة كبيرة من النفط، جعلت من محافظتهم مطمعاً لقوى نفوذ محلية ودولية كثيرة، ما أدى إلى جعلها ساحة حرب يُسحق فيها أبناؤها من أجل إشباع رغبات قوى تلهث لسرقة الثروات المدفونة في باطن أرضهم.
بسبب هذه الثروات تم اجتياح المحافظة مرات عديدة، كان آخرها اجتياح أواخر شهر أغسطس الماضي لتخسر العشرات من أبنائها بين شهيد وجريح والمئات من المعتقلين.

الأهمية الإستراتيجية
تُعد شبوة من المدن الرئيسية الرافدة لاقتصاد البلاد بحوالي 25 % من الموازنة العامة، حسب الإحصاءات والتقارير الحكومية، حيث تنتج من قطاعاتها الثلاثة: عسيلان، والعقلة، وعياذ، ما يقارب خمسين ألف برميل يومياً، ويمثل حقل العقلة النفطي ثاني أكبر حقول النفط بالبلاد، إضافة إلى امتلاكها منفذاً بحرياً يمتد لأكثر من ثلاثمائة كيلومتر، كما يُعد ميناء الغاز في بلحاف على البحر العربي أكبر مشروع صناعي واستثماري في تاريخ البلاد، وكان يوفر إيرادات بنحو أربعة مليارات دولار سنوياً، النصف منها يذهب إلى الحكومة والنصف الآخر يعود لمصلحة الشركات الأجنبية (فرنسية، أميركية).

ويعتبر بلحاف أكبر ميناء لتصدير الغاز المسال في البلاد، وبدأ الإنتاج فيه بشكل فعلي منذ 2009، وكلف إنشاؤه نحو خمسة مليارات دولار.

فقر مدقع
هذه الأهمية الإستراتيجية للمحافظة لم يستفد منها أبناؤها بشيء، حيث يعيش سكان مناطق الامتياز النفطي في حالة من الفقر المدقع مع ارتفاع معدلات البطالة بين الشباب، الأمر الذي أدى إلى تفاقم الأوضاع الاقتصادية وأدى إلى تنامي حالة من اليأس لدى أبناء هذه المناطق من الاستفادة من ثرواتهم المنهوبة.

أين تذهب ثروات المحافظة؟
منذ ما بعد توقيع اتفاقية الوحدة عام 1990م، وحتى اليوم، لم يجب أي مسؤول في السلطة المحلية بشبوة أو في الحكومات المتتالية عن هذا التساؤل، إلا أن هناك قناعة لدى مواطني المحافظة أن ثرواتهم تذهب إلى جيوب الفاسدين.
يقول الناشط أحمد جار الله المشيعي: "في السنوات الأخيرة تفشت الأمراض بشكل مخيف وخصوصا الفشل الكلوي والسرطان، ويعود السبب في ذلك إلى الغازات المنبعثة بسبب إنتاج النفط من الحقول القريبة من مساكن المواطنين".

ويضيف المشيعي في حديثه لـ "الأيام"، وهو من أبناء مديرية عرما: "لم تستفد عرما شيئا إلا الطريق الأسفلتي الذي تم اعتماده من حصة المحافظة من إيرادات النفط، والذي مع الأسف كان يفترض أن يبدأ المقاول بتنفيذها في 6 شوال الماضي، ولكن بسبب تواطؤ السلطة مع المقاول لم يبدأ تنفيذها إلا قبل شهرين ولم ينجز منها إلا خمسة كيلو مترات فقط من أصل 45 كيلو مترا وبمعايير رديئة جداً، والظاهر أن السلطة متورطة مع المقاول في صفقات فساد".

وكشف المشيعي عن 16 منحة طب لأبناء عرماء من شركة (omv) يستولي عليها أحد قيادات حزب الإصلاح ويضع شروطا تعجيزية للمتقدمين من أبناء المديرية لإقصائهم سوى اثنين فقط، فيما تذهب المنح الأخرى لأعضاء الإصلاح أو مقربين منهم.
رداءة في تنفيذ الطريق الوحيد
رداءة في تنفيذ الطريق الوحيد

تردي الخدمات الصحية
تتسلم السلطة المحلية في المحافظة ما نسبته 20 % من إيرادات النفط المصدرة من حقول المحافظة، بالإضافة إلى مبلغ 2 دولار عن كل برميل نفط يتم تصديره من حقول المحافظة تقول السلطة المحلية إنها تذهب لمصالحة مستشفى عتق العام، ولكن المواطن لم يلمس أي تحسن في خدمات المستشفى وأغلب الحالات المرضية يتم معالجتها في مستشفيات خاصة أو في خارج المحافظة.

أعلن محافظ المحافظة محمد صالح بن عديو في شهر يوليو الماضي عن حصول المحافظة على 21143725 دولارا، وهي نصيب المحافظة من عائدات تصدير النفط لمدة عام كامل، وقال إنها ستحول إلى مشاريع تنموية تخدم المواطنين.
انفقت السلطة المحلية ما يزيد عن 15 مليون دولار من حصة المحافظة من إيرادات النفط على مشاريع أشبه بالوهمية، نظراً لقلة جودتها والملاحظات الكثيرة عليها مما ينذر بفشلها رغم التكلفة الكبيرة لها.

انتشار الأورام السرطانية
تعد الغازات المنبعثة، نتيجةً لإنتاج النفط والغاز، السبب الرئيسي لانتشار أمراض الأورام السرطانية في محافظة شبوة.

وبحسب إفادة د. صالح سالم المصواع المدير التنفيذي لوحدة علاج الأورام السرطانية بمحافظة شبوة، فإن الإجمالي العام لعدد الحالات المصابة بالسرطان (1149) حالة مسجلة لدى المركز إلى نهاية شهر يوليو من العام الجاري، فيما بلغ الإجمالي العام للوفيات (80) حالة وفاة، ولغت عدد الجرع الكيماوية خلال العام الجاري (531) جرعة، والإجمالي العام للجرع الكيماوية (1366) جرعة، إلى نهاية شهر يوليو 2019م.

وفي الوقت الذي استغلت فيه شركات ودول وجهات ثروات المحافظة كان من نصيب أبناء الجنوب بشكل عام وشبوة على وجه الخصوص الموت من خلفات النفط، لمن لم يمت بالرصاص والقذائف.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى