لحج.. انتهاكات واغتيال للطفولة

> محامون ومتخصصون لـ «الأيام»: يجب تضافر الجهود لمواجهة "الظاهرة"

>
تقرير/ هشام عطيري
تعدد الانتهاكات التي يتعرض لها الأطفال ومنها لا يعاقب عليها القانون، خصوصاً حرمان الأطفال من مقاعد التعليم بسبب الأوضاع التي تمر بها البلاد، لكن أشدها خطراً تلك التي تمس الطفل وتلحق به الأذى نفسياً وجسدياً ولا يتم الإبلاغ عنها ومواجهتها بحزم.
ومحافظة لحج كغيرها من المحافظات تزايدت حدة الانتهاكات فيها ضد الأطفال، بعضها معلن وتم إبلاغ الأجهزة الأمنية عنه وأخرى غير معلن عنها، ولم تبلغ الأسر بما حدث لأطفالها خشية تعرضهم للعار حيث لم تسجل سوى 5 حالات اغتصاب تم الإبلاغ عنها منذ مطلع العام 2019 م في حوطة لحج.

علي الوكالة
علي الوكالة
مدير بحث إدارة شرطة مديرية الحوطة، الملازم علي الوكالة، تحدث إلى «الأيام» مؤكداً إن إدارته سجلت وقيدت في سجلاتها العديد من قضايا الاغتصاب الجنسي للأطفال، حيث بلغت أكثر من خمس قضايا اغتصاب، خلال هذا العام، تعاملت معها الأجهزة الأمنية وفقاً للقانون وتم ضبط جميع المتهمين بتلك القضايا وعددهم 11 متهماً.
وأضاف الوكالة: "إن الأجهزة الأمنية تحركت عقب بلاغات وصلت إليها من أولياء الأمور وفتحت لهم الشرطة ملفات جنائية وجرى التحقيق وتمت إحالة المتهمين إلى النيابة لاستكمال الإجراءات ومحاكمتهم جراء الجرم الذي اقترفوه بحق الطفولة البريئة".

وأوضح الوكالة أن هناك العديد من الأحكام التي أصدرتها محكمة الحوطة، خلال الأيام الماضية بحق عدد من المتهمين في قضايا اغتصاب أطفال أودعوا السجن المركزي، مؤكداً أن مثل هكذا قضايا توليها إدارة شرطة الحوطة اهتماماً خاصاً من خلال سرعة استكمال الإجراءات القانونية وإحالة المتهمين إلى النيابة والقضاء لسرعة محاكمتهم وإنزال العقوبة الرادعة بحقهم وفقاً للشرع والقانون.

قضايا كثيرة غير مسجلة
عبدالحليم رزق
عبدالحليم رزق
من جهته كشف عبدالحليم جابر رزق، المحامي المتخصص بقضايا انتهاكات حقوق الأطفال في حديثه لـ «الأيام» عن تزايد نسبة الجرائم التي تعرض لها الأطفال خلال عامين، مشيراً إلى أنها بلغت أكثر من 11 قضية انتهاك، وهي لا تعتبر عن الأرقام الصحيحة أو حقيقة حجم الانتهاكات، مبيناً أن هناك قضايا لم تسجل لدى الجهات المختصة، وتم إنهاء إجراءاتها بعد تقديم البلاغ مباشرة لدى الجهات الأمنية.

وقال المحامي رزق إنه خلال متابعته للقضايا بحكم موقعه كمحامي في مشروع العنف ضد الأطفال في النيابات العامة، وجد تساهلاً بل وإهمالاً في اتباع الإجراءات القانونية في التحقيق، وكذا في مباشرة رفع الدعوى من قبل النيابة العامة وقال: "يوجد قصور إجرائي في تكييف الفعل الإجرامي، فمعظم القضايا يتم توصيفها على أنها هتك أعراض أو تحرشات وهذا يؤدي إلى عدم إيقاع العقوبة الرادعة في الجاني ومرتكب الجرم".

وتابع المحامي رزق حديثة قائلاً: "هناك واقعة اغتصاب لطفل تم الإفراج عن المتهم بالضمان العادي الحضوري، وعند تظلمنا من أمر الإفراج وأخذنا أوامر إحضار للضامن كانت الفاجعة أن المتهم والضامن غير متواجدين ولا يوجد لهم أي محل سكن معلوم، أي أنهم هربوا. ونحن نتساءل: هل النيابة العامة في هذا كانت ممثلة للادعاء أم العكس؟!.

وأكد المحامي عبد الحليم على أهمية التوعية القانونية ودور المجتمع والأسرة والمدرسة والمسجد والمجتمع المحيط بأهمية في الإبلاغ والتصدي لمثل هذه الجرائم ومحاربتها والوقوف بحزم ضدها، وتفعيل وسائل الردع.

وعن الجهود المبذولة ودور المجتمع المدني والجهات المعنية في مواجهة الانتهاكات، أشار المحامي رزق إلى أن فرع اتحاد نساء اليمن بلحج ينفذ مشروعاً لحماية الطفل من العنف، ويعمل فيه مجموعة من المحاميين يقومون بتقديم خدمة العون القانوني من خلال المحاضرات والدورات التثقيفية التي أشار إلى أنها ساهمت بمساعدة وتقديم العون القانوني والنفسي والطبي لحالات تعرضت للعنف.

وبدورها عبرت القيادية في اتحاد نساء اليمن، صباح نقحان، عن أسفها تجاه انتشار انتهاكات حقوق الأطفال في المحافظة، مشيرة إلى أنها تحولت إلى ظاهرة مخيفة، مؤكدة أن فرع الاتحاد، وضمن مشروع حماية الطفل، لديه تنسيق وشراكة مع الأجهزة الأمنية المختصة ومكتب الشؤون الاجتماعية والعمل والجهات ذات العلاقة.
تقول صباح نقحان: "إن المشروع يركز على الأطفال من سن السابعة حتى السنة الحادية عشرة، من خلال تقديم الخدمات القانونية للأطفال الذين يتعرضون للانتهاكات من خلال محامين يتابعون قضاياهم، إضافة إلى تقديم خدمات الدعم النفسي والقانوني والعلاجي وتقديم المساعدات للأسر المعدمة.

ودعت القيادية، نقحان، الآباء والأمهات إلى الاهتمام بأطفالهم ومتابعتهم أثناء الخروج إلى الشوارع في أوقات متأخرة من الليل أو الظهيرة، مؤكدة أن أبواب فرع الاتحاد مفتوحة لتقديم خدماته وعلى أتم الاستعداد لتبنى أي قضايا انتهاكات تمس الأطفال تصل إليه ومساعدة الأسر الفقيرة المنتهكة حقوق أطفالها.

يجب الإبلاغ وعدم التنازل
فارس قميح
فارس قميح
الانتهاكات الجنسية والجسدية للأطفال، بحسب الناشط المجتمعي، فارس قميح، جرائم جسيمة من الدرجة الأولى يجب أن لا يتم التنازل عنها، ويجب إحالة مرتكبيها إلى الجهات المختصة بأسرع وقت حتى لا يحدث لأهالي الضحية أي نوع من الضغوط لإجبارهم على التنازل.

وقال إن قضايا الانتهاكات الجنسية للأطفال يجب أن تتعاون فيها جميع شرائح المجتمع ومكاتب الدولة المعنية من الأمن والقضاء، وأن تقوم بدورها لتطبيق القانون وإيصال الجاني إلى العقاب وليس العفو، حتى نحد من انتشار هذه الظاهرة.. "ويجب على المجتمع المدني رفع الوعي المجتمعي بأضرار تخليص الجاني من العقاب لما يشكله من آثار سلبية على المجنى عليه وهو الطفل المنتهك.

وشدد الناشط قميح على أهمية الدور المجتمعي من خلال التوعية للأطفال بعدم التواجد في الأماكن غير الصحيحة والإبلاغ الفوري عن أي عملية تحرش أو اعتداء، وعدم التنازل عن حق الطفل المجني عليه، وقال: "غالباً ما يتم الضغط على الأسرة للتنازل بذريعة السمعة وأقول لهم: ما ذريعتك أن يرى المجني عليه الجاني بغير حساب؟".

لميس صالح ثابت، مدربة دعم نفسي ورئيس قسم الموارد في التوجيه التربوي بالمحافظة، أوضحت أن انتهاكات الأطفال متعددة، منها انتهاكات جسدية ومنها نفسية وكذلك جنسية ولفظية وانتهاكات عقلية، مشيرةً إلى أن أسبابها كثيرة ولكن غالباً بيئتها الفقر وسوء معاملة الأسرة، أولاً من لدن المدرسة والرفاق، وأن أكثرها خطراً الانتهاكات الجسدية واللفظية والعقلية والجنسية، الأعمال المرهقة للأطفال.

وأشارت مدربة الدعم النفسي في حديثها إلى أن الانتهاك الجنسي للأطفال يبدأ بالحركات غير الأخلاقية والتي يكون سببها الرئيس عدم توعية الأسرة أولادهم، وكذلك المدرسة لا تهتم بالتوعية في هذا الجانب تحت مبررات منها، عدم خدش حياء التلاميذ وربما البعض يبرر بقوله: "حتى لا تفتح أذهان التلاميذ والتلميذات لهذه الانتهاكات"، بالرغم من تفشيها وإدراكهم بحدوثها.

وأوضحت لميس ثابت أن الحماية من الانتهاكات تكمن بتوعية وإرشاد الأسرة بأهمية دورهم في توعية أطفالهم، وكذلك توفير مناخ أسري آمن خالٍ من المشاكل، ودور المجتمع ليكون مشتركاً مع مساجد ومدارس وكبار الحي في إقامة جلسات توعية إرشادية للكبار والصغار والآباء والأمهات ومتابعة أطفالهم حتى يتداركوا خطورة الانتهاكات التي تمارس في حق أبنائهم ومعالجتها بوقتها حتى لا تتفاقم وتستفحل بحيث يصعب علاجها.

انطواء واكتئاب وشعور بالدونية
وأشارت (ثابت) إلى أن الآثار النفسية المترتبة عن تلك الانتهاكات تنعكس على سلوك الأطفال فتظهر آثار سلوكية سيئة، مثل الاضطرابات التي يصاب بها الطفل جراء الانتهاكات كالانطواء والاكتئاب والشعور بالدونية وربما يصاب بإحدى بالمتلازمات النفسية السلوكية كالتأتأة أو الجلجلة أو بثورات غضب، وبالتالي كل تلك المشاكل النفسية السلوكية قد تؤثر على المجتمع مستقبلاً، إن لم تعالج بوقتها عند الأطفال من قبل المتدربين والمتخصصين وأولياء الأمور.

وتمنت المدربة في الدعم النفسي، لميس ثابت، أن يتعافى الأطفال من الانتهاكات بمساعدة المجتمع، سيما وأن المنظمات من 2011م إلى وقتنا هذا، اهتمت وتهتم بتوعية وتدريب كل من المعلمين والمدراء والأخصائيين الاجتماعيين بكيفية الدعم النفسي للأطفال من تلك الانتهاكات.
انتهاكات الطفولة برزت كظاهرة زادت حدتها في، وهو ما يستدعى تحركاً مجتمعياً للتوعية والإبلاغ عن تلك الانتهاكات ورفع الأصوات للدفاع عن أطفالنا للحفاظ عليهم وحمايتهم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى