توافق يمني في مواجهة الاختراق الخارجي

> مروان صباح

> كانت تجثم على طاولة المفاوضات اليمنية - اليمنية صخرة ثقيلة إن لم تكن ثانوية كانت حاسمة، بالفعل باتفاق الرياض اليوم تكون المملكة العربية السعودية أغلقت باباً واسعاً لأي اختراق آخر كما حصل سابقاً عندما مهد النزاع السياسي إلى سقوط العاصمة اليمنية صنعاء.

فاليمنيون بهذا الاتفاق أعادوا استخدام العقل الذي به يتداركون من الانزلاق في موجات جديدة تهدد بتمزيق بلادهم وتعرض منطقة الخليج العربي إلى استنزاف أوسع ممكن أن يؤدي إلى اختراق عميق لا يُعرف أين ينتهي، في جانب أخرى عدم وجود الدولة في اليمن تهدد الدول المطلة على البحر الأحمر وعلى وجه الخصوص جمهورية مصر التي يراد لها المحاصرة في عمقها الأفريقي كما هو جاري بخصوص مياه ماء النيل وأيضاً تهريب السلاح عبر البحر الأحمر.

اليوم الرياض بالاتفاق اليمني الحديث تعيد إحياء اتفاق الطائف اللبناني الذي وقعت عليه الأطراف المتصارعة آنذاك عام 1989م، وبالتالي بدروه أنهى حقبة صراع دموي، بالطبع أخذ هذه المرة طابعاً شبابياً، استطاع الأميران محمد سلمان ومحمد بن زايد إخراج اليمنيين من حلقات الاقتتال، أقل ما يقال بحقها (انتحارية)، وهذا يحيل اليمنيين وراعيين للاتفاق دراسة نتائج اتفاق الطائف في لبنان من أجل تجنيب اليمن من الدخول في متاهات مشابهة وبالأخص الاختراق الإيراني الذي استطاع من خلال غياب العدالة الاجتماعية أن يكون حاضراً بقوة، وبالتالي سلوك ونهج الرئيس السابق علي عبدالله صالح الذي تم تصفيته على أيدي حلفائه قد مهد إلى تدمير البلد ومزقه إلى مناطق وعزز القبائلية، وبالتالي من المفترض للماضي المرير أن يدفع المتفقين اليوم للاهتمام بمرحلة ما بعد تنفيذ الاتفاق، أي مهمة الحلفاء السعودي والإماراتي وضع خطط لمشاريع تعيد بناء ثقافة اليمني على قاعدة وطنية تتفوق على جميع الاثنيات والمناطقيات التي استخدمها أغلب الرؤساء وزعماء القبائل السابقين، الذين تعاقبوا على حكم الجمهورية اليمنية وقبائلها.

هناك مسألتان تتقدمان على أي مسائل أخرى، بناء المؤسسة العسكرية والقوى الأمنية بطريقة عصرية ومدنية، وبالتالي من خلالها يستطيع اليمنيون التغلب على مفاهيم الماضي بتغليب منطق المواطنة والولاء؛ لأن اليمن لم يسقط من قبل في الحروب الأهلية والإقليمية إلا بتعدد ولاءات جيشه، على سبيل المثال، كان ابن الرئيس يقود الحرس الجمهوري منفرداً عن الجيش وأيضاً لواء المدرعات كان بقيادة علي محسن والسلاح الجو منقسم بين أبناء الرئيس السابق وجزء مع الحوثيين اليوم وعديد من الألوية موزعة بين حزب الإصلاح الإخواني وغيره، وبالتالي بناء الجيش على قاعدة الولاء للوطن فقط سيعزل الحوثي في دائرة منبوذة وطنياً لأن الجيش بهذه الطريقة سيصبح عابراً للمناطقية والقبائلية ونابذاً للتميز المذهبي، وبهذه الخطوات تكون حلقة محاصرته اكتملت من أجل مواجهته أو استسلامه للدولة فقط.

أما المسألة الأخرى فهي الاهتمام بالمدارس والمعاهد والجامعات، هذه الكيانات تعتبر أولوية ثانية لكن في واقع أمرها تتقدم على أي مسائل أخرى لولا الظروف الأمنية وانقلاب الحوثي الذي استدعى تقديم المسألة العسكرية، التعليم هو الفصل الأطول في حياة الفرد، وبالتالي معالجاته بطريقة علمية وطنية ضمن دولة مدنية تقلص المسافة على المعالج حتى تصل الناس إلى مستوى الإيمان بأن القتال والموت لا يكونا إلا من أجل الوطن؛ وليس كما جرى في اليمن وسوريا وليبيا، الجيش يتمزق ويقاتل شعب بأكمله من أجل رئيس أو زعيم قبيلة أو طائفة.

الثابت في المقابل، تقع على كاهلي المملكة السعودية والإمارات العربية مسؤولية بناء الجيش اليمني بطريقة مغايرة عن الماضي، تماماً كما استطاع المصريون بناء جيشهم، فالجيش المصري قام بإسقاط رئيسين من أجل المحافظة على مصر، وهذا يحسب له، بل الجيش المصري عندما اقتضت الحاجة قام بالتضحية بالزمرة الفاسدة برمتها من أجل الشعب ووحدة أراضيه، إذاً يترتب على الراعيين مهام أكثر تعقيداً من الاتفاق الذي أنهى مرحلة الصراع على السلطة.

وأخيراً لن أختم هذه السطور دون أن أبدي سعادتي الشخصية بالاتفاق الذي من المفترض أن يرسخ الوحدة الوطنية ويضع الجميع على مسار البناء، بناء الإنسان والدولة من خلال ثلاثية تجمع بين الاقتصادي القومي والإسلامي والعالمي. والسلام

"دنيا الوطن"

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى