اليمن.. اتفاق وانتصار سياسي وتصعيد عسكري

> هاني عثمان

> ما بين الحرب والسلام خطوات فُرضت على اليمن "سياسيا"، حتى تستعيد يمناً سعيداً مرة أخرى، بعيداً عن تدخلات خارجية تقف في مقدمة منفذيها إيران بمحاولة زعزعة الاستقرار في جنوب اليمن، ورفضها لما يفرضه الواقع من ضرورة إحلال السلام الشامل والدائم في كل بقعة من بقاع البلاد.
تفاءل الجميع ورُسمت فوق الشفاه ابتسامة عريضة بأن اليمن قارب تجاوز محنته التي تحمل الوجهين السياسي والأمني، بعد أن أبرمت الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي في الرياض، العاصمة السعودية، الثلاثاء الماضي، مبادرة تحت رعاية سعودية حملت اسم "اتفاق الرياض".

المشهد السياسي أصبح يحمل الكثير من اللوغاريتمات التي يصعب التكهن بنتائجها في المستقبل القريب داخل اليمن الذي يعاني منذ فترة ليست قصيرة من تدخلات خارجية "إيرانية" عن طريق ذراع "الحوثيين" في الجنوب، حتى ظهر جلياً في صورة حمل السلاح ومقاومة الشرعية التي يستمدها اليمن من رأى أغلبية أبنائه.
في الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية، حضر الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي وعدداً من القيادات اليمنية، إضافة إلى حضور لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبو ظبي، ليتم الإعلان عن اتفاق بين الحكومة اليمنية والانفصاليين الجنوبيين.

ضمن الاتفاق المعلن عنه، تشكيل حكومة يحظى فيها الجنوبيون بتمثيل متساوٍ وإلى وضع جميع القوات المسلحة تحت سيطرة الدولة، على أن يكون تشكيل الحكومة "كفاءات" من 24 وزيراً مناصفة بين المحافظات الشمالية والجنوبية.

ترحيب دولي
نال الاتفاق المعلن عنه بين الحكومة اليمنية والجنوبيين، إشادة واسعة من المجتمع الدولي واعتبره قادة سياسيون وزعماء أنه بمثابة بداية الطريق الحقيقي وثمرة لمجهودات مستمرة منذ سنوات لإنهاء الصراع في اليمن، ووصفه بأنه تجسيد لرغبة أهل البلاد في إحلال السلام، ومن بين ردود الفعل هذه على سبيل المثال ما خرج عن مجلس الأمن، بأن هذا الاتفاق خطوة هامة وإيجابية للتوصل إلى حل سياسي وشامل في اليمن.

ولرؤية المشهد من زاوية مختلفة "سياسيا"، يظهر في الصورة انتصار لرغبة عربية في استعادة اليمن بالطرق الواقعية والحلول التي تلمس رغبة أهله ووضع المحاولات الإيرانية في حجمها الطبيعي ومحاصرتها للقضاء عليها في ملعب سياسي غير ما يتحقق من انتصارات على تلك المحاولات الخبيثة عسكرياً عن طريق التحالف العربي ومحاربته للإرهاب بتنظيماته المتلونة سواء القاعدة أو "داعش".

"عودة الروح" وإجراءات حكومية
جاء اتفاق الرياض، بمثابة "عودة الروح" للوطنيين من أهل اليمن، وسريعاً خرجت التوجيهات بضرورة متابعة تنفيذ بنود الاتفاق والعمل على متابعة الأمر، حيث وجه الرئيس اليمنى عبدربه منصور هادي كافة أجهزة الدولة ومؤسساتها المختلفة العمل بشكل فوري على تنفيذ اتفاق الرياض وأحكامه كل فيما يخصه.
فيما قال رئيس وزراء اليمن د. معين عبدالملك، في كلمته بورشة مستقبل التنمية والإعمار في اليمن المقامة حاليا بالرياض، إن الاتفاق الذي تم توقيعه مؤخرا بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي جاء يحمل بشائر ترسيخ الاستقرار والأمن وإعادة بناء واستعادة مؤسسات الدولة باليمن.

أذرع إيرانية
بعدما حقق اتفاق الرياض انتصاراً سياسياً لصالح اليمن وعروبته، لم يجد المخرب "إيران" سوى التعبير عن ما أصابه من صدمة سياسية، إلا بحل واحد، وهو استخدام ما يملكه "السلاح" للتعبير بصورة جلية عن ما تحمله النفوس من ضغائن وحيل لعدم عودة الاستقرار واللعب على فرض السياسة الشيطانية "فرق تسد" ومحاولاته الدنيئة لتقسيم البلاد، لتنطلق من فوهة سلاحه الطلقات لتكشف عن وجهه القبيح أمام جموع اليمنيين وكأنه يؤكد على الانتصار العربي الذي جاء باتفاق الرياض.

الترحيب الشديد من جانب المؤسسات اليمنية باتفاق الرياض، لم يقابل غير تصعيد غير مبرر وكأن هناك من يلفظ أنفاسه الأخيرة في معركة يخوضها فاقدا الشرعية وشرف المقاتل بعد أن أصبح "مرتزقا" لا يهتم إلا باستمرار القتال والحرب، لذا يحاول صريحاً مهاجمة قوات التحالف العربي من خلال استهداف مقر لقيادة التحالف في محافظة تعز بطائرتين مسيرتين تم إسقاطهما من قِبل دفاعات التحالف.

كما أحبطت قوات المقاومة محاولة تسلل والتفاف نحو تباب (الصبة والمروى والروكية) بمنطقة الملاحيظ بمحافظة صعدة أسفرت عن قتل وإصابة عدد من عناصر الميليشيا واستعادة كمية من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة.

وفي صورة للمشهد عابثة ويؤكد على حالة العجز السياسي في الرد على اتفاق الرياض، بعد الهروب الجبان من تنفيذه، قامت ميليشيا الحوثي "الانقلابية"، المدعومة من إيران، الأربعاء الماضي، بـ "حملة خطف" طالت أكثر من ثمانين شخصا، من مديرية "دمت" بمحافظة الضالع، جنوبي اليمن ونقلهم إلى جهة غير معلومة وتوجيه تهمة التخابر مع قوات حكومية.

نجاح سياسي
حتى وإن كانت مطامع الحوثيين "إيران" أو الإرهاب بصورة عامة تقف أمام "اتفاق الرياض" في بعض المدن والمحافظات، إلا أن الإرادة القوية لا تزال تضرب بيد من حديد "أمنياً" بقوات التحالف العربي وتحمل الشرعية التي تم تأكيدها في الرياض، بشهادة دولية وأممية، حيث علق رئيس مجلس الوزراء اليمنى د. معين عبدالملك، على المشهد الحالي ما بعد إعلان الاتفاق، أن استمرار ميليشيا الحوثي الانقلابية في تصعيدها العسكري والخرق المتكرر للهدنة الأممية في محافظة الحديدة، رغم نشر نقاط المراقبة الأممية، مؤشر على عدم جديتها في الرضوخ للسلام وتحدى الإرادة المحلية والدولية في وضع حد للمعاناة التي تسببت بها منذ انقلابها على السلطة الشرعية أواخر عام 2014.

وأوضح رئيس الوزراء أن الحكومة حريصة كل الحرص على إحلال السلام، لكنها في ذات الوقت لن تتوانى وبدعم من تحالف دعم الشرعية بقيادة الأشقاء في السعودية على حماية المواطنين من بطش وانتهاكات الميليشيات تنفيذا لأجندة داعميها في طهران.

"اليوم السابع"

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى