اليمن واتفاق الرياض

> فوزية رشيد

> خمس سنوات تقريبًا مرّت منذ بدأت عاصفة الحزم لمواجهة «الانقلاب الحوثي» وخطر المشروع الإيراني في اليمن والخليج، واجه التحالف فيها كل أشكال العراقيل سواء داخل اليمن، ليس فقط بحكم التضاريس والبيئة القبلية والمصالح الحزبية الضيقة والجرائم اللامتناهية للحوثيين، وإنما بسبب الدعم المباشر وغير المباشر الذي تلقَّاه «الانقلاب الحوثي»، من كل من أراد استخدام فتنته في اليمن إما لمصالحه، أو لتفتيت اليمن وتهديد دول الخليج برمتها! وهذا يحيلنا إلى العامل الثاني من تلك العراقيل وهو دور قوى دولية كبرى، وليس فقط إيران ومشروعها التوسعي وإرهابها الواضح للعيان، إذ قامت تلك القوى «بإدارة الأزمة اليمنية وليس حلها»! ومنها انبثق دور «الأمم المتحدة» ومبعوثها، وهو الدور المريب! ومعه الدور البريطاني ودور أمريكا «غير المباشر» ودور المنظمات الحقوقية الدولية، التي مارست كل أشكال الضغوط على التحالف، «حتى لا يصل إلى حسم الأمر في اليمن»، ولكي يتمّ الاعتراف بالحوثي كشريك أساسي في السلطة والحكم، رغم انقلابه على الشرعية، ورغم جرائمه الفظيعة في اليمن ورغم كونه أداة تنفيذ للمشروع الإيراني! والهدف «إبقاء الحوثي خنجرا، في خاصرة السعودية والخليج»، والتمهيد لأخذه دورا مشابها لدور «حزب اللات» في لبنان، و «الحشد الشيعي» في العراق!

ومع إدراك السعودية والتحالف خفايا تلك العوائق والعراقيل، التي تمّ وضعها أمامه لمنع انتصاره الحاسم على «الانقلاب الحوثي» وذراع إيران في اليمن، ليس فقط لاستمرار أجندة التوسع الإيراني، وإنما لاستمرار أجندة دول كبرى غربية، لا تريد بدورها انتهاء المسألة كما قلنا، بانتصار التحالف وإنهاء الخطر الإيراني في اليمن، فإن قيام السعودية بخطوة مهمة وبجهود كبيرة بإعلان «اتفاق الرياض» بين «الحكومية اليمنية» و «المجلس الانتقالي الجنوبي»، وتوقيع هذا الاتفاق الثلاثاء 5 نوفمبر 2019. هي خطوة فارقة لإنهاء الصراع والاقتتال بين الشرعية والمجلس الانتقالي، وبناء الشراكة السياسية وتشكيل حكومة مناصفة بين الشمال والجنوب، إذ يعد هذا الاتفاق المنطلق، للوصول إلى حلٍّ سياسي ينهي الأزمة بين الطرفين، وهي الأزمة التي تصاعدت إلى حد الاقتتال في «عدن» وما خلفته من آثار، كان الرابح فيها هو «الحوثي» وفقط!

في هذا الاتفاق بالرياض توحيدٌ للجهود اليمنية الوطنية، التي كانت متفرقة وتحارب بعضها، فيما «الحوثي» يقتل في الشعب اليمني ويمارس كل أشكال الإجرام، وهو الاتفاق الذي يرسِّخ بشكل كبير «مواجهة الطائفية والفوضى والحزبية الضيقة» من أجل إعلاء مصالح اليمن والشعب اليمني، وشق الطريق نحو استعادة الأمن والاستقرار، بعد توجيه كل الجهود اليمنية نحو محاربة «الحوثي» والتوجه نحو تحرير صنعاء، وإنهاء الانقلاب الحوثي والمشروع الإيراني في اليمن.

إن السعودية التي دأبت على صنع السلام في المنطقة ومحاربة الاستهدافات الخبيثة للدول العربية، تصنع السلام منذ فترة واليوم في اليمن، وتدفع نحو تركيز الجهود اليمنية الوطنية ضد الخطر «الحوثي» والإيراني، بدلا من الاقتتال بين بعضها البعض، في مرحلة حاسمة يمر بها اليمن!، إذ إن إيقاف نزيف الدم بين الأشقاء، كان أحد أبرز المهام السعودية والتحالف، وكما قادت السعودية «عاصفة الحزم» استجابة للشرعية اليمنية، ها هي تقود «اتفاق الرياض» الذي يعد بداية السلام في اليمن وتعزيز وحدة الصف اليمني في وجه الخطر الإيراني.

المرحلة الأهم هي «التنفيذ» ونجاح الجهود تحت إشراف وزارتي الداخلية والدفاع في اليمن، ولذلك من المهم أن لا يُضيِّع اليمنيون هذه «الفرصة التاريخية»، وأن تلتزم الأطراف الموقعة على الاتفاق بكل بنوده، بعيدًا عن «الحزبية الضيقة» ومصالحها الأضيق، وتجاوز خلافات الماضي وأحقاده وصراعاته السياسية، والتخلّي عن الخطاب الشعبوي وتحديدًا لدى «المجلس الانتقالي»، ليكون الهدف الأساسي في هذه المرحلة الحاسمة هو توجّه جميع الفرق اليمنية الوطنية، لإنقاذ اليمن من جرائم الحوثي، وإنقاذ الشعب اليمني من المآلات المأساوية، التي وصل إليها بسبب الانقلاب الحوثي! ونتمنى أن يكون هذا الاتفاق هو بداية النهاية سواء للانقلاب الحوثي و «تحرير صنعاء» أو للمشروع الإيراني الأخطر في اليمن وكل المنطقة، وبذلك وحده تكون عاصفة الحزم قد حققت أهدافها الكبرى!

"أخبار الخليج"

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى