هل من أمل؟!

> سألني أحدهم: هل ترى بصيص أمل في نهاية النفق؟

فأجبته بأنني لا أرى النفق بكله ولا أعلم إن كان هناك نفق أو جسور للعبور الآمن والخلاص أم لا، فلقد أوصدت كل الأبواب في وجوهنا وسدت كل الطرقات أمامنا وانتصبت الحواجز ونقاط التفتيش والمتاريس بين المواطن وذاته قبل أي شيء آخر، وبين المواطن وأخيه المواطن، وصرنا نتشظى ونتشرذم بأسرع مما تنبأ به المتنبئون. فعن أي نفق تسألني يا هذا الراقد على أشلاء الوطن الممزق المضطجع على منصات الأمل والترقب في انتظار الانفراج الذي لن يأتي؟

وكم هزأت وبغصة مريرة من أولئك الذين روجوا للسلام مع هذه الكائنات الهلاميات السارحات في الجبال والصحاري التي مازالت تعيش في أقبية التخلف وأوكار الجهل وكهوف التاريخ وجحور الظلام ومخابئ الحشرات، ومازالت تدور في محيط السلالية والقبيلة والمناطقية والعائلية ولم تغادر منها، وتقدس وتعبد الكهنة والسحرة والأصنام وتؤمن بالخرافات والبدع والخزعبلات وطقوس الشعوذة بعد أن جرمها الناس وحرموها في كل مكان، وترويج خرافة الاعتزاز بالهوية المضرجة بكل فصائل الدم..

وكم حمدت الله العلي العظيم على أننا لا نملك أسلحة كتلك التي تملكها إسرائيل.. إسرائيل التي لم تكن إلا أكذوبة حوثية، كما كانت قبلها لا تزيد عن كونها مجرد أكذوبة عربية كبرى، ولم يمن الله علينا من فتات حضارتها سوى بالسيوف والبنادق والفؤوس التي استخدمناها على مر السنين في قص الرقاب والقهر والإرهاب والاستبداد ضد بعضنا البعض بينما إسرائيل في مأمن منا... فتخيلوا الموقف لو كان لدى عتاة هؤلاء الظلاميين والإقصائيين الكبار والشموليين القساة وفلول الجاهليين الغلاظ والمتعصبين الغلاة الذين تدفقوا من كهوف الظلمات.. لو كان لديهم قنابل ذرية كيف سيكون الحال وكيف سينتهي بنا المآل؟ لأصبحت مجزرة هيروشيما وناجازاكي مجرد لعبة من ألعاب الأطفال مقارنة بما سنفعله نحن بأنفسنا قبل أن نفعله بالآخرين.

فبنادق مشهورة في كل مكان ومدافع مرفوعة وخلافات محتدمة ومن غير محكمين ومن دون الأشعري هذه المرة أو ابن العاص أو أي من المصلحين والوسطاء. فكل واحد منا أصبح فرعون زمانه يجيد فنون القتل ومهارات القتال وبطولات الشهادة وملاحم الشرف ولا يحتاج لخبرة الدهاة الثقاة في التحكيم وفض المنازعات، فالسيوف دوما مشرعة ولا تستقر في الإغماد، ودساتير ثأرية لقوى وطنية ووصايا معمدة بالدم والحديد والنار متوعدة بسفك مزيد من الدماء وزهق الأرواح والاقتصاص، وسكاكين تتلألأ في ولائم الموت وتباشير بحروب قادمة وويلات تتدفق من كل مكان والمشهد العدمي الفاجر يوغل في التحدي والثأر والتأجيج والانتقام والأزمات، والكل يظهر أشد ما لديه من الحقد والبغض وطرق الاستئصال والإلغاء ونبوءات بحروب شعواء طاحنة وعلى كل الجبهات، ويستعد الجميع للجولة الأخيرة للانقضاض على الجميع حيث لن يبقى -بعون الله- أحياء وترتاح البشرية من فسقنا وفجورنا ومن هذا التيه والغطرسة والفجور والخيلاء.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى