حضرموت مجدداً

> لقد كانت ولا تزال حضرموت وخصوصاً الوادي والصحراء محل أطماع قوى الهضبة الزيدية قبل 22 مايو 1990م. ولاحظت ذلك في ما صدر مما يسمى تحقيق مؤلفات الهمداني في الأنساب، ولقد كان المحقق محمد الأكوع، وصدرت تباعاً بعض النسخ، وكان الأكوع قد تجاوز عمره الثمانين ببضع سنين، ولقد شابت تحقيقاته كثير من الأخطاء، ولاحظت ذلك في مواضع ذكرت بصفة جزيرة العرب. ولا ندري هل الأخطاء ناتجة عن العالم الذي بلغ في العمر عتيا، أم أن ذلك من أخطاء الهمداني؟ إلا أنني أميل إلى تخطئة الأكوع لإدانته من قبل العلامة محمد الشامي، والذي ألف كتاباً أسماه "جناية الأكوع على ذخائر الهمداني".

وبما أن الشامي كان وزير خارجية الإمام يحيى لقرابة أربعين عاماً، ولديه الإمكانية للاطلاع على المخطوطات اليمنية القديمة والمودعة في عواصم كثيرة أهمها بريطانيا وألمانيا وتركيا.

جاء في ما قيل في الإكليل بتحقيق الأكوع إن نسب آل كثير يعود لخارف بن همدان وإلى حاشد.

ونقول ربما تكون الأسرة الكثيرية الحاكمة همدانيّة، لكن قبائل الوادي جميعها معروفة من قبل الإسلام أنهم في غالبيتهم كنديين وحتى دخول حضرموت الإسلام. وهذا موثق في تراثنا الإسلامي والتاريخي، وكذلك وفود حضرموت إلى المدينة معروفة.

الأهداف البعيدة المرامي سابقة حتى لنشر تحقيقات الأكوع في 1982م. ويكفي أن تتعمق في الدان والشروح للوادي والصحراء واللهجة والعادات لكي يستبين وينجلي الأمر، ولأن الوادي والصحراء تواجدت فيها الثروات فقد كانت الأطماع بهذا الشأن هي الأساس لكل تطاول أو تزوير.

والتمسك بمنفذ الوديعة وإصرارهم (أي قوى النفوذ القبلية الزيدية) في برتوكول سري بأن الوديعة تابعة لمحافظة الجوف الشمالية، يكشف النوايا في تقسيم حضرموت بحجة خدمة الحضارم، وهي حجة باطلة خبيثة المقاصد قد تجد لدى ضعاف النفوس (كالذباب الذي يسقط على أي شيء ولا يبالي)، قد تجد لدى أولئك قبولاً ولكن يبقى الأمل بغالبية الحضارم، والذين أسقطوا هذا المشروع الخبيث أيام الطاغية عفاش، يبقى الأمل بأن تلك الغالبية هي التي ستنتصر؛ لأن المخطط يستهدف إلحاق الوادي والصحراء بمحافظة الجوف كما سبق لي القول والتمسك بمنفذ الوديعة منذ خمس سنوات دليل واضح.

ومن كان قد طرب فرحاً بأنه قد أُلحق بحاشد في النسب قبل عقود، قد ربما لا يسره اليوم بعد أن اكتسح صبيان مرّان الحوثيين قبيلة حاشد ومسحوا بها وبمشايخها الأرض، واللهم لا شماتة.

الطاغية عفاش أراد تجذير الوحلة بالطريقة الستالينية فأضاف مكيراس للبيضاء، وألحق مديرية الضالع بمجموعة مديريات شمالية وأسماها محافظة الضالع؛ لكي يبرر ما لا يبرر، وهو وجود 35000 عسكري من 1994م يحاصرون مديرية الضالع، فوسعها لمحافظة ليبرر وجود ذلك العدد الضخم من العسكر، كما اقتطع مديريات من تعز وألحقها بلحج، واقتطع مديريات من لحج وألحقها بتعز، وهكذا حاول لتمزيق حضرموت لمحافظتين وفشل مشروعه في حينه، في حين نجح في أبين ولحج.

ورغم تجانس البيضاء وبعض أبين وكذلك الضالع ولحج مع بعض مديريات شمالية حدودية، إلا أن مسألة إلحاق حضرموت الوادي والصحراء بحاشد قبلياً يعد غير منطقي ولا مستساغ أبداً، فهل رأينا لهجة حاشد كلهجة الوادي أو رأينا الهبيش ورقصة العدّة في تراث قبيلة حاشد؟ ناهيك عن العادات والتقاليد!. إلا إذا كان الفيل هو ابن الأتان.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى