صفقات التهدئة.. خطوة على طريق نهاية "حرب اليمن"

> «الأيام» غرفة الأخبار

> «تسوية شاملة لحرب لم يجن من ورائها أي طرف سوى الخسائر المادية والبشرية».. من هنا يمكن المضي قدمًا للحديث عن السيناريوهات الجديدة التي بدأت تلوح في الأفق على خلفية اتفاق الرياض بين الحكومة اليمنية برئاسة الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي والمجلس الانتقالي الجنوبي الذي يمثل الحراك الجنوبي بوساطة المملكة العربية السعودية، وهو الاتفاق الذي يمكن القول إنه فتح الطريق مجددًا لإمكانية عقد حوارات مكثفة بين جميع الأطراف اليمينية، لا سيما وأنه مهد الطريق لتوحيد الصف اليمني؛ حيث نص الاتفاق على اقتسام السلطة مناصفة بين المحافظات الجنوبية والمحافظات الشمالية.
حكومة كفاءات
وستشكل حكومة كفاءات من جميع المناطق اليمنية ومن كل الفئات بحيث يكون للمحافظات الجنوبية 12 وزيرا والشمالية 12 وزيرا، كما تم الاتفاق على اقتسام الوظائف العليا في الهيئات اليمنية المختلفة بذات النسبة، وبشرط أن تكون تلك القيادات من الكفاءات الوطنية.

البوادر الإيجابية للتسوية الشاملة، كشف عنها مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن مارتن جريفيثس، الذي أكد أنه هناك علامات إيجابية تشير إلى تنامي الزخم نحو الوصول إلى تسوية سياسية شاملة في اليمن، وأن تلك العلامات تتضمن اتفاقية الرياض، وتناقص حدة الأعمال العدائية في اليمن، والتقدم الذي تم إحرازه في تطبيق اتفاقية ستوكهولم، موضحًا أن الأسبوعين الماضيين شهدت البلاد انخفاضا في مستوى الغارات الجوية بنسبة 80 % مقارنة بالأسبوعين السابقين، في وقت لا تزال فيه ميليشيات الحوثي مستمرة في وقف الهجمات الصاروخية وهجمات الطائرات بدون طيار على الأراضي السعودية، وأن إنشاء آلية وقف إطلاق النار وإيقاف التصعيد أتاح تقليل عدد الحوادث الأمنية في الحديدة بنسبة 40 % مما كانت عليه قبل تنفيذ تلك الآلية.
محادثات سعودية حوثية
وكانت وكالة «أسوشيتد برس» قد كشفت في وقت سابق عن محادثات سعودية حوثية غير مباشرة، من أجل التوصل إلى وقف القتال في اليمن، من خلال زيارة وفد حوثي رفيع المستوى إلى الرياض، عقد جلسات محادثات سرية مع مسئولين سعوديين منذ منتصف أكتوبر الماضي، وتم التطرق خلال اللقاء لإيقاف الحرب والاستغناء عن الدعم الإيراني مقابل تعويض المملكة ذلك الدعم، وبشكل أكثر سخاء، فيما يلتزم الحوثيون بتأمين الحدود ووقف استهداف المنشآت السعودية، مما تبعه التزام السعودية بوقف قصف المناطق الخاضعة لسلطة الحوثيين الأمر الذي يقابله عدم استهداف الداخل السعودي كما جرى لفترة طويلة، فيما أعلن العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، أن المملكة تسعى إلى تسوية سياسية شاملة في اليمن، وأنه يأمل في أن يفتح اتفاق الرياض الباب أمام محادثات سلام أوسع.

الموقف الأمريكي كان واضحًا من التحرك لعقد تسوية شاملة للأوضاع، وعبر عنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي أشاد بالاتفاق الموقع بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي بالرياض، مشيرًا إلى أن ذلك الاتفاق يعد بداية جيدة للغاية ويمكن أن يشكل نواة لبلوغ تسوية شاملة للأوضاع في اليمن، وعزز حديث ترامب، مسئول كبير في البيت الأبيض، أكد لـ «رويترز»، أن إدارة الرئيس مهتمة بإنهاء الحرب في اليمن، وطالب الحوثيين بضرورة النظر لما يجري في لبنان والعراق وسوريا، ولفت إلى أن هناك بعض المشاورات تجري لبحث إمكانية رعاية واشنطن لإجراء عملية تسوية شاملة للأوضاع في اليمن.
تسوية سياسية سلمية
في نفس السياق، قال المحلل السياسي والعسكري اليمني العميد الركن ثابت حسين صالح، إنه بالرغم من أن الفترة القليلة الماضية شهدت تحركات سياسية مكثفة عربيا ودوليا للوصول إلى تسوية سياسية سلمية للحرب المشتعلة في اليمن منذ ما يقارب الخمس سنوات، إلا أن هذه التسوية يتوقف نجاحها على ماهية وجوهر التسوية وملامستها لجوهر الصراع في المنطقة.

وأضاف المحلل اليمني خلال حديثه لـ «فيتو»، أنه صحيح أيضًا أن اتفاق الرياض بين الحكومة اليمنية «الشرعية» والمجلس الانتقالي الجنوبي تعتبر خطوة مهمة لتسوية الملعب الجنوبي ليكون جزءا أساسيا مهما في التسوية القادمة بقيادة المجلس الانتقالي الجنوبي والحكومة الشرعية، لافتًا إلى أنه بشكل عام تحتاج التسوية الشاملة إلى اتفاقات ثنائية على غرار اتفاق الرياض ومن ثم اتفاق عام برعاية إقليمية ودولية، كما أكد أن التسوية الشاملة تقتضي عقد اتفاق بين السعودية والحوثيين، والاتفاق بين الجنوب والشمال، في اتفاقات ثنائية تجمع كل من الشمال والجنوب، موضحًا أن تسوية الصراع الخليجي مع قطر وتركيا من جهة ومع إيران من جهة أخرى يساهم بلا شك في حلحلة الأزمة.

وتابع: من الصعب أن نعتقد أن وضع الحكومة الشرعية يسمح لها في الوقت الحاضر إملاء أية شروط لا على الحوثيين ولا على الجنوبيين؛ لكن التحالف بقيادة السعودية والإمارات ومصر وكذلك الدول العظمى وخاصة الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا هي الأقدر على ممارسة ضغط فعال على كافة الأطراف للوصول إلى تسوية سياسية عادلة وشاملة للحرب.
اتفاق الرياض
من جهته، قال المحلل السياسي اليمني، والمدير التنفيذي لمنظمة «اليمن أولًا»، عبدالكريم الآنسي، إنه «بعد 5 أعوام من الحرب وانقسام وتشقق كافة مكونات الشعب اليمن التي كانت موجودة قبل 2011، لم يعد لدى اليمنيين أي قدرة على تحمل تبعات استمرار الحرب»، مشيرًا إلى أن اتفاق الرياض يعد اتفاقا كليا مكملا للمرجعيات الثلاث في اليمن.

ويضمن لكافة الأطراف المشاركة الفاعلة الفترة المقبلة، وأضاف «الآنسي» أن الأولوية الكبرى خلال الفترة المقبلة لليمنيين تتمثل في توحيد الصف الوطني في مواجهة الميليشيا الحوثية، فإما أن ترجع للصف الجمهوري بتسليم سلاحها وتعمل كعنصر فاعل من ضمن العناصر الموجودة على الساحة اليمنية وإما مواجهتها وإزالة الجناح العسكري لها وإخضاعها بالسيطرة على الحديدة، وشدد على أنه إذا تم توحيد الصف الوطني بما يمتلكه من إمكانيات فلن تصمد الميليشية لأسبوع واحد، والمجتمع الدولي يعلم ذلك، لافتًا إلى أنه في ظل ما تشهده إيران من تخلخل تصدع سواء في الداخل أو الرفض لتنامي نفوذها في العراق ولبنان ونبذ أذرعها في كلتا البلدين، يؤثر بطبيعة الحال على الساحة اليمنية والميليشيا الحوثية بالأخص، والتي أصبحت قاب قوسين أو أدنى من التلاشي، وأكد أن الوقت الحالي يعد الأنسب لعقد اتفاق شامل يجمع أطراف النسيج الوطني اليمني، حيث إن اليمينيين أصبحوا في مرحلة أنه لم يعد لديهم خيار سوى الاصطفاف الوطني لاستعادة جمهوريتهم.
عقبات أمام التسوية الشاملة
كما أوضح أن العقبات التي تقف أمام التسوية الشاملة تتمثل في الخرافات التي يعتنقها الحوثيون من السيطرة على اليمن والالتفاف حول الجزيرة العربية، مشيرًا إلى أن إيران وجهت الحوثيين خلال الأيام الماضية بضرورة التهدئة واللجوء للمفاوضات خاصة خلال الفترة الحالية، لانشغالها بمعالجة بعض قضاياها الداخلية والإقليمية، وألمح إلى أن التشظي الداخلي للأطراف الموقعة لاتفاق الرياض قد يمثل عائقًا أيضًا أمام المضي قدمًا في التسوية الشاملة، مشددًا على أن الضغط السعودي والإماراتي سيكون أقوى من أي خلافات قد تحدث بين الأطراف بما يؤثر على إمكانية إتمام التسوية، كما أنه سيكون لواشنطن دور هام في محاولة تهدئة الأوضاع خلال الفترة المقبلة والوقوف أمام المد الإيراني في اليمن.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى