الأمم المتحدة وتمييع فرص الحل السياسي في اليمن

> فوزية رشيد

> في محاضرة للدكتور عبدالملك المخلافي، نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية السابق والمستشار الحالي لرئيس الجمهورية في اليمن، دار الحديث عن الانقلاب الحوثي والتدخلات الإيرانية في اليمن، وهو عنوان محاضرته، وقد زود الحاضرين بمعلومات وافية عن هذا الانقلاب وحجم التدخل الإيراني في اليمن، ليتركز سؤال الحضور بعد ذلك عن «مآلات وكيفية الخروج من الأزمة وأسباب تعرقل الحسم فيها»، وفي تصوري أن المحاضر لم يستطع التفصيل في الإجابة على ذلك ربما لحساسية موقعه السياسي رغم أن المسألة اليمنية تمتلك حساسية فائقة بما يخص التدخلات الإيرانية وتهديدها الفعلي لأمن كامل المنظومة الخليجية والعربية، وحيث عرقلة الحسم فيها جاءت من جانب أطراف دولية ينفذها كل من مبعوث أممي يبحث عن إدارة الأزمة وإطالة أمدها وليس الوصول إلى حلول حقيقية لها!

وكما تطرقنا مرارا إلى الأزمة في اليمن فإننا اليوم على ثقة بأن الأزمة اليمنية كانت قابلة للحل وللوصول إلى الأمن والاستقرار في اليمن وتحقيق التحالف انتصارا كاملا رغم تعقيدات الداخل اليمني، إلا أن دور بعض القوى الكبرى ومن خلال الأمم المتحدة أسهم كثيرا في تمييع فرص هذا الحل سواء من خلال الانحياز للانقلاب الحوثي، وتعطيل فرص الانتصار عليه عبر مؤتمرات لم يتقيد هذا الحوثي بأي قرار فيها! أو من خلال تعطيل حسم «الحديدة» وإبقائها كميناء مصدر قوة للحوثيين! أو من خلال الإصرار على تجاهل مصدر الأزمة اليمنية التي كان الانقلاب على الشرعية أساسها والتعامل مع الحوثي باعتباره شريكا سياسيا مع يقين الأمم المتحدة أنه لن يتخلى عن سلاحه كمصدر تهديد دائم أو أن يتخلى عن ارتهانه لـ «نظام الملالي» في طهران، وبذلك فإن كل محاولات التسوية السلمية معه ستبوء بالفشل حتما!

بالمقابل فإن الدور البريطاني في اليمن بالإبقاء على قوة الحوثي إلى جانب الدور الأمريكي الذي تدور حوله شبهات كثيرة، رغم التصريحات الأمريكية الرسمية، هذان الدوران لم يتم التعامل معهما بشفافية ووضوح من جانب التحالف وخاصة أن دور الأمم المتحدة ومبعوثيها خاضع لهيمنتهما في مجلس الأمن، ولذلك ورغم الضغوط التي مارسها المبعوثون على التحالف بما لا يقارن مع الضغوط على الحوثيين فإن كل مطالب الحلول السلمية تبقى في النهاية رهينة هذا التلاعب الدولي بالمسألة أو الأزمة اليمنية في الوقت الذي تعاني فيه الشرعية من قصور إعلامي وسياسي ودبلوماسي، فيما الضغوط عملت على جعل التحالف أقرب ما يكون لموقع الدفاع عن النفس من موقع الهجوم الحاسم العسكري الذي بأشكال وسيناريوهات مختلفة تم تعطيله مرارا! ومن هنا فإن التحالف يحتاج اليوم إلى إعادة تقييم للتدخل الأممي وقراءة عميقة في حربه إذا أراد الوصول إلى حسم حقيقي!

الأزمة اليمنية هي في واقعها ليست نتاج تراكمات داخلية كثيرة ومعقدة في اليمن فقط وخاصة منذ الحروب المتعددة مع الحوثيين في التسعينيات ولاحقا في ظل حكم علي بن صالح وإنما هي اليوم أيضا نتاج الضغوط الخارجية، ومع بدء التحالف بالدخول في حرب لإنهاء الانقلاب على الشرعية وإنهاء التهديد الحوثي والتهديد الإيراني من خلاله باعتبار الحوثي أحد أذرعه الخارجية التي من خلالها يريد تحقيق ما كان يحلم به من أطماع توسعية حيث هذا التهديد واستمراره يبدو أنه مطلوب لبعض القوى الدولية الكبرى التي تهيمن على عمل الأمم المتحدة ومبعوثيها! ليبقى اليمن مستمرا في أزمته وفي إشكاليته في تهديد أمن الخليج، رغم كل التصريحات المغايرة لذلك والصادرة عن القوى ذاتها!

لن يتم حسم الأمر في اليمن إلا بإصرار التحالف على ذلك الحسم، ومراجعة كل ما جرى، وإدارة الأزمة ذاتيا برؤية استراتيجية جديدة وبعيدا عن التدخلات المفضوحة من مبعوثي الأمم المتحدة!

"أخبار الخليج"

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى