حضرموت الرهان البعيد..!

> ليس هذا ما يجب أن شغلنا هنا في حضرموت من حيث التفكير الراهن، حضرموت ليس صالحة أصلاً ومنطقياً للتقسيم ولا المكان ولا التاريخ. انطلاقاً من أن الزمن وكل ملامحه قد تجاوز هذا بمعطيات العصر وثقافة أجيال هي من أجاب على هذا ويفهم ما معنى التقدم بكل حضرموت لغزو العصر ومواكبته، وما هو أبرز هذا الذي نفهمه نحن أن حضرموت ليست هي مكان التقسيم بما هي عليه أو بما كانت حين افتتح لها باب الزمن قبل نصف قرن ونيف، وحققت ما لا يخطر ببال، وشكلت عبقريتها في الداخل والخارج ما قفز بها إلى مركز متقدم، وأمسكت به حتى ستينيات القرن الماضي، وكيف هي غير صالحة للتقسيم؟ ليس لأننا هنا نريدها أن تبقى مثلما هي ونغلق الباب وتيبس العقول..

الأمر أبعد من هذا كله ومؤثر من قبل وفي ما سيأتي في سياق التحولات القادمة خارج تسويات الأزمة أو داخلها.

حضرموت لا تحتاج أن نلعب كسياسيين واقتصاديين ومفكرين لعبة (الاستغماية) أمامها ونزعق بين لا الرفض ولا النفاق، حضرموت وعدن وكل الجنوب يحتاج أن يدخل إليها العصر وينفرد بها في مواكبة التحولات، وأن يتخلص نهائياً من مفهوم أن الحلول تطال حضرموت، وأن حضرموت تدخل في الحلول.

من هذا المفهوم هو أن حضرموت ليست إلا دولة العصر الحديث ومدخل للتحديث الآتي.. ولم يعد التفكير بما تمليه عقليات الحرب والأزمات والأطماع والنهب أيضاً أن يجعل من حضرموت رهان العودة إلى مخلفات الماضي ولا جمود الحاضر، هنا نفهم ما هو المتوقع للمنطقة كلها التي شهدت ظهوراً في الأزمنة الأخيرة منها دولة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية والجمهورية العربية اليمنية، ومن ثم الجمهورية اليمنية وما يتطاير الآن من حلول يلعب فيها نفط حضرموت أولا دوراً مهماً ثم المنطقة التي يروج لها كإقليم وما رافق هذا من عاصفة أثيرت ولكنها وإن شابها الشحن هي في حقيقة الأمر قياس رأي تبنى عليه أفكار المطبخ في الحل الناقص، ولا يلقى الرضا الشعبي، وهي هنا تتحول أي هذه الأفكار إلى ما يشبه التجارة أكثر منها حل سياسي أو أدخلها سوق المزايدة ما بين قوى الإقليم كله وقوى الدول المعنية بأزمة اليمن، ويأخذ هذا شداً وجذباً وتمايلاً لمصالح لم تستقر بيد أحد بعد أو كلاً يصفي الآخر بمنطق كل يلعب في بطن الآخر على أن لا تمس مصالح إذا لا تتوسع أو لا يخرج أحدهم من دون أن يقضم من خبز الجار وعينه على اقتسام الكعكة الكبرى.

وهذا ما أظهرته زيارة السفير الأمريكي الأخيرة لحضرموت وقبلها وفد رفيع من الخارجية الأمريكية من أن تنازع مصالح الكبار تظل بها من الاختلاف وإن اتفقوا، وهذا دلل أن زيارة السفير الأمريكي لحضرموت إعلان. فصيح أننا نحن هنا وهذه من نفوذنا وأمام حلفائهم السعوديين التي تلقي هي الأخرى بثقلها في وادي وساحل حضرموت وتراهن على أكثر من ورقة، وهذا له قصة يطول شرحها.

هنا يأتي سؤال: ما الداعي للدعوة إلى الأقاليم والانكباب على العملية الجراحية لها، وتسميات تارة تبزغ وتارة تخفت؟ وكيف نفهم هذا؟ وما هي التشابكات هنا من حيث حضرموت القديمة التي رسمت لها سياسات لم تحملها إلى أبعد مما وضع تلك الفترة ومن ثم التجاذب البريطاني والأمريكي من عدن إلى سقطرى والمهرة، وحضرموت الجديدة التي تحتاج إلى مصالح مشتركة مع الدول الكبرى هي الولايات المتحدة الأمريكية التي ترى أن إخراج حضرموت من دائرة الصراعات وإبعادها وجعلها نموذجاً يضاهي دول الجوار، أي أن حضرموت لا حاجة بها للتقسيم، وهو أيضاً لن يدخلها التحديث بقدر ما يعيدها إلى زمن لم يعد منطقياً بمصالح اليوم ولا المستقبل..

إذا هناك حضرموت الحديثة والعصرية معاً التي تلتقي أو تسير في فلك الدول ذات التنمية المتطورة، وهو ما يتفق عليه، والحل الذي انتكس قبل 1967م ودار حوله صراع عدة دول أجلته وربما دفعت المنطقة ثمناً فادحاً لهذا، وهو ما لا يجد تفسيراً منطقياً من دون أن ندخل النفط كمؤثر يلعب دوراً للحلول التي تطبخ ويراد إنزالها فور نضوجها.

حضرموت، لا تحتاج إلى لأفكار لم تعد ذات جدوى اليوم ولا إلى فارس صنديد ولا إلى حكايات من ألف ليلة وليلة، تحتاج إلى كسر الجدار القديم القائم في عقولنا.. ونخرج معها بمصالح العصر ومن يقوده، نعم نحتاج إلى الزمن الجديد ومن يدلنا على باب الدخول إليه.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى