الفئران تغزو الحديدة وتخوف من انتشار الطاعون

> تقرير/ خاص

> بات أهالي محافظة الحديدة منذ سنوات يشكون من انتشار الفئران بأعداد كبيرة في المنازل وخاصة الواقعة في الأحياء الشعبية، وأصبح السكان مؤخراً عاجزين عن محاربتها والقضاء عليها أو حتى الحد من تكاثرها.

ويشر مواطنون إلى انتشار أنواع جديدة لم تعرفها المدينة من قبل، مرجحين أن تكون قدمت على متن السفن الخاصة بنقل الحبوب والقمح من دول أفريقية.

ومن ضمن هذه الفئران: الكاربي والبري، وفأر الإسكان الذي يتكيف بالعيش في المجاري ويتغذى على ما في مياه الصرف الصحي.

يقول السكان في الأحياء الشعبية إن الفئران أضحت منذ سنوات الحرب تتهدد المواطنين وأطفالهم وكل ما يمتلكون من أوني منزلية وأثاث، وتقوم بحفر ممرات والعبث بجميع محويات البيوت التي نزح منها سكانها جراء الحرب الدائرة في المدينة.
انتشار كبير
المواطن عبدالله، أحد سكان حي زايد يملك منزلا شعبيا مكونا من ثلاث غرف، يقول إن الفئران انتشرت في بيته بشكل كبير جداً وعجز عن القضاء عليها، لوجودها في مراحيض الحمامات وقنوات تصريف المياه من المطبخ و "المناور " وغيرها.

ولجأت أسرة عبدالله إلى النوم على الكراسي الخشبية بعد دخول الفئران لغرف النوم والعبث بها.


فيما تشير أم فطوم والتي تعيش في منزل شعبي وسط المدينة إلى أن منزلها أضحى ساحة لفئران متنوعة وبأشكال مختلفة منها البيضاء والمنقوشة وبذيل طويل لم تكن تراها من قبل، على حد تعبيرها.

وتضيف لـ«الأيام»: "أنام وبنتي وابني على سرير، وزوجي في حوش المنزل، لعدم مقدرتنا على النوم في الغرف بسبب الحمى، ومع هذا لا نسلم من الفئران التي تبات طوال الليل في حركة مستمرة على أجسامنا، حتى موادنا الغذائية لم تسلم منها حتى لو وضعناها في مكان مرتفع تصل لها عبر أسلاك الطاقة الشمسية".
أضرار
تُعرف المنازل الشعبية بساحاتها الترابية، ولهذا تجد هذه القوارض أريحية في حفر طرق وممرات بين المنازل والتنقل بسهولة فيما بينها.

تقول الحاجة سردودة إنها تجد حفريات في ساحة المنزل وكلما قامت بسدها تجد حفريات جديدة في مكان آخر.

وتوضح سردودة لـ«الأيام» أنها كانت تملك مواشي ودائماً ما تتعرض للعضّ من قبل هذه الفئران ولاسيما أطرافهن مما عرضهن للأمراض والموت في بعض الأحيان، الأمر الذي دفعها إلى بيع ما تبقى منهن.


تجد الفئران في الشوارع الرئيسية والممرات الضيقة بين المباني العالية مكاناً أماناً لها خصوصا المكدسة بالنفايات والقمائم، كما تتخذ من مواسير المياه والخاصة بالصرف الصحي طريقاً للتنقل والوصول إلى الشقق العالية.

يقول سكان هذه المباني إن الفئران يدخلون لشققهم عبر نوافذ المطابخ والحمامات، وهو ما يجعلهم عاجزين عن التخلص منهم، لاسيما أن الطريقة الوحيدة لقتلهم هي دس السم الخاص بهم في الأكل؛ نتيجة لوصولهم للماء والذي ينجيهم من الموت.
عجز عن حفظ الأطعمة
لا تترك الفئران منزلاً دخلته إلا مخرباً بالحفريات، الأضرار تطال أساساته ونوافذه وأبوابه.

وتعد المنازل الواقعة في الأحياء الفقيرة هي الأكثر تضرراً خصوصاً المنازل المبينة غرفها من الأخشاب والكراتين.

محمد يحيي واحد من المواطنين المتضررين بسبب تكاثر الفئران فيه. يحيى رجل أربعيني، يعيل أسرة مكونة من ثلاثة أبناء، ويملك منزلا ساحته واسعة تتواجد فيه غرفة من الأخشاب، وفي خلف منزله أشجار كثيرة اتخذت منها الفئران مكاناً للاختباء والتكاثر.

يقول يحيى في حديثه لـ«الأيام»: "إن الحل الوحيد لمحاربتهم هو قطع تلك الأشجار التي رفض أصحابها قطعها؛ لكونها تظلل ساحات منازلهم وللاستفادة منها خصوصاً في فصل الصيف".

فيما تؤكد زوجته بأنها تجد صعوبة في الاحتفاظ بالأطعمة، وكذا التخلص منها بالقتل بسبب ما تخلفه من روائح كريهة في المنزل.

وتضيف: "كل مرة أقرر فيه أن أعمل لهم سما في الأكل يموتون، أما في المطبخ أو داخل الغرف أو جنب المواد الغذائية، ولو تركناهم يأكلون محتويات المنزل، وإذا قتلناهم نموت قرفا".

فيما تقول جارتها سامية: "قبل أسبوع عملت سما في طماطم لقتلهم بعد يومين اكتشفت واحدا منهم ميتا بجانب كيس دقيق عادني إلا اشتريته".

هند الصالح شابة جامعية، تقول إنها تسهر في حوش منزلها من أجل المذاكرة، ولكنها دائماً ما تتعرض للعض بشكل مستمر من الفئران إن هي نامت، فضلاً عن تعرض ملازمها هي الأخرى للأكل والتمزيق مع إخراجها في بعض الأحيان إلى خارج المنزل.


وتضيف بلهجتها التهامية: "ولو نمت داخل امغرفة أنا وإخواني ما نحس إلا والفئران فوقنا".

ولا تكتفي هذه الفئران بعضّ المواطنين وتمزيق فرشهم وأكل الأسلاك الكهربائية المواد الغذائية والخضروات، بل تعمل على إتلاف الأجهزة المنزلية كالثلاجات والغسالات وغيرها.

فيما تقول أم ملاك: "قبل ثلاث سنوات كنا نستطيع حل هذه المشكلة من خلال تغطية مراحيض الحمامات ومنافذ تصريف مياه الصرف الصحي، ولكن هذا الحل لم يُعد يجدي مؤخراً بسبب انتشارها الكبير".
مناشدات
ويأمل سكان الحديدة من الجهات المعنية سرعة التدخل وإيجاد حل لهذه المشكلة، خصوصا أن بعض الأحياء السكنية والشعبية منها لا تخلو من القمامات المكدسة والمستنقعات، إضافة للمنازل الشعبية التي يتوسطها ساحات ترابية.

وتجد الفئران الأغراض الكثيرة في المنازل مكاناً مناسبة للاختباء ولا تخرج منها إلا في الليل حين تشعر بالهدوء وتوقف الحركة من السكان في المنزل، كما يقول المواطن محمد سالم.

ويضيف بلهجته قائلاً: "في منازلنا امفئران تختبئ بين العفش وامشقاديف ولا نقدر نخرجها.. ولو خرجن ترجع مرة ثانية.. بالله فيان نبيك أنفسنا من ذا امبلاء؟!.. طول النهار ولا نسمع للفئران حس ولا نشوفهم .. لما نرقد تقوم امقيامة".
تخوف من انتشار الطاعون
ويلجأ السكان في كثير من الأحيان إلى استخدام بودرة "سم" تدس في الأطعمة كوسيلة لمحاربتهم وقتلهم.

تقول أم عبدالله إنها تدس السم في الطماطم أو العجينة ثم تضعه في المطابخ والأماكن التي تختبئ فيها الفئران، ولكنها تواجه مشكلة أخرى فيما بعد نتيجة لتحللها وما تنبعث منه من روائح كريهة في المكان.

وعبّر السكان المحليون من تخوفهم عن انتشار مرض الطاعون الذي تتسبب به في العادة الفئران، في الوقت الذي تعاني فيه المدينة ومواطنوها من أمراض متعددة كحمى الضنك والكوليرا والملاريا وغيرها.

وبحسب باحثين، فإن الفئران لم تكن متواجدة في البلاد حتى منتصف السبعينيات قبل أن تنتشر فيها عبر ميناء الحديدة قادمة عبر السفن من دول أفريقية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى