أخر تحديث للموقع
الخميس, 19 يونيو 2025 - 01:17 ص بتوقيت مدينة عدن

مقالات الرأي

  • في ذكرى رحيل هشام باشراحيل..حين قاوم القلم عسكرة الحياة المدنية

    جسار مكاوي




    16 يونيو، تاريخ لا يُقرأ في ذاكرة عدن والجنوب دون أن يُرفق باسمٍ محفور في ضمير الصحافة الحرة: هشام باشراحيل. تمرّ علينا اليوم ذكرى رحيله، لا كحدث عابر في صفحة نعي، بل كصفعة مدوية في وجه القمع، ورسالة أبدية عن قوة الكلمة حين تُقال بصدق، في زمنٍ كانت الحقيقة تُسحق تحت أقدام العسكر.

    في ذلك الزمن الذي أدار فيه نظام علي عبدالله صالح أدواته الحديدية لتكميم الأفواه وتدجين الصحف، كانت صحيفة الأيام بقيادة هشام باشراحيل شوكةً في حلق السلطة، ومرآةً تعكس معاناة الناس، وتكشف عورات الفساد، وتصرخ في وجه عسكرة الحياة المدنية، عندما صمت الجميع. لم يكن هشام صحفيًا تقليديًا، بل كان مدرسة في الشجاعة والشفافية. جعل من الصحافة سلاحًا ناعمًا يقارع به جبروت الدبابات والرصاص. نشر الحقيقة كما هي، دون تزييف، دون رتوش، في وقتٍ كان فيه الخبر يُفصّل على مقاس الحاكم، وكان العنوان يُكتب في دهاليز الأمن السياسي. حين أُغلقت الأيام واقتحمت جيوش النظام مبناها، لم تكن مجرد عملية أمنية، بل كانت إعلان حرب على العقل، على الوعي، على الجنوب بأكمله. لكن هشام لم ينكسر. بقي واقفًا، يقول: «نحن أبناء عدن، ولن نبيع مدينتنا، ولا نساوم على وجع شعبنا».

    في ذكرى رحيله، نتذكر كم هو ثمين صوت الحقيقة، وكم هي باهظة كلفة الشرف المهني. نتذكر هشام باشراحيل لا كاسم في سجل الراحلين، بل كرمز لصوت الجنوب الحر، وواحد من القلائل الذين حملوا قضايا الناس فوق أكتافهم، ورفضوا الانحناء. رحل هشام، لكن بقيت مدرسته. بقيت الأيام شاهدة على زمنٍ أراد أن يمحو الذاكرة ففشِل. واليوم، في زمن تتجدد فيه محاولات عسكرة المدينة وترويض الحريات، نحن أحوج ما نكون لاستعادة روح ذلك القلم، الذي ما ساوم، وما خاف، وما خان.

    رحم الله هشام باشراحيل..

    سيظل قلمك شاهدًا بأن الحرية لا تموت...

المزيد من مقالات (جسار مكاوي)

Phone:+967-02-255170

صحيفة الأيام , الخليج الأمامي
كريتر/عدن , الجمهورية اليمنية

Email: [email protected]

ابق على اتصال