هكذا قتل شاعر روسي رئيس فرنسا في معرض أدبي

> طه عبد الناصر رمضان

>
يوم 13 مايو 1931، انتخب أعضاء برلمان الجمهورية الفرنسية الثالثة المحامي والسياسي بول دومير (Paul Doumer) رئيساً للبلاد خلفاً للرئيس المنتهية ولايته جاستون دومرغ (Gaston Doumergue). وخلال مسيرته السياسية، انتخب دومير عضواً بالبرلمان خلال مناسبات عديدة ما بين عامي 1888 و1910 وشغل منصب وزير المالية 3 مرات بين عامي 1895 - 1926، وعيّن مقيماً عاماً على المستعمرة الفرنسية بالهند الصينية ما بين 1897 - 1902، تميّز حينها بآرائه المؤيدة للتجربة الاستعمارية كما فشل في الحصول على منصب الرئيس سنة 1906 عقب هزيمته أمام المرشح أرماد فاليير (Armand Fallières) قبل أن يحقق مبتغاه سنة 1931.

وعلى الرغم من تورطه بفضيحة سياسية مطلع القرن العشرين، كسب بول دومير شعبية هائلة خلال العقود التالية، حيث ساهمت حادثة مقتل 4 من أبنائه خلال الحرب العالمية الأولى في رفع مكانته السياسية بالبلاد.
في الأثناء، لم تدم الفترة الرئاسية لبول دومير طويلاً فبعد أقل من عام على انتخابه تعرض الأخير لعملية اغتيال ناجحة قادها طبيب روسي يبلغ من العمر 37 عاماً.

ظهيرة يوم 6 مايو 1932، حلّ الرئيس الفرنسي بول دومير بمنزل سالومون دي روتشيلد (Salomon de Rothschild) بالدائرة الثامنة بباريس لافتتاح المعرض السنوي الكبير المخصص للمؤلفين والأدباء الذين شاركوا بالحرب العالمية الأولى.

عقب مصافحته لعدد من المؤلفين واقتنائه بعض الكتب كهدية لزوجته، اتجه الرئيس بول دومير في حدود الساعة الثالثة مساءً نحو الكاتب كلود فارير (Claude Farrère) ليتبادل معه أطراف الحديث. وفي خضم هذا الحوار، تقدّم الطبيب والشاعر الروسي بول جور جولوف (Paul Gorguloff)، الذي دخل للمعرض مستعملاً هوية مزورة، من الرئيس دومير ووجه له رصاصتين قاتلتين من مسدسه FN Model) 1910) اخترقت الأولى قاعدة جمجمة رأسه واستقرت الثانية بظهره.

في نفس المكان، انهار الرئيس على الأرض فاقداً وعيه، بينما تكفّل رجال الشرطة بمهمة اعتقال القاتل الروسي جورجولوف واقتادوه خارج القاعة بعد أن هاجمه الحاضرون مهددين بسحله.


على الفور، نقل الرئيس دومير إلى المستشفى للخضوع لعملية جراحية استعاد على إثرها وعيه لفترة وجيزة قبل أن يفارق الحياة متأثراً بجراحه خلال اليوم التالي. وفي الأثناء، اقتادت الشرطة الفرنسية القاتل بول جورجولوف للتحقيق معه والبحث في ملابسات الجريمة.

وعلى حسب تقارير الشرطة الفرنسية، كان بول جورجولوف رجلاً روسياً شارك بالحرب العالمية الأولى وعارض قيام الثورة البلشفية ونهاية النظام القيصري، أيضاً قاتل لجوار الجيش الأبيض قبل أن يغادر البلاد تزامناً مع انتصار البلشفيين ليتنقل بين بولندا وتشيكوسلوفاكيا قبل أن يستقر في النهاية بفرنسا.

بناء على تصريحاته، نفى القاتل وجود مشاكل شخصية بينه وبين الرئيس، وأكد استهدافه لبول دومير من أجل الانتقام من فرنسا بأكملها بسبب رفضها التدخل ضد البلشفيين وتخليها عن الجيش الأبيض في خضم الحرب الأهلية الروسية. فضلاً عن ذلك، أعلن جورجولوف أنه فضّل قتل الرئيس آملاً في التسبب في حرب بين الاتحاد السوفيتي وفرنسا.

أيضاً، لم يتردد القاتل الروسي في إعلان نفسه فاشياً روسياً، وهو الأمر الذي أثار قلق الزعيم الفاشي الإيطالي بينيتو موسوليني، حيث فضّل الأخير التدخل فرفض عملية الاغتيال وشجبها حفاظاً على العلاقات مع الفرنسيين.

يوم 25 يوليو 1932، افتتحت جلسات محاكمة بول جورجولوف وقد اتجهت المحكمة بادئ الأمر للتأكد من سلامة المدارك العقلية للقاتل عقب مطالبة محاميه بذلك. ومع رفضهم لكل التقارير التي تحدثت عن إصابته بمرض نفسي وتخطيطه لقتل شخصيات أخرى كالرئيس الألماني باول فون هيندنبورج، أصدر القضاة حكماً بالإعدام عن طريق المقصلة في حق بول جورجولوف جرى تنفيذه يوم 14سبتمبر من نفس السنة.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى