عاشق زوجني

> قصة/ سالم فرتوت

>
يصدح بها الفنان، ويصرخ بها العاشق الذي يقضي الليل على سطح الغرفة التي بالكاد استطاع أن بسقفها فوق منزل ذويه على أمل أن يلحق بها حمام ومطبخ فيزف إليها، في ليلة استثنائية، حبيبة قلبه! فطال به الانتظار! إذ انتظرت المسكينة عاشقها يدفع مهرها ويكمل بناء عشهما. بيد أنه خذلها، وراح أهلها يلحون عليها بإعادة دبلته وبضعة الآلاف التي دفعها قبل أربع سنين. فهناك من يلمح إليهم بأن بنتهم مطلوبة ممن هو مستعد للزواج منها في غضون شهر. فهل ستنتظر ذلك (المخزن دي يلعب بمشاهرته في القات يمسي مخزن لما نصف الليول ربشنا عاشق عاشق ما حد يعاتب عاشق ولا يلومه الا يا بوي عشق الطفر بس لاكانه)؟.

وأعادوا للعاشق دبلته وكل ما عندهم له، وكانت مفاجأة غير سارة -طبعاً- فهو يعشق الفتاة التي تمت بصلة قرابة له، ولكم استدعاها كمعشوقة سواء وهو يحلق في الأعالي هناك حيث تطير به نشوة القات فيستسهل كل صعب! أو كلما خلا إلى نفسه. ولكم ردد تلك اللفظة التي تغني بها ذلك الفنان عاشق. حتى تندر عليه أهل قريته بها، وصارت لقبا حل محل اسمه.

ومرت سنين أربع أخرى وهو يتوق إلى معشوقة تصير زوجة له. يتمتع وإياها بما يتمتع به الأزواج في تلك الحياة التي يجتمع فيها رجل وامرأة تحت سقف واحد.
ولم يكن له منها هو سوى الخيالات. وكم كان يعبر لأصحابه عما تعانيه نفسه من تلك الخيالات!

إيه. إن السنين تمضي وكثير من أترابه قد استقروا كل منهم مع شريكة حياة جعلت أيامه جنة.
حدثوه عما هو أجمل في الحياة الزوجية. حدثوه عن شريكة الحياة التي لمسة من أناملها على الجبين تذهب عنك الم الجسد والنفس، حدثوه عن الإنسان الذي يحمل عنك أعباء الدنيا! إنها المرأة التي أحيانا تجعلنا نقول عنها: (إن فلانة بعشرة رجال)! أما ذلك الشيء الذي يحدونا لطلبها فحدثوا عنها -ولكن نتحفظ عنه هنا.

وجعل يصعد سطح المنزل ويشغل المسجل فاتحا الصوت حتى آخره. ويصرخ بأعلى صوته آخر الليل؛ (عااااااشق ما حد يعاتب عاشق ولا يلومه)، ويردد الصوت معه، فيضحك من يضحك وينكر آخر.

ولم يأبه أهله لصراخه. فعبر عن مطلبه مباشرة بصراخه نهارا وليلا، تارة من على سطح المنزل، وأخرى من نافذني غرفته؛ (عاااااشق زوجوووني)! ويبلغ هتافه المارة والجيران، فلم يلق إلا مزيدا من التجاهل من أهله، فرفع صوته وأزعج الجميع بصراخه الهستيري: عاشق ما حد يعاتب عاشق ولا يلومه زوجوووني). فشكل ما يشبه رأيا عاما في القرية، مما حدا الكثير من رجالها ونسائها حث أبويه، وإخوته على تزويجه، قبل أن يجن.
فباع والده فدانين من بضعة أفدنة يملكها فتزوج العاشق وهدأت نفسه.
وتصنع فتى طريقة احتجاجه لعلها تنجح مع والده. فكان أن قال هذا له: (اجنن ولا اعقل ماشي بازوجك. زوج نفسك بنفسك اتفل في اليمني).​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى