انتشار كبير للحشيش المخدر في عدن

> مسئول يؤكد أن وراءه جهات نافذة في السلطة وخارجها

>
تقرير/ سليم المعمري
انتشرت في الآونة الأخيرة مادة الحشيش المخدرة بشكل كبير جداً في المجتمع لاسيما في مدينة عدن لأكثر من سبب.

وتسبب ضعف الأمن وغياب الرقابة من الآباء والأمهات في متابعة أبنائهم في انتشار هذه الظاهرة بشكل كبير جداً لاسيما بعد حرب عام 2015م، كما شجعت هذه الظروف تجار المخدرات من بيعها وترويجها بكل أريحية في أوساط أفراد المجتمع العدني على وجه الخصوص والمحافظات الجنوبية بشكل عام.

وأكد العديد من المعنيين والمواطنين في أحاديث متفرقة لـ "الأيام" أن عدد الضحايا لهذه الآفة التي وصفوها بـ "المدمرة" في تزايد مستمر، وأن الهدف الرئيس منها ليس الربح المادي؛ بل أهداف أخرى ترمي لتدمير جيل الشباب.
مخاطر متعددة
وأعادت رئيسة مركز عدن للتوعية، سعاد علوي، انتشار تعاطي الحشيش وغيره من المخدرات إلى عدة أسباب، منها سهولة الحصول عليها والإهمال الأُسري للأبناء وعدم مراقبتهم، بالإضافة إلى الوضع العام الذي تعيشه البلاد، وما يعانيه الشباب من فراغ وبطالة وضعف مستوى التعليم وغيرها من الأسباب السياسية والاجتماعية والاقتصادية، مؤكدة بأن الحشيش يعد أحد المهلوسات التي تؤثر على المتعاطي لها بشكل خطير وتتسبب بالاعتماد النفسي عليها.


وأوضحت بالقول: "تمنح متناولها في البدء بعضاً من النشوة والسعادة والاسترخاء الممتع مصحوب بالضحك غير المبرر، وكذا اضطرابات في الإدراك ورؤية الخيالات والخلل في حجم وشكل ما يراه بصورة واضحة، أي كما تسمى علمياً بـ (الهلاوس البصرية) والشعور ببطء مرور الوقت، وقلة الانتباه والتركيز".

وأضافت في تصريحها لـ "الأيام": "إن زيادة الجرعة للمتعاطي تجعله يدخل بتفسيرات خاطئة لِما يدركه بحواسه، وهنا يتم اضطراب الذاكرة والحواس، ويشعر المتعاطي بالاستمتاع أكثر عندما يستمع إلى الموسيقى، كما يشعر بالجوع، وفي الغالب يكون هذا الإحساس كاذباً، وغالباً عدم الشعور بالارتياح والخوف والقلق الشديد، واتساع في حدقة العين والإحمرار؛ نتيجة لتمدد الأوعية الدموية والتهاب العين، وفي بعض الحالات يرتفع معدل ضربات القلب، ومن الممكن حدوث نوبة قلبية لاسيما خلال الساعات الأولى لتعاطي الحشيش، ويعد ذلك بنسبة أربعة أضعاف الدخان العادي، وكذا الانخفاض في قدرة الدم على حمل الأكسجين".
"ظاهرة خلفها جهات نافذة"
وأكدت علوي أن مادة الحشيش تُعد أكثر أنواع المخدرات انتشاراً في العالم كله رغم خطورته، وتقوم بالمتاجرة به عصابات عالمية"، مضيفة: "وبما أننا جزء من العالم، وبلادنا تتحكم بساحل طويل وممر دولي يعتبر طريقاً لتجار المخدرات؛ كان لابد مع ظروف عدة تمر بها البلاد أن يكون لنا نصيب من هذه التجارة وأن تتوغل في مجتمعنا".

وأكدت في السياق أن انتشار ظاهرة المخدرات في الجنوب تقف خلفه جهات وقوى متنفذة في السلطة وخارجها.

وواصلت بالقول: "الجميع يتحمل المسؤولية، فمهما كانت الظروف التي نمر بها لا يعفينا كأسر وأولياء أمور من مراقبة أبنائنا وسلوكياتهم ورفاقهم، ولا يعطينا الحق في إهمال تربيتهم، كذلك تتحمل كثير من الجهات المسؤولية كرجال الدين ومعلمين وجهات متخصصة في الأمن والصحة والتربية والتعليم.. ولأن أولياء الأمور تقع على عاتقهم المسؤولية الأولى يتوجب عليهم التوجيه والإرشاد التربوي السليم لأبنائهم ومراقبة سلوكياتهم مع ضرورة ضبط مواعيد خروجهم من البيت والعودة إليه، وتوعيتهم من خطورة انتشار المخدرات في المجتمع".

وبحسب علوي، فإن متعاطي المخدرات يظهر عليه الإهمال لكل جوانب حياته من مظهر خارجي وداخلي، مع الاتصاف بضعف الذاكرة وعدم القدرة على التركيز لوقت طويل، وتقلب للمزاج.
غياب الوازع الديني
فيما قالت وداد وجدي عبدالله، محامية وناشطة حقوقية ومجتمعية: "الخطير في هذا الشأن هو تعمّد زرع شباب مدمنين بين أوساط الشباب؛ لنشر الحشيش وتوزيعه من خلال إقناعهم بتجربته عدة مرات لضمان الاستمرار في تعاطيه في ظل غياب الرقابة المباشرة من قِبل الأسرة وعدم وجود لجان رقابة مجتمعية فعالة من الشباب، وهذا بحد ذاته يُعد مؤشراً خطيراً على النسيج الاجتماعي".


وأوضحت لـ "الأيام" أن خطورة هذه المادة المخدرة كبيرة على الفرد والمجتمع منها خسارة الوقت والمال، مؤكدة بأن من يصلون إلى مرحلة الإدمان كثيراً ما يلجؤون إلى ارتكاب العديد من الجرائم كالسرقة وغيرها من أجل توفير الحشيش.

وقالت: "تقع على الأسرة المسؤولية الرئيسية والمباشرة في مراقبة سلوكيات الأبناء ومعرفة أصدقائهم وملاحظة تصرفاتهم لاسيما المختلفة منها ومتابعتها لمعرفة الأسباب، وكذا العمل على استغلال طاقتهم في وقت الدراسة والمشاركة في الأنشطة الفعالة التي تعود بنفع لهم ولمجتمعهم، أو مشاركة في نادٍ للقراءة أو الممارسة الرياضة وتحفيزهم عليها".
ضعف الأمن
وحمّلت المحامية وداد عبدالله انتشار ظاهرة تعاطي المخدرات المهربين وكبار التجار للمادة، والتي قالت إنهم استغلوا ضعف الأجهزة الأمنية الخاصة بالرقابة والتفتيش في جهات النقل البحري والجوي للبضائع، أو بتواطؤ البعض منهم بإدخال المادة مقابل تقاضي مقابل مادي دون أي اعتبارات للضمير الوظيفي أو الوازع الديني وضعف الانتماء الوطني، متمنية تشكيل لجان مجتمعية مكونة من الأسر والجهات المعنية لتنفيذ عمل مشترك بهذا الشأن للتقليل من هذه الظاهرة التي باتت منتشرة في المجتمع خصوصاً بعد فترة الحرب.
تدمير ممنهج
مسئول شعبة التوجيه المعنوي لقوات الحزام الأمني في مديرية الشيخ عثمان، بسام البان، أكد لـ "الأيام" أن هناك جهات تسعى لتدمير المجتمع في الجنوب عبر إغراقه في تعاطي الحشيش والمخدرات بجميع أنواعها من خلال استغلال المراهقين والشباب وإغرائهم بالتعاطي، مستغلة الفراغ الذي يعيشه الشباب وازدياد نسبة العاطلين عن العمل، مشيراً إلى أن أبرز الجهات التي تعمل على انشر الحشيش والمخدرات في المحافظات الجنوبية هي "ميليشيات الحوثي".


وتابع قائلا: "الأمر أخطر مما يتوقع البعض، فانتشار تعاطي المخدرات والإتجار بها بين أوساط الشباب خطر يهدد الحياة والمجتمع والأسرة ويدمر الأوطان، ويهدم كل القيم والأخلاق، وسيؤدي إلى انهيار وسقوط شبابنا في وحل المستنقع الذي يصعب علينا الخروج منه بسهولة".

وأضاف: "انتشار هذه الآفة ليس محض صدفة، كما أن هدف العصابات المروجة لها لا يقتصر على جني الأموال وحسب، فانتشار هذه الظاهرة بهذه السرعة، وسهولة وصولها للشباب بأرخص الأثمان، تؤكد بأن من يروج للحشيش ليس هدفه الربح والكسب المادي؛ بل له أهداف أخرى".


وأكد البان في حديثه لـ "الأيام" بأن المخدرات لم تعد وحدها مهوى المدمنين؛ بل إن هناك الكثير من باتوا يقبلون على أدوية تصنف ضمن "المؤثرات العقلية"، والتي تستخدم دوليا في الأغراض الطبية كمهدئات ومنومات لتخفيف التوتر العصبي، وهي كما قال مواد مدرجة في اتفاقية المؤثرات العقلية للأمم المتحدة لسنة 1971 وعددها 12 نوعاً"، مضيفاً "ينظم قانون المخدرات اليمني لعام 1993 استيراد المؤثرات العقلية، ولم يفصّل القانون بين الهروين أو الحشيش أو الكبتاجون الذي يعد ضمن أبرز أسماء المخدرات في العالم، وبين الديزبام والريستيل والبلتن والفاليوم التي تباع في الصيدليات كمخدر وعلاج، والتي البعض منها منتشر بين الشباب يتناولونه مع القات، ومن خلال "الأيام" أوجه رسالة للأسرة العدنية بضرورة تلمس أوضاع أبنائهم واحتياجاتهم ومد يد العون والمساعدة لهم والعمل على وقايتهم من الوقوع في فخ الإدمان قبل أن يفقدوهم".
الآثار السلبية
وأكد د. خالد بشر النهدي، اختصاصي أمراض نفسية وإدمان، أن المدمنين عادة ما تتولد لديهم اضطرابات في السلوكيات ونوبات عدوانية بهدف الحصول على هذه المواد تطال حتى أفراد أسرهم، مما يشكل ضغطاً نفسياً على الأسرة بشكل عام فضلاً عن التأثير على الحالة النفسية للشخص ذاته من حيث الإصابة ببعض الأمراض النفسية وضعف الذاكرة وغيرها.

انتشار كبير للحشيش المخدر في عدن
انتشار كبير للحشيش المخدر في عدن

وتابع بالقول: "المسؤولية لا يمكن تحميلها على شخص محدد أو جهة وحيدة؛ بل هناك العديد من الأسباب التي أدت إلى انتشارها على رأسها التقصير من قِبل الحكومة متمثلة في بعض الوزارات كوزارة الداخلية ثم الصحة ثم الإعلام والتربية والتعليم والمجتمع ورجال الدين فالأسرة"، معيداً ذلك إلى الوضع الذي تمر به البلاد، والذي أدى - كما يقول - إلى ضعف التنسيق فيما بين الجهات المعنية.

وشدد النهدي على ضرورة محاربة مشكلة الإدمان بدءاً بإبراز مخاطرها للرأي العام والتركيز عليها من الجهات المختصة وعلى رأسها الصحافة والإعلام لما لها من دور فاعل بها الشأن.
دعوة للتكاتف
بدوره، دعا مصدر أمني، وزارتي الأوقاف والإرشاد والشباب والرياضة بضرورة الاهتمام بتوعية الشباب؛ لكونهم الفئة الأكثر استهدافاً في ظل الأوضاع الراهنة التي تمر بها البلاد.

وأوضح في حديثه لـ "الأيام" أن غياب فرص العمل وغياب أدوات الترفيه مثل أماكن السينما والمسرح مهّد للشباب اللجوء للمخدرات والبحث عنها لتغطية الوقت الفراغ الذي يمرون به، مضيفاً "لا خلاص من هذه المشكلة إلا بالتوعية بدءًا من الأسرة والإعلام بمختلف مسمياته، والأوقاف عبر منابر المساجد، ولا ننسى أيضا دور وزارة الشباب والرياضة التي يجب أن تهتم أكثر بالنشء والشباب".
ضعف المراقبة
ويقول المواطن حسين أحمد: "عندما يفقد الشاب السؤال عنه من قِبل الأب والأم إلى أين يذهب؟ ومن أين أتى؟ وعندما تقل التوعية بأضرار الحشيش التي من المفترض أن تكون موجودة حتى بالطرق بكون الحشيش ضاراً وخطيراً على عقل الإنسان، وتكتب في لوحات أخرى أن المروج يسجن أو يعدم على حسب القانون وأن المتعاطي سوف يفصل من الوظيفة..".

وتابع قائلا: "في فرض الأنظمة سوف تخف الظاهرة؛ ولكن في الوضع الحالي استغل المروجون الجانب الأمني فكثر المروجون الصغار والمتعاطون الشباب".
ظاهرة مدمرة
ووصف المواطن علي وضاح تعاطي الحشيش بـ "الظاهرة المدمرة" لعقول الشباب، مطالباً من الآباء والأمهات وضع أبناءهم تحت المراقبة المستمرة على لا يقعوا ضحية الإدمان ورفقاء السوء. راجياً من أئمة المساجد والقائمين على الإعلام المرئي المسموع والمقروء وكذا الجهات ذات العلاقة بتكثيف التوعية والعمل على مكافحة هذا الآفة المدمرة لجيل الشباب.

فيما قال المواطن ضياء اليهري: "انتشرت مؤخراً كلمة (جرمات) بين الشباب، وعلى الأب إذا ما سمع هذه الكلمة من ابنه، فعليه أن يتأكد أن ابنه يقصد بذلك (لفة الحشيش)، وهي عبارة عن ورقة بياض يلف فيها المتعاطي الحشيش بعد خلطه في تمباك السجارة".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى