مساجد عدن.. بين الإرشاد الديني وتوعية المجتمع من المخاطر

> تقرير/ هويد الكلدي

> لعبت المساجد دوراً بارزاً في العاصمة عدن، لاسيما أثناء الحرب التي شنتها قوات الحوثي وصالح على المحافظات الجنوبية في مارس 2015م، حيث صدحت الأصوات وكبرت من على منابرها لمقاومة المحتل.

رجال دين كان لهم السبق في الجهاد من خلال رفع معنويات المقاتلين في الجبهات ودعوة الناس على رفدهم الطعام والشراب والسلاح والقتال معهم، كما لعبوا دوراً هاماً بالإمساك بعدن ما بعد تحريرها من العام نفسه في إرشاد الناس بضرورة الحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة التي سلمت من بطش الحرب.

مشهد أعاد مؤسسات الدولة إلى مهامها بعد طرد مليشيات الحوثي مباشرة، حيث كان مكتب الأوقاف والإرشاد بالمدينة أول مرفق حكومي يزاول ويستأنف سير العملية بالجنوب في ظل حرب أخرى تواجهها المدينة مع جماعات متطرفة ومتشددة (تنظيم داعش) التي كانت تسيطر على معظم منشآت الدولة بعدن.
560 مسجداً
العيدروس
العيدروس
وأسهمت المساجد التي يقارب عددها 560 مسجداً وتقع تحت إدارة مكتب الأوقاف، التي أسهمت في تناول القضايا المجتمعية وفي بناء الإنسان دينا ودنيانا، وتوعيته بضرورة الحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة لاسيما خلال الفترة العصيبة التي شهدتها عدن في ظل حروب.

كما كان لمكتب الأوقاف والإرشاد بعدن حضوراً على مدى أربعة أعوام في خوضه معركة شرسة من خلال مواجهته التطرف وخطر الفكر الإرهابي والحبوب المخدرة والقتل والفتن والتخريب وقضايا مجتمعية أزّمت الحياة اليومية.
دور بارز
رئيس الهيئة الجنوبية للوعظ والإرشاد في المجلس الانتقالي الجنوبي، الشيخ محمد رمزو، قال: "واجهت عدن والجنوب العربي خلال الفترة الماضية صنوف الإرهاب الديني المدعم بالإرهاب العسكري الشمالي، ولكن كان للمساجد في الجنوب عامة وعدن خاصة دور بارز في مواجهة هذا التطرف وغيره".

وأوضح رمزو في حديثه لـ«الأيام» أن لمدير مكتب الأوقاف بعدن، د. محمد حسين الوالي، دوراً كذلك في إدارة المساجد والقيام بالدور الدعوي المنشود من خلال توجيه المساجد وأئمتها بتوعية الشعب وتوجيهه إلى الدفاع عن الأوطان والاهتمام بالعلم الشرعي الوسطي والذي من شأنه إخراج جيل وسطي معتدل ومحارب للإرهاب والتشدد والتطرف.

مسجد أبان
مسجد أبان

فيما أكد الشيخ محمد البيتي أن للمسجد دوراً كبيراً في المشاركة العلمية من خلال الإمام والوجاهات الاجتماعية في حل كثير من المشكلات الاجتماعية وخصوصا عند النزاع، وكذلك حل معظم القضايا الخدمية بالتنسيق مع جهات الاختصاص.

وقال: "إن الأئمة والخطباء هم الصوت الذي لا يعلاه آخر، فدورهم مشهود له بمواضيع عديدة، وسبق أن تمت لقاءات جمعت الخطباء مع مسؤولين في المستويات الرسمية للحث على تصحيح بعض الاختلالات ومعالجة بعض القضايا".

وأضاف الشيخ عبيد ناصر إمام وخطيب مسجد آل البيت في خورمكسر: "كان دور أغلب مساجد عدن هو بعث الاطمئنان في نفوس الناس بعد الحرب والحث على التآخي والمحبة ونبذ العنف والكراهية والتصدي للتحريش ونزع التوتر والضغينة"، مؤكداً في السياق بأن الدور الذي قاموا ويقومون على تحقيقه بالتوجيه الديني كان وما زال دور النصح والإرشاد وتوعية الناس من مخاطر الاقتتال بين الأخوة بالآيات البينات والأحاديث الصحيحة".
إرشاد وتوجيه
فيما قال الشيخ عمر البيتي وهو إمام وخطيب مسجد الشافعي: "الجانب الإرشادي والتوجيهي هو الدور الأساسي للمساجد، ولهذا تناولنا جميع القضايا بشكل مستمر الذي يعيشها المواطن، وأوصلنا الحكم الشرعي بشكل واضح وجلي والآثار والمخاطر لكثير من القضايا، ومنها حمل السلاح بغير مبرر، وإطلاق الأعيرة النارية، والحبوب والمسكرات، والبسط على الممتلكات الخاصة والعامة".

وأشار في حديثه لـ«الأيام» إلى أن الخطب والمحاضرات لا تخلو من طرح ما تعانيه المدينة من خلال المنبر وبالدور الرئيسي تم التوجيه والإرشاد لكل من له صلة بالقيام بمسؤولياته.
أسباب تفشي المخدرات
الأوضاع التي مرت بها مدينة عدن من حرب وانفلات أمني وغيرها لم يتم التصدي لها من قِبل رجال الدين وأئمة المساجد وحسب؛ بل كان للجهات المتخصصة دور بارز لاسيما في مجال انتشار المخدرات في المدينة بشكل كبير جداً، والتي تعد أحد تداعيات الوضع الذي عاشته العاصمة عدن.

مسجد الرضاء
مسجد الرضاء

في هذا السياق، تقول رئيسة مركز عدن للحد من المخدرات، د. سعاد علوي: "الحديث عن عدن الساحرة خبر كان، والحاضر يشير إلى غرق تلك المدينة بظواهر سيئة عديدة حتى جعلتها ساحة تجوب بداخلها العصابات وتجار الحروب والذمم والمحرمات".

وأضافت في حديثها لـ«الأيام»: "غياب النظام الحكومي والأجهزة الأمنية سبب رئيسي في تفشي وانتشار القتل وتناول المخدرات والنهب"، لافتة إلى أن الجهل يعد ركيزة في وقوع تلك الظواهر بين أوساط المجتمع، ولكون التوعية غائبة فذلك قد ينتج تفاقم في انتشار الجريمة من قتل وغيرها وانتشار الحبوب بين أوساط الشباب وبالذات "العزل".

وأشارت إلى أن هناك العديد من الجهات التي عملت على التوعية في محاربة تلك المخاطر، وكانت في مقدمتها مساجد المدينة.

ولفتت "علوي" إلى أن الظواهر السلبية والمدمرة بكل أشكالها اجتاحت عدن بشكل مذهل، وبالذات بعد حرب شهدتها في 2015م، محذرة من أن ظاهرة تناول الحبوب والحشيش (المخدر بأنواعه) انتشرت بين أوساط الشباب حتى الفتيات.

وأرجعت السبب الرئيس وراء ذلك في إلى تواطؤ الآباء في متابعة أبناؤهم بسائر حياتهم، مضيفة: "أما السبب الرئيسي الذي أتاح لتجار المواد هذه بالسيطرة على الساحة يعود إلى غياب الأمن والدولة وعدم العمل على التوعية من قِبل منظمات وجهات ذات اختصاص".

وتؤكد د. سعاد علوي أن المنبر الحقيقي لمحاربة تلك الظواهر هو المسجد، وأن الخطباء والأئمة هم السلاح الحقيقي لقتلها من خلال العمل على نصح الناس وتوعيتهم من مآثر ومخاطر تلك المواد على حياتهم من كل النواحي (صحية - مالية - نفسية).

وشددت علوي على أئمة المساجد بضرورة تعزيز وتكثف تناول المواضيع التي تفيد المجتمعات حتى لا يقع الشاب وغيره في القتل وتناول المخدرات والتخريب وما تليها..

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى