رئيس جامعة عربية لـ«الأيام»: العام 2020 هو عام الحسم لدولة الجنوب العربي

> حاوره / عادل المدوري

> أكد رئيس جامعة "أم القيوين" الإماراتية، د. جلال عبدالله حاتم، أن العام الجاري هو عام الحسم لدولة الجنوب العربي، كما أكد بأن المجلس الانتقالي الجنوبي يمتلك القدرة والكفاءة العالية على حماية الجنوب وكل أبنائه ومناطقه كافة.
وأوضح د. حاتم، وهو باحث اقتصادي، في حواره مع "الأيام" أن النظام الجاثم على الجنوب طيلة ثلاثين عاماً، أفقد ميناء عدن دوره الحيوي شأنه في ذلك شأن مصفاة عدن وشركة الملاحة الوطنية وشركة أحواض السفن وعدد من المصانع والمؤسسات الاقتصادية، وحوّله من قبلة للتجارة العالمية إلى محطة للارتزاق والتهريب فقط، بسبب الفاسدين والسماسرة والتنظيمات الإرهابية الذين امتهنوا التهريب والرشوة والتزوير والسرقة والنهب منذ العام 1990.

التفاصيل في سياق الحوار الآتي:

‏•  أهلاً وسهلاً بك د. حاتم، لنبدأ من الموقف العسكري في محافظات شبوة وأبين وحضرموت، والتي تشهد توتراً واشتباكات وتقاسم السيطرة بين المجلس الانتقالي الجنوبي وحزب الإصلاح والتنظيمات الإرهابية التابعة له، كيف ترى الوضع هناك وهل يستطيع المجلس الانتقالي حماية أبناء الجنوب في تلك المناطق؟
- بالتأكيد، المجلس الانتقالي يمتلك القدرة والكفاءة العالية لحماية الجنوب وكل أبنائه ومناطقه كافة، الأسباب لا تحتاج إلى تفسير، فالتجهيز العسكري والفني لقوات الانتقالي والتنظيم الدقيق والتسلسل الهرمي المنضبط يجعل كفة الميزان ترجح دائماً للمجلس، في حين أن رأس مال حزب الإصلاح هو نشاطه الإرهابي معتمداً على الإتجار بالدين، وهو هنا يريد التهام الجنوب، دون إدراك منه بأن نعيش أوضاعاً لا تشبه ما كنا عليه في 1994م، وبالتالي فخسارتهم محتومة.

‏• بعد إعلان عدن التاريخي وتشكيل المجلس الانتقالي ألتفّت كافة مكونات وقيادات الحراك والمقاومة الجنوبية حوله، هل نستطيع القول إن الجنوبيين تجاوزوا الخلافات وقضية تمثيل الجنوب؟
- ليس هناك شك أن لحمة الجنوب أصبحت أكثر اكتمالاً ونضجاً في ظل المجلس الانتقالي، فالمجلس يضم كفاءات نحترم جميعاً تاريخها النضالي والسياسي أيضاً، وكذلك القائد عيدروس الزبيدي، الذي نعرف تاريخه المخلص لقضية الجنوب ونثق بقدراته السياسية التي برزت كقائد سياسي محنك، ولا شك أنه لا خلاف على التمثيل ولا ينبغي الاكتراث ببعض الأصوات المدفوعة التي تدعي تمثيلها للجنوب، فلا يوجد لها أي قيمة أو وزن، وحسبنا هنا أن نشير إلى الموقف المخزي لهذه التكوينات "الكرتونية" مما يجري من ممارساتٍ عنصرية ومناطقية بغيضة بحق شعبنا في "شبوة" العصية.

‏• في الجنوب مشروعان لا ثالث لهما: مشروع الاستقلال واستعادة الدولة، يقوده الانتقالي الجنوبي، ومشروع العودة إلى باب اليمن يقوده الائتلاف الوطني الجنوبي المدعوم من علي محسن الأحمر وحميد الأحمر، كيف تنظر إلى نجاعة هذه المشاريع في ظل التجاذبات الإقليمية والتحديات الداخلية؟
- لم يعد مشروع استعادة دولة الجنوب العربي رغبة فردية أو مزاجية يتبع شخصاً أو هيئة أو طرفاً، إنه مشروع يجري في دماء الجنوبيين جميعاً منذ اجتياح الجنوب في 1994، بعد أن أدرك معظم شعب الجنوب فشل الوحدة، لذلك فإن مشروع استعادة دولة الجنوب لن يموت، وسيتم بإذن الله، عاجلاً أم آجلا، بغض النظر عن التجاذبات الإقليمية أو العقبات والتحديات الداخلية، المشروع الآخر هو مشروع فردي، يطالب به أشخاص محددون لغاية في نفوسهم، يحقق مصالح شخصية ضيقة، يؤمّن لهم البقاء، وليس لديهم سوى الحديث عن العودة لباب اليمن، ولو فقدوا ذلك سيفقدون كل شيء، أي أن مشروع باب اليمن ولد ميتاً ولا سبيل لإحيائه أبداً.

‏• مشكلتنا في اليمن بشكل عام أن الشعب يواجه مشاريع طائفيه دينية، الحوثي يسعى لضم اليمن إلى ولاية الفقيه، والإخوان يسعون لضمه إلى تركيا وللخلافة العثمانية، على الرغم أن مشروع إيران قد فشل في لبنان والعراق وسوريا ومشروع الإخوان كذلك فشل في مصر ومعظم الدول، أمام هذا الاستعصاء السياسي في اليمن، ماهي فرص الوصول إلى حل وسلام دائم بالجنوب والشمال؟
- دعني أقل لك في البداية بأني صرت أؤمن بأنه لا فرق بين ولاية المرشد وبين ولاية الفقيه، والأحداث والوقائع والمؤامرات التي تتجسد أمامنا، سواء في اليمن أو العراق أو سوريا أو ليبيا، خير شاهدٍ على ذلك، بل إن أتباع "المرشد" صاروا يمارسون "التقية" بحرفية تفوق أتباع "الفقيه".. الطائفية لا تبني الأوطان بل تمزقها، وكذلك القوالب الحزبية التي يتصل ولاؤها بدول وجهات خارجية أثبتت فشلها الذريع، كيف تثق بشخص أو حزب وأنت تعلم أن ولاءه لخامنئي أو أردوجان أو القرضاوي ونصرالله وهنيّة وغيرهم ممن يضحكون على ذقون الشعوب؟، العالم أصبح أكثر وعياً، والتجربة الجنوبية الوطنية الخالصة أثبتت نجاحها وقوتها في مجابهة الأخطار، أما السلام مع الشمال فلن يتحقق إلا من خلال تطبيع الأوضاع والعودة إلى ما قبل مايو 1990. يجب على الجميع أن يدرك أن خيارنا هو استعادة دولة الجنوب العربي بإذن الله.

• كباحث اقتصادي جنوبي ومن أصل عدني، ميناء عدن من أفضل خمسة موانئ طبيعية على مستوى العالم، وهمزة الوصل بين الشرق والغرب، إمكانيات هائلة موجودة فيه، برأيك ما الذي حل بميناء عدن؟
- قضية "ميناء عدن" هي قضية سياسية قبل أن تكون قضية اقتصادية، والواقع أن الأحداث باتت تجبرنا على أن نكون جزءاً من الواقع السياسي، لذلك، لن نقف على الأطلال، فمما لا شك فيه أن النظام الجاثم على الجنوب طيلة ثلاثين عاماً، قد أفقد ميناء عدن دوره الحيوي، شأنه في ذلك شأن مصفاة عدن وشركة الملاحة الوطنية وشركة أحواض السفن وعدد من المصانع والمؤسسات الاقتصادية.. لقد حولوا ميناء عدن من قبلة للتجارة العالمية إلى محطة للارتزاق والتهريب فقط، بسبب الفاسدين والسماسرة والتنظيمات الإرهابية الذين امتهنوا التهريب والرشوة والتزوير والسرقة والنهب، فأصبح مرتعاً لهم ومكاناً للارتزاق منذ العام 1990، ولم يعد سراً أن "الجنوب" كان قد تم تسليمه لقوى الإرهاب مكافأة لهم لمشاركتهم في اجتياح الجنوب، ولعل واقعة المدمرة (كول) تأتي في هذا السياق.
وأعلم بأن هناك خطة عمل لدى المجلس الانتقالي الجنوبي لإعادة الميناء إلى سابق عهده المشرق، وسيتمكن فريق مختص من وضع السبل الكفيلة بانتشال الميناء من وضعه الحالي، كما أن المؤتمر العلمي السنوي الأول لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة عدن، الذي انعقد مؤخراً تحت رعاية الانتقالي، يأتي في السياق الذي يؤمّن ازدهار مدينة عدن بما فيها ميناؤها العريق.. لقد أغرقوا الوطن في الصراعات ليصبح الفساد سيد الموقف.. وخلال ذلك تطورت كل موانئ العالم في حين أن ميناء عدن تدهورت أوضاعه، ومن المهام المستقبلية الملحة في رأيي تهيئة الظروف لإعادة العمل بنظام الخزانة العامة ووظائفها في تنفيذ الموازنة والمحاسبة وإعداد التقارير وإدارة النقدية والديون.. إلخ، وكان يعمل به حتى 1990م ليرحل مع كل كيانٍ كان مفيداً في الجنوب. 

• تشهد مدينة عدن انطفاءات في الكهرباء والحصول على المياه فيها أصبح حلماً يراود كل أسرة عدنية، بالمقابل هناك فساد إداري كبير في وزارات الحكومة اليمنية، ما هو الحل لإنقاذ المواطنين الذين يعيشون في أوضاع صعبة للغاية؟
- دعنا نضع النقاط على الحروف، مشكلتنا الكبرى هي في سيطرة الحكومة الشرعية على مقدرات الجنوب والسماح لأطراف في الشرعية بالتحكم بمصيرنا وأحلامنا ومشاريعنا، ومحاولة فرض واقعٍ عنوانه "الفساد أمر طبيعي". لقد تجاوز الفساد حدّ الوقاحة في المجاهرة به، ولعل مليارات الريالات التي كانت تذهب شهرياً لأحد أركان الحكومة الشرعية تحت مسمى مرتبات شهرية لأسماء "وهمية" مثال واحد فقط من أمثلةٍ عديدة.. وما خفي كان أعظم.
لقد تخلت الحكومة الشرعية عن تحمل مسؤولياتها ليس في مجال الكهرباء فحسب، بل في مختلف المجالات الخدماتية والمعيشية وعلى نحوٍ مقصود، ولهذا فحل مشكلة الكهرباء، وكل المشكلات الخدماتية والمعيشية، تبدأ بالتخلص من رموز الفساد والمستفيدين من وجود هذه "الأزمات" وافتعالها، وأي حلول ترقيعية أو مؤقتة، وإن كانت تفيد إنما يجني ثمارها أولئك الفاسدون، وكلنا يعلم كيف أفشل الفاسدون في الحكومة الشرعية المساعدات الضخمة المقدمة من الأشقاء في دولة الإمارات والمملكة السعودية.. بل عمدوا إلى مناصبتها العداء.

• لا شيء يتطور باليمن غير محلات الصرافة، فالزائر للجنوب بعد الحرب يلحظ انتشار الصرافين بكثافة في مختلف الشوارع، في ظل استمرار تدهور صرف الريال اليمني وغياب الدولة والبنوك الحكومية المصرحة، ماهي الأسباب والحلول لهذه الظاهرة؟
- بدون شك، إن عدم حل مشكلة الصرافة وانتشار الصرافين غير المرخصين ساهمت وتساهم كل يوم بتدهور صرف الريال اليمني، ولا أعتقد أن الحل الأمني بإغلاق شركات الصرافة غير المرخصة، أو إعطائها المهلة تلو الأخرى سيكون كافياً، فالمافيات التي تعمل بترخيص شخصي وفردي من السماسرة أقوى بكثير من الحلول الأمنية، لذلك يجب أولاً من دعم توجهات المجلس الانتقالي الجنوبي وحضوره الاقتصادي التنموي لوضع الخطط الحقيقية لمحاصرة هذه الظاهرة المدمرة على المدى الطويل.
 الحكومة اليمنية صارت جزءاً من المشكلة ولا يؤمل منها أي حل، بل صارت تختلق وتفتعل المشكلات والأزمات لأن هناك "مستفيدين" منها، صار الكثيرون منا يعرفون أسماءهم.
الصحيح هو إعطاء الفرصة للقوي على الأرض أن يفعل ذلك، وأعتقد أن المجلس الانتقالي لديه مخطط شامل لمشكلة الصرافة وغيرها من المشكلات، انطلاقاً من أن مشكلة الصرافة والعملة لا نستطيع أن نفصلها عن الواقع السياسي والاقتصادي.

• قوات الحوثي قررت وقف التداول بالعملة اليمنية واعتمدت عملة رقمية في مناطق سيطرتها، ما هو مستقبل الريال اليمني والاقتصاد اليمني بشكل عام في ظل هذه الفوضى؟
- كما ذكرت ليس هناك مستقبل للريال اليمني، العصابات ومافيات الإرهاب السياسي والاقتصادي تسيطر على الموارد والتي تتحكم بسعر صرف الريال، وإذا لم يتم منح المجلس الانتقالي التفويض الكامل فسيبقى الاقتصاد اليمني في حالة تدهور شديدة إلى أن يهوي إلى القاع السحيق. الحل السياسي والأمني حالياً هو الخطة الأكثر فاعلية، ويجب أن يتضمن هذان الحلان منح الجنوب الاستقلالية الكاملة لإدارة وحل مشكلات الجنوب، وإذا لم يحدث ذلك قريباً، فليس هناك مجالاً سوى بفك الارتباط وعدم التأجيل.

• لو كنت مستشاراً للمجلس الانتقالي الجنوبي بماذا كنت ستنصح؟
- لست بعيداً عن قيادات المجلس، وهناك اتصال دائم مع بعض الأصدقاء هناك، نتبادل وجهات النظر، وقيادة الانتقالي الجنوبي وأعضاؤه يتمتعون بالحكمة والذكاء ويستندون إلى الخبرة السياسية والعسكرية الطويلة، يحفظون خارطة الوطن الديموغرافية عن ظهر قلب، ولديهم فكرة كاملة وشاملة وموسعة عن التحديات والمخاطر والعقبات، ويمضون بخطى واثقة وحذرة نحو تحقيق الأهداف الكبرى وعلى رأسها استعادة الدولة الجنوبية، ونحن نؤيد خطواتهم وندعم تماسكهم وندعو للالتفاف حولهم، فالمرحلة القادمة ستكون أكثر صعوبة، هكذا هو السباق، أصعب الخطوات هي آخر الخطوات.
والتقييم الدوري لكل ما يتم عمله مهم جداً، وكلنا يعلم بأن أي تراكمٍ إيجابي للإيجابيات سيفضي إلى تغيير نوعي إيجابي، وأي تراكمٍ كمي للسلبيات سيفضي بالضرورة إلى واقعٍ سلبي.

• كثرت التحليلات والتوقعات حول ما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع في الجنوب وعن السيناريوهات المحتملة، كيف تنظر إلى مستقبل الجنوب العربي والعربية اليمنية في ظل الحرب التي تشهدها البلاد؟
- ليس هناك سوى سيناريو واحد لا غير، مستقبل المنطقة والتطورات الإقليمية يتجه نحو عودة دولة الجنوب العربي، وهذا ليس خياراً إنما واقعاً تفرضه الأحداث والوقائع، وأي تحليل لا يأخذ بذلك فهو واهن. المنطقة تحتاج للجنوب العربي مستقلاً شامخاً قوياً عزيزاً، وسيكون السند الأول والأهم لدول المنطقة، والجميع يعلم في قرارة نفسه ذلك، ولذلك يحارب الإصلاح وأدعياء "الوحدة" هذا السيناريو، هم يعلمون أنهم في النهاية لن يتمكنوا من منعه، لكنهم يأملون في تعطيله، ليوم أو شهر أو عام.. يريدون نهب ما تبقى من أموال ومصالح، قبل الهروب الكبير.

• هل تتوقع ضم الجنوب العربي إلى مجلس التعاون الخليجي لضمان الأمن القومي لدول الخليج العربي؟
- لا أشك في ذلك مطلقاً، فالتحالف العربي متمثل بالسعودية والإمارات، يعلمون الأهمية الإستراتيجية للجنوب العربي، جغرافياً وسياسياً واقتصادياً وعسكرياً واجتماعياً، والقيادة السياسية في البلدين ممثلة بصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، ولي عهد أبوظبي، وسمو الأمير محمد بن سلمان، ولي عهد السعودية، لديهما رؤية ثاقبة وحازمة تجاه المنطقة عموماً واليمن خصوصاً، وأعتقد أن الخطوة التالية هي الدفع باتجاه عودة الجنوب العربي قانونياً والاعتراف به خليجيا، وستكون الخطوة التي تليها هو ضم الجنوب العربي إلى مجلس التعاون الخليجي، بإذن الله تعالى.

• في ختام هذا اللقاء هل من كلمة أخيرة تود أن تقولها؟
- العام 2020 هو عام الحسم لدولة الجنوب العربي، ونحتاج أن نسمع صوت كل الجنوبيين، دون استثناء، وفي كل المنابر، يؤيدون المجلس الانتقالي الجنوبي ويلتفون حول قيادته الحكيمة، لتحقيق الغايات والأهداف الكبرى، وعدم الانجرار وراء محاولات حزب الإصلاح الإرهابية التي تستهدف كسر شوكة دولتنا المباركة.
ونأمل أن يكون التعليم والصحة والقضاء من أكثر مهام الحاضر والمستقبل إلحاحاً.

بطاقة تعريفية مختصرة
د. جلال عبدالله حاتم ولد في العاصمة عدن، من مواليد في 7 يناير عام 1954م حصل على البكالوريوس في الاقتصاد من جامعة عدن في العام 1982، وهو العام نفسه الذي بدأ فيه العمل في الحقل الأكاديمي حتى اليوم، حاصل على شهادتي الماجستير والدكتوراه من جمهورية المجر.
عمل عضواً في الهيئة التدريسية في كلية الاقتصاد جامعة عدن، ورئيسًا لجامعة العلوم التطبيقية، ثم رئيسًا للجامعة الإماراتية الدولية، ثم رئيساً للكلية الإماراتية الكندية الجامعية، وحالياً رئيسًا في جامعة أم القيوين في دولة الإمارات العربية المتحدة.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى