جماعة الإخوان تتجه لخصخصة التعليم في تعز

> تقرير/ مرزوق ياسين

> منذ مرحلة المحاصصة السياسية مطلع التسعينات أو ما بات يعرف بمرحلة "الاعتلاف السياسي" بين شركاء السلطة (حزبي المؤتمر والإصلاح) سلم قطاع التعليم لحزب الإصلاح الذي يعد الواجهة السياسية لجماعة الإخوان.
ووصل حال التعليم مؤخراً منذ سيطرة الجماعة على نصف المدينة إلى ما يشبه الخصخصة غير المعلنة وتفريغ العلمية التربوية من محتواها لخدمة مصالح حزبية واستثمارات ستكون نتائجها كارثية في المستقبل، بحسب ما يؤكده مراقبون ومطلعون على الشأن التربوي باليمن ومحافظة تعز على وجه الخصوص. يستأثر قطاع التعليم  في محافظة تعز بنحو ثلثي القوى الوظيفية في قطاعات الدولة المدنية في المحافظة الأكثر كثافة سكانية.

وتؤكد المؤشرات التعليمية التي حصلت عليها "الأيام" من مصادر تربوية إلى تراجع كبير في أعداد الملتحقين في المدارس الحكومية بالتزامن مع تزايد انتشار المدارس الخاصة التي تديرها عناصر منتمية لجماعة الإخوان المسلمين.
ووفقاً لإحصائيات العام 2018م - 2019م، فقد بلغ عدد المدارس الخاصة التي منحت تراخيص من قبل مكتب التربية والتعليم (43) مدرسة في مديرية القاهرة وحدها وسط مدينة تعز، مقارنة بـ (26) مدرسة حكومية، 4 منها مغلقة من قبل مسلحين ينتمون لقوات الجيش التابع للجماعة.

وطبقاً للمؤشرات الإحصائية فإن التعليم الخاص في المديرية يستقطب 31 % من إجمالي الطلاب في مدارس المديرية، وهي نسبة مرتفعة وغير مسبوقة في محافظة يقدر قوام موظفي الدولة فيها بـ (85) ألف موظف وكادر تربوي في قطاع التربية بالمحافظة.
المؤشرات الإحصائية التي حصلت عليها "الأيام" من مصادر تربوية، على الرغم من امتناع مكتب التربية والتعليم بالمحافظة من نشرها، تتحدث عن التحاق (23) ألف طالب في المدارس الحكومية، و11 ألف طالب في مدارس ومراكز التعليم الخاص في المديرية.

وطبقاً لمصادر تربوية فإن قطاع التعليم الخاص بالمحافظة والمديرية على وجه الخصوص، يستهدف المستويات الدراسية الأساسية وما قبل المدرسة (رياض الأطفال)، فيما تتحمل المدارس الحكومية العدد الأكبر من الطلاب في المرحلة الثانوية.
وتفتقد المدارس الخاصة للمعايير الفنية التي تؤهلها أن تكون مدارس تعليمية تقدم خدمات تعليمية موازية للتعليم الحكومي أو أفضل منه.

ويقول أ. عبد الواسع الفاتكي، وهو تربوي، "إن التعليم الخاص يفترض أن يقدم تعليماً مميزاً ونوعياً، بناءً على الموارد المالية الكبيرة التي يمتلكها، بحيث يستطيع أن يوجد له سوق رائجة خلال هذا التمييز".
ويضيف: "الملاحظ أن هذا التعليم أصبح عبارة عن مؤسسة استثمارية ربحية تركز على الجانب المادي فقط دون أن تقدم خدمة تتناسب مع هذه الإمكانات المقدمة والأموال الطائلة التي تجنيها من الطلاب".
مبنى مكون من دورين وشقتين تحول قبل اسبوعين إلى مدرسة خاصة أمام سوق قات
مبنى مكون من دورين وشقتين تحول قبل اسبوعين إلى مدرسة خاصة أمام سوق قات

وأشار الفاتكي إلى عدد كبير من المدارس التي انتشرت مؤخراً لا تنطبق عليها مواصفات التعليم الأهلي المعمول بها في كثير من بلدان العالم.
وقال: "كثير من هذه المدارس الأهلية تديرها شخصيات ليس لها علاقة بالتربية والتعليم، وإن كانت تربوية فهي لم تمارس عملها في الميدان، بمعنى آخر هناك مدارس أهلية من يديرونها يحملون شهادة ثانوية عامة أو متوسطة وما قبل جامعية".

وتابع قائلاً: "هناك أيضاً مدارس تديرها شخصيات وإن كانت تحمل مؤهلات تربوية لكنها لم تختبر في الميدان ليس لها علاقة بالميدان التعليمي ولم تمارس العمل التربوي والتعليمي وهي مشكوك في قدراتها لإدارة مدارس خاصة ويفترض بمن يعمل في المدارس الخاصة يتم اختبار قدراته ومؤهلاته العلمية والعملية بعناية.
وبخصوص أوضاع المعلمين في المدارس الخاصة أكد التربوي الفاتكي أن رواتب العاملين في مدارس القطاع الخاص ضئيلة جداً وتكاد لا تذكر، وفيها إجحاف واستغلال كبير للطاقات واستغلال لحاجات المنخرطين في التعليم الخاص واستغلال للفراغ الذي أوجدته الحرب فالمدارس تتلقى أموال طائلة لتقديم خدمات تعليمية يفترض أن تكون متميزة، لكن المعلمين في هذه المدارس يحصلون على أجور قليلة جداً.

واعتبر الفاتكي أن المدارس الخاصة تعتمد على الألوان والطلاء على حساب جوهر التعليم، وقال: "نلاحظ أيضاً أن المدارس الخاصة تعتمد على المظهر والجوانب الفنية لكنها فارغة المحتوى، والسواد الأعظم من هذه المدارس لو طبقنا عليها اللوائح المنظمة للتعليم الخاص سنجدها لا تنطبق عليها المعايير القانونية والشروط الفنية، بحيث تستطيع أن تقدم خدمة للمجتمع".

وبخصوص المبنى المدرسي، قال الفاتكي: "المبنى المدرسي عبارة عن شقق ضيقة لا تنطبق عليها كلمة "مبنى مدرسي" وهي عبارة عن عمارات كانت شقق سكنية وتحولت إلى مدارس.. هناك فقط تركيز على الرسوم التشكيلية في الواجهات واللوحات الإعلانية والجوانب المظهرية الشكلية أما الجوانب الأخرى التي تمس صلب الفكر التربوي والتعليمي فلا وجود لها".

واختتم حديثه بالقول: "المدرسة لا بد لها من حوش مدرسي وفصول مدرسية واسعة ومساحات رياضية ومعامل، وهذه الأمور لا نجدها في مدارس التعليم الخاص والتي انتشرت بشكل كبير جداً وبشكل ملفت للنظر وهي في المقام الأول عبارة عن معالجة اقتصادية ومعالجة استثمارية لبعض رؤوس الأموال كثير منهم لا علاقة لهم بالتربية والتعليم استثمروا على حساب التعليم ومستقبل الأخيال ولم تضف أي شيء جديد للتربية والتعليم.

محمد الزريقي
محمد الزريقي
من جهته، قال أ. محمد حسن الزريقي، الناشط الحقوقي ورئيس منظمة استدامة للتنمية ان التعليم في تعز يتعرض للتدمير والتعليم الخاص استثمار لا يخدم جوهر التعليم بقدر ما يحقق اهداف طرف فصيل سياسي .
وأضاف الزريقي، في حديثه لـ "الأيام": "يجب منع التعليم الخاص ووقف تراخيص افتتاح أي مدارس خاصة إلا بعد التحقق من جودة التعليم فيها وفقاً لمخرجات مؤتمر الحوار" .

وتابع قائلاً: "التعليم الخاص في تعز أوجد تمييزاً بين الطلاب وطلاب المدارس الخاصة لا يرسبون بالفلوس ويفترض أن يتجه الغني والفقير إلى مدارس التعليم العام ويدرسون مع بعضهم دون تفريق فيما بينهم، فالتعليم اليوم عبارة عن خرابة ومأساة واستغلال لظروف الأسر من خلال الترويج والإعلانات المنفلتة، ومكمن الخطر عندما يكون التعليم عبارة عن استثمارات تابعة لفصيل سياسي".

التربوي القدير نبيل راوح تحدث بدوه عن التعليم الخاص، وقال :"بالنسبة للمدارس الخاصة كانت مشروع رديف للتعليم الحكومي بالمعايير التربوية الصحيحة، لكن بعد ذلك اتضح لنا أن الأمر هو عبارة عن تجارة قائمة لكل من يريدون الربح على حساب التعليم" .
وأضاف: "المدارس الخاصة يجب أن تكون ذات مواصفات حقيقية مثل شكل المبنى.. لكن وجدنا أن هناك شقق سكنية لا أكثر فتحت بمعايير غير تربوية  وفصول دراسية غير ملائمة للتعليم الصحيح".

وتابع قائلاً: "التعامل مع الطالب في المدارس الخاصة هو بمثابة ربح وخسارة، ولا توجد معاملة حقيقية بخصوص النجاح والرسوب بالمعايير التربوية والتعليمية الصحيحة.. صحيح أن الإمكانات مقبولة لكنها شكلية وليست حقيقية".
نبيل المقطري
نبيل المقطري
وأشار المقطري إلى تسرب المعلمين من المدارس الحكومية إلى المدارس الخاصة، وقال: "يتعاملون مع معلمين من القطاع التربوي وهو الأمر الذي أدى إلى ازدواجية بين تعليم المدرس في المدارس العامة وانشغاله بالتعليم الخاص وأن العمل في المدارس الخاصة بتعاقد شكلي غير محمي وغير حقيقي بمثابة أجر يومي لا توجد عقود حقيقية، متى ما شاء الاستغناء عن المعلم، والمعلم إذا لم يتماشى مع سياسة الربح التي تمنح الطلبة درجات نجاح في كثير من الأحيان غير مستحقة.. ولا يستطيع أن يقرر النجاح والرسوب..
التعليم الخاص في المحصلة خاضع لجانب الربح والخسارة".​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى