التحديات والمالات المترتبة على إنهاء الحرب في اليمن

> آري هيستين- يوئيل جوزانسكي

>  أعلنت القوات الإماراتية، وهي القوة البرية الأكثر فعالية في التحالف الذي تقوده السعودية، انسحابها من اليمن في يوليو 2019 (كما يظهر بعد أن تعرضت أربع ناقلات للهجوم من إيران قبالة سواحل الإمارات). لقد استنتج السعوديون من هذا أنه من غير المرجح أن يحققوا مكاسب عسكرية تتجاوز ما جرى تحقيقه حتى تلك المرحلة.
التهديد المتزايد للمملكة العربية السعودية من قبل إيران بشكل مباشر، الذي حمله هجوم الـ 14 من سبتمبر على منشآت أرامكو، زاد من دوافع الرياض بإنهاء دورها في اليمن حتى لا تشتت مواردها في القتال على جبهتين.

إذا استمرت الحملة العسكرية التي تقودها السعودية في اليمن خلال الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2020، فإنها تواجه خطر الانجرار إلى الحملات الديمقراطية، حيث يمكن أن تظهر معارضة للسياسات السعودية أو حتى السعودية نفسها كمنصة سياسية بارزة. وهذا بدوره قد يضر بمستقبل العلاقات الأمريكية السعودية.
وبالتالي، لم يكن مفاجئًا عندما شدد الملك سلمان على الحاجة لحل سياسي للصراع قبل عديد أشهر. بالإضافة إلى ذلك، يبدو أن استعداد حكومة هادي للتوصل إلى اتفاق مع الحوثيين والجنوبيين قد ازداد تبعاً لتلك الشروط المُلقاة على الرياض، نظرًا لأن الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا بقيادة الرئيس عبد ربه منصور هادي تعتمد على المملكة العربية السعودية (حيث يقيم الرئيس هادي في المنفى).

وبالمثل، فإن المتمردين الحوثيين مدفوعون بشعور مفاده أن القتال المستمر يشكل عليهم مخاطر أكثر من الفرص. قد تكون المفاجأة غير السارة لقيادة الحوثيين هو ما جرى في 14 سبتمبر والذي قد تمثل بداية نهاية العلاقات بين الحوثيين وإيران، حيث طلبت إيران منهم أن يعلنوا مسؤوليتهم عن ضرب المنشآت السعودية التي أوقفت 5 ٪ من إنتاج النفط العالمي من التدفق.

بعد أقل من أسبوعين، عرض الحوثيون على الرياض وقفًا أحاديًا للهجمات الصاروخية على الأراضي السعودية، وكان ذلك بمثابة حافز لمحادثات السلام الأخيرة بين الحوثيين والسعودية.
من المرجح أن تؤدي العملية الأخيرة لاغتيال قاسم سليماني ومحاولة اغتيال عبد الرضا شهلائي، إلى إضعاف حيوية التعاون بين الحوثيين وإيران وتآكل ثقة الحوثيين في وجوب ربط مصيرهم بمصير إيران. خاصة وأن سليماني وشهلائي أسهما بأدوار محورية في دعم إستراتيجية إيران الإقليمية وبالتالي مناصرة إيران لليمن.

يواجه (المنادون بالانفصال) في جنوب اليمن الذين يمثلهم المجلس الانتقالي الجنوبي تحديات كبيرة في ضوء انسحاب داعميهم الإماراتيين، وظهور منافس لهم في الحراك الجنوبي، جرى استبعادهم من مناقشات الرياض هم والحوثيين حول مستقبل اليمن. قد تفسر هذه التطورات الثلاثة الأخيرة سبب استعداد المجلس الانتقالي الجنوبي للدخول في اتفاق مع الحكومة المركزية، والمعروف باسم اتفاق الرياض، على الرغم من حقيقة أن المجلس الانتقالي الجنوبي يحتفظ بالجزء الأكبر من القوة العسكرية، فضلاً عن أن الحكومة المركزية تضم شخصيات يعتبرها الجنوبيون غير مستساغة بل وإرهابيين. ومع ذلك، فإن المعاهدة بدأت ببداية مشؤومة، حيث ذكرت وكالة رويترز في الأول من يناير "انسحاب فريق التفاوض التابع للمجلس الانتقالي الجنوبي من اللجان المشتركة التي تعمل على تنفيذ الاتفاق".

على الرغم من الإجماع العام بين الفاعلين الرئيسيين في اليمن بأن إنهاء الحرب من شأنه يكون في صالحهم، إلا أنهم لن يكونوا بالضرورة قادرين على الاتفاق على صيغة مفترضة بدلاً من النزاع.
يُفترض بأي اتفاق سلام شامل أن يتطلب ترتيبًا لتقاسم السلطة يعكس الواقع على الأرض: هيئات كبيرة للأقاليم أو المحافظات مقابل حكومة مركزية ضعيفة.

وبما أن مستقبل اتفاقية الرياض بات موضع شك بالفعل، سيكون من الصعب للغاية تصميم اتفاق مقبول لكل من القوات المدعومة من السعودية والإمارات بحيث يسمح فيها الطرفان الابتسار من سلطتيهما ومواردهما من خلال إشراك جماعة الحوثيين في شمال اليمن الأفقر نسبياً والأقوى عسكريًا.
إضافة إلى ذلك، فإن وفاة السلطان قابوس مؤخراً، وهو الوسيط العماني في الشرق الأوسط منذ فترة طويلة، لا تبشر بالخير للمفاوضات الجارية بين الأطراف في اليمن. فبعد وفاة السلطان، لا يزال من غير الواضح من القائد الإقليمي التالي الذي بإمكانه أن يتولى الدور الذي لعبه السلطان قابوس كمُوفق فيما بين الأطراف اليمنية.

وفي حال أثمرت تلك الجهود، فإن أي حل للصراع اليمني من شأنه أن يفيد إسرائيل وذلك من خلال إنهاء حملة المملكة العربية السعودية - الشريك غير الرسمي لإسرائيل في معارضة مساعي إيران للهيمنة الإقليمية - التي جرت السعودية لاستنزاف خزائنها، وعبث بقواتها، وتلطيخ لصورتها الدولية. لكن يجب أن يكون لدى أورشليم توقعات واقعية لما يمكن أن ينجزه الاتفاق.

وفي حال ظهر زعيم يمني قادر على "الرقص على رؤوس الثعابين"، كما وصف الرئيس الراحل علي عبد الله صالح التحدي المتمثل في حكم البلد الفقير والمنقسم، فإن التهديدات المتمثلة في اليمن التي يشكلها الحوثيون وتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، قد تتضاءل، بيد أنها من غير المرجح أن تختفي.
 "أورشليم بوست - ترجمة/ عبدالله قائد"​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى