فاجعة كريتر.. أم وابنتها تلتهمهما النيران

> عدن «الأيام» فردوس العلمي

>
شيعت، ظهر أمس الإثنين، بموكب جنائزي مهيب، جثماني أم وابنتها كانتا ضحيتين للحريق الذي اندلع، مساء أمس الأول، في أحد منازل حارة حسين بمديرية صيرة والذي راح ضحيته الحجة نبيلة (في العقد السادس) من عمرها، وابنتها هبة صالح (في العقد الثالث) ليواري جسديهما الثرى في مقبرة القطيع، بعد أن صلى المشيعون عليهما صلاة الجنازة عقب صلاة الظهر في مسجد الرحاب بمدينة كريتر.

عدن تشيع جثماني ضحيّتي الحريق بكريتر
عدن تشيع جثماني ضحيّتي الحريق بكريتر

تماس كهربائي ينتهي بمأساة
عم الحزن وخيم الصمت بعد أن تعالت ألسنة اللهب الساعة السابعة من مساء يوم الأحد، في منزل مكوّن من أربعة طوابق يحتوي كل دور على غرفة، وصالة، وحمام، ومطبخ، حيث بدأ الحريق من الدور الثاني، وحتى وصل إلى الرابع ملتهماً كل شيء من أغراض وأثاث وحتى الأرواح.

عبدالله شفيق صهر الضحايا، أفاد بأن الحريق أدى إلى وفاة عمته أم زوجته وأخت زوجته، حيث لم يتمكن أحد من إنقاذهما نتيجة اشتعال النار بشكل قوي ومفاجئ واحتراق سلالم البيت الخشبية بسرعة، ومع عدم وجود أدوات مساعدة وتأخر رجال الإطفاء باءت كل محاولات الشباب في الوصول إليهما وإنقاذهما بالفشل بسبب النيران التي كان مشتعلة في مدخل المنزل.

وعن أسباب الحريق قال تماس كهربائي بسبب تيار راجع قوي أدى إلى احتراق المكيف بشكل سريع والتهمت النيران كل ما في الغرفة ثم امتدت ألسنتها إلى سلالم الدور الثالث ليلتهم لهبها الدور الثالث كاملاً، حتى وصلت إلى الدور الرابع ولم يتبقَ شيء سوى جثتين متفحمتين"، مؤكداً بأنه عند اندلاع الحريق لم يكن أحد متواجداً في العمارة إلا الحجة نبيلة وابنتها في الدور الثالث، حيث لقيتا حتفهما محترقتين.
الأضرار موجعة
يقول عبدالله "محت النيران ثلاث أدور بكل ما احتوته من أرواح وذكريات وأثاث وكل شيء، ولم يبق من كل سنوات العمر غير الرماد وأخشاب محترقة التهمتها النيران التي لم تترك شيئاً، بدءاً من الدور الثاني ووصولاً إلى الدور الثالث فالرابع".

ويضيف "لم يشعر أحد بالحريق إلا بعد أن خرجت ألسنة اللهب من نوافذ الدور الثاني الذي بدأ منه الحريق، وذلك بعد أن كانت قد التهمت البيت من الداخل كاملاً".

عبدالله طالب الدولة بالنزول لمشاهدة ما أصاب هذه الأسرة من بلاء، فهي أسرة رجل وهب حياته لخدمة الوطن، والعمل على تقييم حالة بقية الأفراد، بعد أن فقدوا والدتهم وأختهم وفقدوا منزلهم وكل ما يمتلكون، فحري بها العمل على إعادة ترميم المنزل بشكل عاجل حتى لا يتشردون.

وشكر عبدالله، رئيس مؤسسة الموانئ الذي بذل جهوداً كبيرة في توفير سيارات الدفاع المدني التابع للصوامع والغلال ونزل لتفقد المنزل، حيث كان رب الأسرة المنكوبة نائباً لرئيس مؤسسة الموانئ.

وفيما يخص تأخر وصول الدفاع المدني الخاص بمديرية صيرة، أوضح بأن عربيات الإطفاء وصلت بعد ساعة كاملة من اندلاع الحريق، فقد كان الدور الثاني محترقاً تماماً، لكنهم وصلوا ومعهم سلم لم يصل إلى الدور الثالث، وقال: "من الطبيعي أن يأتي الدفاع المدني متأخراً، فليس من المعقول أن يتحركوا عند استلامهم بلاغاً من مواطن، لا بد من إبلاغ الشرطة التي بدورها تقوم بإيصال البلاغ للدفاع المدني، ما يبطئ من سرعة العملية ويزيد من احتمالية خسارة الأرواح والممتلكات".

واختتم عبدالله حديثه مترحماً على عمته التي أدت فريضة الحج هذا العام هي وابنتها، داعياً الله أن يسكنهن جنات النعيم.
غضب يعم الشارع
صب المواطنون في مدينة كريتر جم غضبهم وسخطهم على الدفاع المدني الذي جاء متأخراً، مستهجنين وصوله بعد خراب مالطة، ودون أدوات ولا سلالم كافية أو رافعات وبعدد بسيط من موظفيه.

علاء، أحد سكان المنطقة قال: "لم نصل للمتوفيات إلا بعد أن احترقت جثتا الأم وابنتها، ونتيجة للزحمة اختلط الأمر على الجميع فقد خرجت نساء من البيت المجاور للبيت المحترق، ليُمكنّ الشباب من الصعود إلى سطح البيت المحترق وإنقاذ الضحيتين، فيما ظن رجال الإطفاء أن النساء اللواتي خرجن هن العالقات في المنزل المحترق، كنا نصرخ بأعلى أصواتنا بأنه لازالت الأم وابنتها في الغرفة الأمامية محاصرتين بالنيران"، مضيفاً: "سوء الفهم هذا أدى إلى إضاعة مزيد من الوقت، كما اضطررنا للذهاب إلى سوق الحدادين لأخذ أدوات تساعدنا على كسر جدار البيت الذي كان من الحجر القوي ولم نتمكن من هدمه إلا بشق الأنفس، بعد أن فارقت الحجة نبيلة وابنتها الحياة".


وعلّق قائلاً: "المتواجدون في الموقع سببوا زحمة، كانوا يتسابقون لالتقاط الصور معرقلين حركة رجال الدفاع المدني الذين لم يكونوا في الأساس مرتدين للزي الرسمي وليس بحوزتهم سلالم كافية ولا رافعة ما زاد الأمر سوءاً أن استخدموا الماء لإطفاء حرائق كهربائية، ما زادها اشتعالاً، حيث كان من المفترض أن تكون معهم مادة لإطفاء الحرائق الناتجة عن الكهرباء، إضافة إلى أنهم تنقصهم الخبرة الكافية للتعامل مع الحدث وليس لديهم أية دراية حول كيفية إطفاء الحرائق والسيطرة عليها".

التهمت النيران كل شيء، مخلفة ذكريات موجعة لمشهد قاسٍ على الروح والعين لانطفاء روحين كانتا تنبضان بالحياة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى