عدن وشهرتها التجارية وبركتها

> عدن «الأيام» متابعات:

>  ذكر ابن بطوطة (المتوفى 779هـ الموافق 1377م)  في رحلته الشهيرة أن تجار عدن يملكون «أموالاً عريضة وربما يكون لأحدهم المركب العظيم بجميع ما فيه لا يشاركه فيه غيره لسعة ما بين يديه من الأموال، ولهم في ذلك تفاخر ومباهاة».
ونتيجة لكثرة الأموال فقد ارتفع المستوى المعيشي للسكان وخاصة التجار منهم فقد وصف المقدسي (المتوفى 380هـ الموافق 990م) في كتابه «أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم» عدن بأنها «معدن التجارات، كثير القصور، مبارك على من دخله، مثر لمن سكنه، مساجد حسان، ومعايش واسعة، وأخلاق طاهرة، ونعم ظاهرة».

ووصف ابن المجاور (المتوفى في 690هـ الموافق 1291م) في تاريخه دور أهل عدن بقوله: «وبناء دورهم مربعة كل دار وحدها طبقتان، الأسفل منها مخازن والأعلى منها مجالس، وبناء دورهم بالحجر والجص والخشب».
ونتيجة لازدهار الحياة الاقتصادية في عدن من خلال النشاط التجاري الواسع فقد ازداد سكان عدن في عهد تملك الأيوبيين لعدن، يقول ابن المجاور «وكثر الخلق بها فبنوا الدور والأملاك وتوطنها جماعة عرب من كل فج عميق».

وبسبب النشاط التجاري الواسع في عدن فقد سكنها أناس من مختلف الأقاليم، يقول ابن المجاور: «وغالب سكان البلد عرب مجمعة من الإسكندرية ومصر والريف والعجم والفرس وحضارم ومقاديشة وجبالبة وأهل ذبحان وزياليغ وباب وحبوش، وقد التأم إليها من كل بقعة ومن كل أرض وتمولوا فصاروا أصحاب خير ونعم».
وهذه بركة وضعها الله في عدن، فقد كانت عدن موفورة الربح، بل قال المقدسي: «من أراد التجارة فعليه بعدن أو عمان أو مصر»، فبدأ بعدن، وقال أيضاً: «وعدن التي تشد إليها الرحال»، ووصفها ياقوت الحموي (المتوفى: 626هـ) في «معجم البلدان» بأنها «بلدة تجارة وربح».

ويذكر العمري (ت: 749هـ) في «مسالك الأبصار في ممالك الأمصار» أن المقيم بها يحتاج إلى كلفة في النفقات لارتفاع الأسعار بها في المآكل والمشارب، ويحتاج إلى ماء يتبرّد به في اليوم مرات إبان قوة الحر، وإليها مجمع الرفاق، وموضع سفر الآفاق، يحطّ بها من الصين والهند والسّند والعراق وعمان والبحرين ومصر والزّنج والحبشة، ولا يخلو أسبوع بها من عدة تجار وسفن وواردين وبضائع شتى ومتاجر، والمقيم بها في مكاسب وافرة وتجائر مربحة، ولا يبالي بما يغرمه بالنسبة إلى الفائدة، ولا يفكر في سوء المقام لكثرة الأموال النّامية».

بل ذكر المقدسي من كثرة أرباح من دخل عدن أنه «سمع رجلاً ذهب إلى عدن بألف درهم فرجع بألف دينار (وهذا ربح ضخم جدا) وآخر دخل بمائة فرجع بخمسمائة».
ولا غرابة في هذا، فعدن تعد من أقدم أسواق العرب، كما ذكره الهمداني (المتوفى: 334هـ) في «صفة جزيرة العرب». وذكر قبله محمد بن حبيب (المتوفى: 245هـ) في «المحبر» أن «سوق عدن من أسواق العرب المشهورة في الجاهلية».

وهنا يظهر لماذا عدن تتعرض للغزو منذ قديم الزمن؟ فهي مشهورة بثرائها وتجارتها وحسن أخلاق سكانها.. لا وفق الله من أراد لعدن السوء.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى