المعلم والطالب رهن الإضراب

> عصام عبدالله مريسي

>  
عصام مريسي
عصام مريسي
لقد كفل دستور البلاد ونظمت قوانين لوائحه المنبثقة منه والمنسجمة معه، كل الحقوق والواجبات للمعلم، وكذا الطالب، وكل مشترك في العملية التعليمية والتربوية، فقد نظمت قوانين العمل وقانون المعلم كثيراً من حقوق المعلم المادية والتبعات المالية المستحقة للمعلم إلى أحد ركني العملية التعليمية والطرف الفاعل في كل مجريات التربية والتعليم.
وقد أعلن المعلمون عبر نقاباتهم المهنية الإضراب على فترات من مراحل الدراسة منذ أعوام دراسية، على مدى سنوات ثلاث مضت، وفي كل مرة كانت الجهات الممثلة للدولة عبر وزارة التربية والتعليم ووزارتي العمل والمالية تمنح المعلمين الوعود وتضرب لذلك الآجال لتنفيذ تلك المطالب التي هي حقوق مشروعة وهي عبارة عن علاوات منصوص عليها في قوانين الخدمة المدنية وقانون المعلم واللوائح المنظمة لهما.

استنفذ صبر المعلمين وضاق الحال بهم من كثرة الوعود التي لم ينفذ منها حتى الحد الأدنى، وكل ذلك كان حرصاً من المعلمين على مستقبل التلاميذ واستيفاء حقهم في التعليم، لكن مع تدهور الحالة المادية للمعلم في ظل الغلاء الجائر وتدهور العملة وانهيارها مقابل العملات الأجنبية حتى تدنى مستوى دخل المعلم عن سنوات مضت، فأصبح حصيلة الدخل ربما تصل إلى أقل من خمسمائة ريال سعودي كحد أدنى لراتب المعلم، حتى بات المعلم عاجزاً عن استيفاء حاجته المعيشية التي تحفظ له هيكله الاجتماعي كفئة وسطى في المجتمع.

إن التجاهل المتعمد من قِبل الحكومة وخصوصاً من الوزارة المختصة التي تنطوي تحتها المدارس وكل القطاعات التعليمية دفع بالمعلمين نحو تصعيد الإضراب للمطالبة بحقوقهم المشروعة والقانونية، هذا التجاهل يكشف عن مدى تفاعل الحكومة مع قضايا حساسة تتعلق بحياة المواطن بكل شرائحه، ويوضح اتجاهات الحكومة في التعامل مع القضايا ذات الأهمية وعدم قدرتها في حل القضايا، فهي على الدوام حكومات (نعام) كلما طرق طارق جديد دسّت رأسها في التراب ظناً منها أن ذلك سيكون سبباً في استقامة الأمور، في حين تأجيل الحلول وتجاهل القضايا يزيد الأمور سوءاً ويؤدي إلى تفاقم الأزمات.

ومن جانب آخر يبين بما لا يدع مجالاً للشك أنها حكومات هامشية تتعامل مع كل المستجدات بطريقة عابرة غير مكترثة لمصير المعلم المحروم من حقوقه والمسلوبة هيبته ويبين مصير الطالب الذي حرم من أبسط الحقوق وهو التعليم لأنها حكومات ذات مصالح خاصة، فأبناؤهم يدرسون في أرقى وأغلى المدارس الخاصة في الداخل أو في الخارج، أما أبناء عامة الشعب فهم وقود تستخدمهم في خدمتهم والزج بهم في حروب طاحنة ويبقى باب العسكرة مفتوحاً للزج بالتلاميذ والقصر في أتون حروبهم الطاحنة التي لم يستطيعوا حسمها منذ سنوات.

فيا للعجب من حكومة تضع حاجات التعليم في آخر سلم اهتمامها إن لم يكن خارج الحسبان أصلاً!، وهذا مُشاهد من خلال الصمت الذي ساور أيام الإضراب، فلم تبالِ الحكومة بالظهور وإبداء ما بوسعها أن تقدمه وهي مستخدمة بعض العناصر المرتزقة لضرب الإضراب في محاولة بعض المدارس من إيحاء الشارع بأن العملية التعليمية مستمرة رغم امتناع بعض المعلمين في تلك المدارس عن مباشرة التدريس والالتزام بالإضراب وتدريس أعداد ضئيلة من الطلاب في ظل غياب الطلاب، مقابل حرمان باقي الطلاب من الاستفادة، فقد ذكر بعض التلاميذ أن مستوى حضور الطلاب في بعض المدارس التي كسرت الإضراب ربما يصل إلى ثلاثة أو أربعة طلاب وربما يجمع تلاميذ المرحلة في فصل واحد بما لا يزيد عن عشرة إلى خمسة عشر طالباً، وكل ذلك رغبة في كسر الإضراب والإضرار بمصالح المعلم والاستمرار في حرمانه من حقوقه، ومن المؤسف جداً أن يصدر مثل هذا التصرف من منتسبين لطواقم التعليم أصحاب المصالح الضيقة ومحبي السمعة والشهرة.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى