مدرسة الشريجة.. تعليم على صوت القذائف ورائحة البارود

> 600 طالب يزحفون يوميا للجلوس على مقاعد للدراسة في العراء

> تقرير/ عنتر الصبيحي :
> يقطع أكثر من 600 طالب وطالبة مسافة طويلة، سيراً على الأقدام، ليصلوا إلى مدرسة الشريجة في مديرية القبيطة محافظة لحج، حاملين حقائبهم في يد وفي الأخرى أرواحهم، ويسمعون أصوات القذائف تعلو على صوت المعلم، ويرتقبون سقطوها عليهم لتنتهي الحكاية.

صحيفة «الأيام» قطعت المسافات لتنقل معاناة تلك المنطقة التي لا تبعد أكثر من 2 كيلو متر عن ساحة القتال ولم تكن يوماً ضمن خطط المنظمات المانحة أو حتى السلطة المحلية في محاولة للتخفيف عنهم.

بداية الرحلة والنهاية معاناة
تبدأ الرحلة إلى الشريحة بمعاناة على عكس باقي الرحالات، فلا بد أن تستقل دراجة نارية من مركز كرش، إذ أن الطريق طويلة وليست مهيأة لمرور السيارات، ثم تعبر طريقاً فرعياً في وسط وادي الشريجة الذي مازالت الألغام فيه بفعل السيول المتدفقة، قطعنا في رحلتنا هذه شوطاً كبيراً ومضيناً نسير على الأقدام بحذر شديد لأكثر من ساعة بين الأشجار الكثيفة حتى وصلنا إلى مقصدنا.


لم تكن الوجهة أقل شأناً من الرحلة، فالمسافة التي قطعت والمخاطر التي درأت تنتهي بمشهد أسوأ، لم نجد شيئاً نطلق عليه مدرسة، لا شيء سوى طلاب يدفعهم شغف كل الصباح لبدء رحلة العلم يحفها الموت من كل جانب.

المكتب شجرة والصخور حيطان
مدرسة الشريجة التي تضم أكثر من 600 طالب تقع على شفا جرف هار، فإلى جانب بُعد المسافة المدرسة لا تعاني من نقص في الكتاب المدرسي فحسب، بل وانعدام المبنى الذي يفترض أن يطلق عليه مدرسة.

مكتب إدارة المدرسة تحت الأشجار
مكتب إدارة المدرسة تحت الأشجار
الطلاب فيها يتلقون دروسهم مفترشين الأرض بينما يقف المعلم حاملاً بيده الكتاب المتوفر الوحيد محاولاً تلخيص ما فيه لطلابه الذين ألهتهم أصوات القذائف ورائحة البارود عن سماع الدرس، فالشريجة الحدودية تعتبر منطقة تماس للحرب الدائرة ضد الحوثي ما يعني أن أولياء الأمور يودعون فلذات أكبادهم كل الصباح تحسباً لسقوط قذيفة أو انفجار لغم على الطريق المؤدي للمدرسة التي من الممكن أن تكون تحت سيطرة الحوثي في أية لحظة ليجد الأطفال أنفسهم تحت قبضته.

أ. عبدالصمد مفلح
أ. عبدالصمد مفلح
تجولنا بين الأشجار والصخور لنجد إدارة المدرسة التي اتخذت من ظل شجرة مكتباً لها، رأينا الأمل يملأ عيون المعلمين قبل الطلاب، فوكيل المدرسة، عبدالصمد محمد أحمد مفلح، أوضح أن العملية التعليمية في مدرسة الشريجة محفوفة بالمخاطر فمن ناحية المسافة ومن أخرى القذائف التي سقطت ولم تنفجر وكذا الألغام والعبوات الناسفة التي على شكل أحجار، وقال: "تم توعية الطلاب عن مخاطر الألغام والأجسام الغربية وكيفية التعامل معها لكن هذا لا يكفي".


وأشار الوكيل بأن معظم الخيام التي يدرس بداخلها الطلاب مقدمة من قيادة الجبهة على اعتبار قرب المدرسة منها كما تقدم لهم الماء عبر الناقلة الخاصة بالجبهة، مؤكداً عدم تلقي المدرسة أي دعم من السلطات المحلية أو أية منظمة باستثناء الهلال الأحمر الإماراتي الذي قدم بعض الخيام.

عين على المعلم وأخرى على الصخور
لم تنته الحكاية بعد، فطلاب مدرسة الشريجة كأنما قدر لهم العناء، الطالب عبدالوارث عبدالعليم يقول: "نجلس أثناء الدرس تحت صخور مهددة بالسقوط، عين نشاهد بها المعلم وأخرى نراقب بها الصخور التي لا سمح الله إذا سقطت ستقتلنا بلحظة جميعا".

"خيمة"فصل دراسي
"خيمة"فصل دراسي

خوفهم من القذائف جعلهم يحتمون بالصخور معتبرين أنها أرحم من القذائف والبرد القارس، وأضاف: "معاناة السفر من مناطق تحت سيطرة الحوثيين والطريق إلى الشريجة التي نشتم فيها رائحة البارود ومنغصات التعليم كلها تجعلنا نقول أن ليس لنا إلا الله فكل الجهات تخلت عن قيمها في الحفاظ على أرواحنا".

بلا موازنات.. الأمل على الجهات المانحة
يرى أهالي منطقة الشريجة بأنها منطقة منكوبة محرومة من الخدمات وما زاد المعاناة وقوعها على خط التماس، ويحملون الجهات الحكومية مسؤولية الأوضاع الكارثية فيها.

خزان ماء المدرسة
خزان ماء المدرسة

«الأيام» تواصلت مع مدير المديرية أ. عماد غانم الذي بدوره أكد أن الشريجة من مناطق المديرية التي طالتها الات الحرب والدمار للميليشيات الحوثية وبصورة عدوانية عبثية بحكم موقعها كمنطقة حرب ومواجهات حتى اللحظة، وأن الدمار طال المبنى الأمني والمحلات التجارية الخاصة والبنى التحتية وحتى المدرسة، وقال: "عملنا على إعداد حصر أولي لكل آثار الحرب في المديرية وخاصة المصالح العامة التي دمرت ومنها مدرسة عمار في الشريجة وقدمناها للمنظمات والصناديق الداعمة، وكذا في آخر مذكرة وجهناها قبل شهر تقريباً للصندوق الاجتماعي عبر مكتب التخطيط والتعاون الدولي بالمحافظة حسب طلبهم برفع أولويات حاجة المديرية من المشاريع فكانت مدرسة الشريجة ضمن مدرستي في مذكرتنا لمدير الصندوق الذي وعد باعتمادها ضمن مشاريعه لهذا العام".

المأمور أفاد بأن المنظمات والصناديق الداعمة هي من يعول عليها في تنفيذ مشاريع خدمية وتنموية للمديرية نظراً لعدم وجود موازنات استثمارية للمديريات حتى اللحظة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى