لماذا تضغط إدارة ترامب على الأمم المتحدة لتقليص مساعداتها بمناطق الحوثيين؟

> ترجمة/ أبوبكر الفقيه

> تضغط إدارة ترامب على الأمم المتحدة لتقليص عمليات المساعدات الحيوية في اليمن حيث يسعى المتمردون الحوثيون المدعومون من إيران إلى سيطرة أكبر على كيفية إيصال المساعدات الإنسانية في الأراضي الخاضعة لسيطرتهم، وفقا لمجلة فورين بوليسي الأمريكية.

ويعتزم وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو السفر إلى مقر الأمم المتحدة في 6 مارس للاجتماع مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس، حيث سيثير بومبيو مخاوف بشأن ما يراه مساعي الأمم المتحدة البطيئة لتجميد توصيل المساعدات في ظل استمرار عرقلة الحوثيين واستحواذهم على الإغاثة المنقذة للحياة، وفقًا لمصادر دبلوماسية.

ومن المتوقع أن يستدعي بومبيو منسق الإغاثة في الأمم المتحدة، مارك لوكوك، لعدم تجاوبه مع نداءات الولايات المتحدة باتباع نهج أكثر حزماً وتعليق المزيد من برامج الإغاثة في اليمن، بحسب ما أفادت به مصادر لفورين بوليسي.

وتأتي الأزمة الإنسانية في لحظة متوترة من الصراع المستمر منذ حوالي خمس سنوات. حيث تعثرت حملة دبلوماسية كانت واعدة بين الحوثيين والسعودية، الراعي الرئيسي للحكومة اليمنية وحليف الولايات المتحدة، لإنهاء النزاع، حيث استأنف المتمردون الحوثيون هجماتهم الصاروخية على المملكة العربية السعودية، في حين استأنفت الرياض هجماتها الجوية على الحوثيين في العاصمة صنعاء.

وخلال الاجتماع المزمع عقده في الأمم المتحدة، والذي لم يتم الإعلان عنه رسمياً.
وتأتي هذه الخطوة لتعليق المساعدات المقدمة لليمن كرد فعل لمساع الحوثيين، وهم شيعة تدعمهم إيران، لإعاقة إيصال المساعدات الإنسانية في شمال اليمن، كجزء من إستراتيجية أوسع لفرض سيطرة أكبر على كيفية توزيع المساعدات في الأراضي الخاضعة لسيطرتهم.

وأثارت هذه الإجراءات غضب الدول المانحة، بما في ذلك الولايات المتحدة والمنظمات الإغاثية الخاصة، ومسؤولو الإغاثة التابعون للأمم المتحدة. حيث اتهموا الحوثيين بالسعي لانتهاك قواعد المساعدات الإنسانية لتحويل المساعدات لكسب اليد العليا في الصراع، وكسب المال، وتوفير معاملة تفضيلية منحازة للمجتمعات التي تؤيد قضيتهم.

ويقول مسؤولون مطلعون على هذه المسألة بأن الولايات المتحدة تعتزم تجميد الإنفاق على سلسلة من البرامج في وقت لاحق من هذا الشهر، مما تسبب في احتكاك مع الدول المانحة الأخرى والمنظمات غير الحكومية التي ترغب في إبقاء تدفق كافة المساعدات.
ولم تحدد الولايات المتحدة البرامج التي ستتوقف عن تمويلها، لكن مسؤولًا أمريكيًا كبيرًا أخبر المراسلين أنه سيكون هناك "استثناءات لبرامج منقذة للحياة فعليا "، بما في ذلك إطعام الأطفال المرضى.

وهناك اختلافات في الرأي حول الكيفية الصارمة لتعليق المساعدات في اليمن، مسرح الأزمة الإنسانية الأكبر في العالم، حيث يعتمد نحو 80 في المائة من سكان البلاد البالغ عددهم 28 مليون نسمة على المساعدات والحماية الدولية.

وتدرك الأمم المتحدة الحاجة إلى تعليق عمليات مساعدات محددة، ولكن فقط على أساس كل حالة على حدا، وفقط إذا كانت مقتنعة بأن هذه المساعدة ستنتهك المعايير الإنسانية المقررة التي تتطلب توزيع المساعدات على أساس الحاجة. كما تخشى من أن تهديد الولايات المتحدة بخفض كلي للمساعدات سيهدد أرواح اليمنيين وحياتهم.

وأكدت الأمم المتحدة على "أهمية الحفاظ على العملية الإنسانية، والتي يتم تنفيذها في ظل ظروف صعبة، لكنها تقدم المساعدة المنقذة للحياة لملايين اليمنيين"، وفقًا لبيان أصدره مكتب أمينها العام في 12 فبراير.
وأضافت "يدعم الأمين العام الحوار المستمر مع جميع الأطراف المعنية لضمان وصول المساعدة إلى كل من يحتاج إليها، بموجب المبادئ الإنسانية".

ويحذر عمال الإغاثة من أن تعليق الإغاثة عن المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون قد يؤدي إلى تفاقم الوضع الإنساني السيئ بالفعل.
وقال سكوت بول، مستشار السياسات في منظمة أوكسفام أمريكا "تستمر الأوضاع في اليمن في التدهور، والحاجة الإنسانية أكبر من أي وقت مضى حيث تكافح العائلات من أجل البقاء في أمان وتدفع ثمن وجباتها القادمة".

بالنسبة للملايين من أضعف اليمنيين، فإن الحصول على المساعدات والخدمات مسألة حياة أو موت. حيث يتعين على أطراف النزاع والمجتمع الدولي الدفع من أجل السلام وضمان وصول المساعدات إلى من هم في أمس الحاجة إليها.
وتصر الولايات المتحدة على وجود إجماع بين الدول المانحة الرئيسية والمنظمات الخيرية الخاصة، والتي "تضع خططًا تتضمن تعليق الكثير من برامج المساعدة، مع استثناءات لبرامج تنقذ الأرواح فعلياً، كإطعام الأطفال وأشياء من هذا القبيل"، بحسب ما صرح مسؤول رفيع المستوى في وزارة الخارجية للصحفيين في 25 فبراير.

وقال: "لقد فعلوا ـ الحوثيون ـ أيضًا أشياء مثل المضايقة، وحتى تعذيب الموظفين التنفيذيين، وتحويل المساعدات إلى الجماعات والمناطق التي يفضلونها".
وقال المسؤول بوزارة الخارجية "معظم الحكومات، بما في ذلك الولايات المتحدة، لا تسمح باستخدام أموالها بهذه الطريقة".

وألمح مسؤول وزارة الخارجية أن قرار تعليق المساعدات للحوثيين تم اقتراحه أولاً من قبل الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية الأخرى، وهو ادعاء طعن فيه ممثلو وكالات الإغاثة، الذين يقولون إن هذه التصريحات قد تهدد سلامة عمال الإغاثة في الأرض في اليمن.
وقد قامت عدة منظمات إغاثة بصياغة رسالة إلى وزارة الخارجية تكذب هذه الرواية وتوضح أن جماعات الإغاثة لا تفضل وقف المساعدات. كما حثت تلك المنظمات الإغاثية الولايات المتحدة والجهات المانحة الأخرى على السعي للتوصل إلى اتفاق دبلوماسي مع الحوثيين لتخفيف القيود المفروضة على المساعدات.

من غير الواضح ما إذا كانت الرسالة، التي تحدث عنها مصدران للفورين بوليسي، قد تم تسليمها إلى وزارة الخارجية حتى الآن.
وتغذي الحملة الأمريكية الشكوك بين بعض المراقبين حول أن موقف واشنطن المتشدد قد يكون مدفوعًا بالرغبة في ممارسة الضغط الدبلوماسي على إيران وحلفائها في المنطقة أكثر من القلق بشأن سوء سلوك الحوثي. كما يأتي ذلك في وقت اقترح فيه البيت الأبيض تخفيضات كبيرة في ميزانية المساعدات الخارجية.

وخلال العامين الماضيين، سعى الحوثيون باستمرار إلى فرض سلسلة من الشروط الجديدة على إيصال المساعدات، مما أثار أزمة جديدة. وفي الصيف الماضي، قام برنامج الغذاء العالمي بتعليق برنامج المساعدات بعد أن خرق الحوثيون اتفاقية للسماح لوكالة الغذاء التي تتخذ من روما مقرا لها بتقديم برنامج لتتبع متلقي الأغذية باستخدام معدات الانظمة البيومترية. غير أن الحوثيين استولوا على المعدات في مطار صنعاء الدولي.

وتقدم الأمم المتحدة وشبكة من وكالات الإغاثة المستقلة المساعدة لأكثر من 13 مليون مدني يمني كل شهر.

وفي مؤتمر صحفي عُقد في 18 فبراير بمجلس الأمن الدولي؛ قال لوكوك، منسق الإغاثة الإنسانية في الأمم المتحدة، إن الحوثيين رفضوا الموافقة على 40 بالمائة من جميع المشاريع من قبل وكالات الإغاثة المستقلة أو المنظمات غير الحكومية. حيث أدى تدخل الحوثيين إلى تقويض قدرة الأمم المتحدة على تقييم الاحتياجات الإنسانية الكاملة في اليمن أو مراقبة ما إذا كانت المساعدات تصل إلى حيث تشتد الحاجة إليها.

وقال لوكوك أمام المجلس "اقترح الحوثيون أيضًا أن تدفع المنظمات غير الحكومية ضريبة قدرها 2 في المائة لتمويل هيئة تنسيق المساعدات التابعة للسلطات الحوثية "قائلاً " بات الوضع غير مقبول". وأضاف أمام المجلس المؤلف من 15 دولة إن وقف أكبر عملية مساعدات في العالم سيكون مميتا لملايين الناس.
وأشار لوكوك أيضًا إلى أن الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا صادرت مؤخرًا ثماني شاحنات تحمل الإمدادات الطبية. وقد أعيدت الشاحنات، لكن مع 70 في المائة فقط من بضائعها الطبية. لكنه قال إن الأمم المتحدة تواجه "مشكلات أكثر خطورة في المناطق التي تسيطر عليها سلطات الحوثيين".

وقال إن الحوثيين أصدروا أكثر من 200 لائحة جديدة بشأن العمليات الإنسانية في العام الماضي، في حين أن "الحوادث التي تعرقل" تقديم المساعدة قد ارتفعت "بمعدل ستة" خلال نفس الفترة.
وأضاف أن "نصف تلك الحوادث يقيد تحركات موظفي إمدادات الإغاثة، في حين أن ربعها تقريباً يتضمن محاولات للتأثير على القرارات المتعلقة بمن يتلقى المساعدة".

وفي نوفمبر 2019، أصدر المجلس الأعلى للحوثيين لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية والتعاون الدولي قرارًا يفرض ضريبة قدرها 2 في المائة على جميع المساعدات الإنسانية التي تدخل أراضي سيطرتهم. كما طالبت السلطة الحوثية بإدارة وتنسيق جميع العمليات الإنسانية الدولية، وتحديد أين سيتم توزيع المساعدات، وحيازة جميع المعدات، بما في ذلك الآلات والمركبات التي تنقلها منظمات الإغاثة إلى البلاد.

أثار ذلك مجموعة من بعثات الأمم المتحدة في اليمن والحكومات المانحة لزيادة الضغط على الحوثيين للتراجع.
في منتصف شهر يناير، كتب وولفجانج بيندسيل، مسؤول إنساني ألماني كبير، أن الشروط الحوثية "ستنتهك بشدة الشروط التعاقدية للمانحين/ الشركاء وستنتهك المبادئ الإنسانية.

وقال: "هذا سيكون غير مقبول بالنسبة لنا".. مضيفاً: أي قرار تتخذه إحدى وكالات المعونة الممولة من ألمانيا بدفع ضريبة الحوثيين "سيعتبر حادثة خطيرة في تحويل المساعدات".
وذكرت صحيفة واشنطن بوست أن الولايات المتحدة، التي ساهمت بنحو 750 مليون دولار في شكل مساعدات إنسانية لليمن في السنة المالية 2019، وضعت خططاً لبدء تعليق بعض المساعدات.

كما أبلغت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) الجمعيات الخيرية في اجتماع عُقد في جيبوتي في أوائل شهر فبراير أنها ستبدأ في خفض التمويل في أوائل مارس إذا لم يتراجع الحوثيون - حيث حددت موعدا نهائيا في وقت لاحق، يمتد حتى أواخر مارس.
كما أخبرت كيلي كرافت، سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة المجلس أن سلوك الحوثيين يمثل معضلة بالنسبة للولايات المتحدة والدول المانحة الأخرى التي التزمت بضمان إنفاق أموال دافعي الضرائب بطريقة مسؤولة.

وحذرت قائلة "قد نضطر إلى التفكير في تعليق أو تخفيض مساعداتنا في شمال اليمن في أوائل شهر مارس ما لم يتوقف التدخل الحوثي غير المبرر على الفور". مضيفةً: "بالنسبة لأي شخص يشير إلى التقارير التي تفيد بأن الحوثيين وافقوا على إلغاء ضريبة الـ 2 %، يرجى العلم أن الحوثيين أوضحوا لأولئك الموجودين على أرض الواقع أنهم يتوقعون تمويلاً بطريقة ما من المنظمات غير الحكومية".

"فورين بوليسي"

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى