وادي حضرموت ينزف دماً.. 4 حالات اغتيال في يوم واحد!

> تقرير/ خاص

> ارتفعت وتيرة العنف والقتل شبه اليومي في بلدات وادي حضرموت، فالوضع كما يبدو يتجه إلى المجهول، ففي الأسبوع الماضي وفي يوم واحد فقط حدثت أربعة عمليات قتل بشعة ببشاعة فاعليها.

فلم تكد تمضي ساعات قليلة على حادث مقتل رجل أمن بداخل إحدى الصيدليات بقلب السوق العام بمدينة سيئون، يتلاحق مقتل مالك دكان للكهربائيات في مدينة القطن، وبعدها يسقط خمسة أولاد يتلقون التعليم بالمعهد الصحي بسيئون مضرجين بدمائهم، وهم يقفون على الخط العام الرابط بين مدينة سيئون والمدن الغربية لها منتظرين من يقوم بنقلهم إلى مناطقهم تُوفي منهم اثنان.

إلى ذلك فقد تداعى ناشطون وصحفيون ومسئولون ومكونات سياسية وطلاب عبر وسائل التواصل الاجتماعي وكذا تنفيذ وقفات احتجاجية لوضع حد لهذه الفوضى وأعمال القتل والمطالبة بتثبيت الأمن وتسليم النخب الحضرمية زمام الأمور، فيما السلطة المحلية بالمحافظة تتوعد وتوجه بوضع المعالجات.

معالجات
محافظ حضرموت قائد المنطقة العسكرية الثانية اللواء الركن فرج البحسني، خلال كلمة ألقاها في الاجتماع الاستثنائي باللجنة الأمنية والعسكرية بوادي حضرموت والصحراء عقب تلك الحوادث، قال: "إنه وبناءً على تكليف من قِبل رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة المشير الركن عبدربه منصور هادي، عقد هذا الاجتماع الاستثنائي للوقوف وبشكل جدي على مستوى الحالة الأمنية في وادي وصحراء حضرموت والاستماع لكل الجهات المعنية بتوفير الأمن وممثل قيادة التحالف العربي بوادي المحافظة من أجل تقييم حجم الانفلات الأمني الحاصل والوقوف على أسبابه وتحديد المخارج الكفيلة بإنهائها وضبط الحالة الأمنية والقضاء على العناصر المتسببة في حدوثها". مشيراً إلى أن كل الاجتماعات السابقة التي تم عقدها أثناء زيارته السابقة لوادي وصحراء المحافظة مع أعضاء اللجنة الأمنية ركزت بشكل أساسي على الملف الأمني، وخرجت بخطط تهدف لتحسينه وتركز على إعادة بناء الأجهزة الأمنية والشرطوية من جديد وإعادة فتح المقرات والمراكز الأمنية، وتسليمها كل مهام الأمن والشرطة داخل كافة مدن الوادي والصحراء، وبقاء كافة القوات التابعة لقيادة المنطقة العسكرية الأولى داخل ثكناتها العسكرية وتكون فقط كداعم ومساند لأجهزة الأمن والشرطة، وكانت تلك الخطة طموحة جداً، ورفعت للقيادة العليا في الشرعية والتحالف العربي لكن الإمكانيات لم تتوفر لها ولم يتم تنفيذها.

وأكد اللواء الركن فرج البحسني بأنه "لا يمكن السكوت على هذا الوضع الأمني المنفلت، وبعد اليوم سنحمل المسئولية لكل مسئول، وسيتحمل كل مسئول نتيجة تقصيره في أداء واجبه، فلا يمكن أن تسرح وتمرح العناصر الإرهابية داخل مدينة سيئون ومدن الوادي والصحراء الأخرى، ولن نقبل باستمرار هذا الوضع الخطير"، لافتاً إلى أن هناك تقارير استخباراتية وأمنية خطيرة كشفت عن إعداد خطط من قِبل عناصر تابعة لتنظيمي القاعدة وداعش تهدف لزعزعة الأمن وإدخال الوادي والصحراء في دوامة من العنف والصراع والفوضى.

ووجّه محافظ حضرموت قائد المنطقة العسكرية الثانية وكيل الوادي والصحراء ومدير عام الأمن والشرطة بالوادي والصحراء بتفعيل جميع المراكز الشرطوية واستلام النقاط الأمنية الداخلية وتجنيد كادر نسوي وتوزيعهن على النقاط الأمنية من أجل القيام بدورهن الأمني، والتعاون مع قائد التحالف بوادي وصحراء حضرموت الذي سيعمل على مساندة ودعم كل الجهود الأمنية وتسخيرها لضبط هذا الملف الشائك، والتعاون مع الأجهزة الاستخباراتية التي ستوفر المعلومات اللازمة. واعداً بإعطاء الوادي والصحراء نصيب الأسد من ضباط كلية الشرطة بحضرموت الذين يستخرجون قريباً من الكلية، مؤكداً على السعي الجاد من قِبل كافة الجهات من أجل إحداث تغييرات ملموسة في الملف الأمني وتسخير كل الجهود الممكنة واللازمة من أجل إنجاح هذا العمل، والاستفادة من تجربة الأمن والشرطة بساحل المحافظة، والتي تمثل أنموذجاً ماثلاً أمام الأعين وتطبيق تجربتها في كيفية تم إعادتها وتفعيل عملها ونجاحها في تثبيت الأمن وتحقيق الاستقرار وضبط العديد من المخالفات والأسلحة والمخدرات وتأمين كل المديريات بما فيها الشريط الساحلي الطويل للمحافظة، داعياً إلى الاستفادة منها والتعاون الدائم من أجل تحقيق الحالة الأمنية المستقرة التي نسعى للوصول إليها وجعلها واقعاً يعيشه كل أبناء الوادي والصحراء الحضرمية.

"السلطات عليها رفع التعازي"
وقال الصحفي أحمد باجمال، وهو من أبناء حضرموت الوادي: "محافظ حضرموت - حفظه الله ورعاه - وعد بالقضاء على الانفلات الأمني بالوادي، هل تحقق شيء أو نعيش في حلم؟، فعندما يطالب الجميع ببناء جيش حضرمي بالوادي أسوة بالساحل ويتفاعل الجميع ثم يأتي محافظنا حفظه الله بتكريم قيادة المنطقة الأولى على حفظ الأمن بوادي حضرموت، من المسئول؟".

وأضاف: "لا زلنا نطالب بتجنيد قوات حضرمية لحفظ الأمن بالوادي، فللعلم أن أكثر قوات النخبة الحضرمية في ساحل حضرموت، والتي طهرت الساحل من القاعدة هي من وادي حضرموت بينما عندما يعودون لزيارة أهلهم يتم اغتيالهم".
وتابع: "رحم الله كل الشهداء الذين سقطوا في وادي الموت، والمسئول الأول هو محافظ حضرموت وسلطة الوادي الذين فقط يعدونا بتحقيق الأمن في الإعلام، بينما الواقع كل مسئول معه عشرات الحراسات، والمواطن والجندي البسيط وطالب الجامعة يقتل وهو راجع لمنطقته، والسلطات عليها رفع التعازي الحارة لأهاليهم".

"الصمتُ للعاجزين كلام"
من جهته، أكد الناشط محمد أحمد قائلاً: "في حضرموت لا مكانة اليومَ لطالب العلم، فعندما يموت طالبٌ على قارعة الطريق لا تتحرك في رأس الناس شعرة، وتلجم الألسنة عن القول، ويسود صمتُ الأموات على المكان"، مشيراً إلى أنه "لم يصدر بيانٌ، ولم يقل أحدٌ إن ما حدث فضيحة، وقد مرَّ القاتلُ بعد ارتكاب جريمتِه كأكثر الناس شعوراً بالأمان في وادي حضرموت!، فأبناؤنا اليومَ لا يحفظهم في روحتهم وإيابهم إلى المدارس غيرُ الله.. فلم تعد الطرقات في وادينا آمنة، وليس في الوادي من يحرس أمانهم..

هل اهتز للمسئولين في وادينا شعورٌ إزاء هذه الفضيحة؟ هل أصدروا بياناً؟ هل قدّم مديرُ الأمن استقالته؟ هل خاف عرابيدُ المنطقة العسكرية والتزمت سياراتهم المجنونة عن العربدة في الطرقات؟ هل رفعت مرجعياتُ الحكمة الضائعة احتجاجاً شديدَ اللهجة إلى سلطات الباب العالي في الرياض؟.. لا، إنما الصمتُ للعاجزين كلام!".
ولفت الناشط محمد إلى أن ما حدث للطلبة شائن، ويسقط عن كل أدوات السلطة شرعيتها ويجردها عن قيَمها، ويسحبُ عنها في عيون الناس كل وجاهة.

واختتم كلامه بطرح استفهام قال فيه: "ألم يئن الأوان بعد لأن تكون الأجهزة الأمنية والعسكرية خالصة في الوادي بيد أبنائه من الحضارم أسوة بالساحل!".

تناقض صارخ
كما أخذ بزمام الحديث الصحفي محمد بوعيران، وأضاف: "ما زالت شوارع مدن وادي حضرموت تزدحم بالأطقم والسيارات والمظاهر العسكرية الفجة التي تتعسف القانون والذوق العام، وبالمقابل لا يُرى لها حضورٌ في إشكالية القتل الفوضوي الذي عم هذه المدن في السنوات الأخيرة".. مشيراً إلى أن "هذا تناقضٌ صارخ بين التواجد المؤذي لهذه التشكيلات العسكرية في الشوارع، وعجز فاضح عن إيقاف الأيدي المجرمة التي تغوّلت في الدم وزادت أرقام ضحاياها عن العشرات، بينما لم تجد هذه الإشكالية الدامية التي أرّقت المواطنين وأزعجت سكينتهم آذاناً مسئولة من أي تشكيل سلطوي فاعل في الوادي، حتى لقد أصبح الوادي مرتعاً للقتلة بعد أن كان حاضرة أمانٍ مشهود بسكينتها".

إدانة مجتمعية
شخصيات اجتماعية ومكونات المجتمع بوادي حضرموت عبّرت عن إدانتها واستنكارها الشديد للحوادث الإجرامية والإرهابية الجبانة التي تحدث بشكل شبه يومي بمديريات وادي وصحراء حضرموت، ودون أي حلول أو تغييرات جذرية لهذه المعاناة التي جعلت وادي حضرموت أشبه بوادي الموت والدم.
وتحدث عدد من الكتاب والمغردين عن ما يجري في وادي حضرموت الذي يستلزم دخول قوات النخبة الحضرمية حتى تصبح المحافظة آمنة بالكامل، مؤكدين رفضهم لتحويل وادي حضرموت بؤرة للتنظيمات الإرهابية التي ترعاها وتمولها جهات خارجية معادية للتحالف العربي.

"أنا طالب ما ذنبي؟"
نظّم طلاب وطالبات معهد العلوم الصحية بسيئون وقفة احتجاجية تعبيرية أمام المعهد لمقتل اثنين من زملائهم، وفي الوقفة الاحتجاجية التعبيرية التي شاركتهم فيها قيادات المجلس الطلابي بكلية الطب والعلوم الصحية وكلية التربية بجامعة سيئون، حيث رفع الطلاب والطالبات لافتات كتب عليها "أتيت حامل القلم - فحملوا عليّ السلاح"، "أنا طالب ما ذنبي"، "لا لحمل السلاح"، "في وطني سالت كثير من دماء الأبرياء"، "أعيدوا لحضرموت أمنها، "وصل الأمر للطلاب، ماذا تريدون بعد؟"، "نطالب بحق إخواننا".. وغيرها من الشعارات التعبيرية.

وناشد طلاب وطالبات معهد العلوم الصحية بسيئون وزملاؤهم من طلاب جامعة سيئون محافظ حضرموت قائد المنطقة العسكرية الثانية اللواء الركن فرج سالمين البحسني، ووكيل محافظة حضرموت لشؤون مديريات الوادي والصحراء أ. عصام حبريش الكثيري، وقيادة التحالف، وكافة الأجهزة الأمنية في سرعة القبض على الجناة والكشف عنهم، مؤكدين بأن حياة أبنائهم في خطر، وأنهم طلبة علم ينتظرهم الوطن والمجتمع يحملون بأيديهم القلم والكتاب مرددين شعار "نريد أمن نريد أمان - بالعلم تبنى الأوطان، وبالسلاح تنهدم الأوطان".

"ظاهرة منسق لها"
من جانبه، المستشار خالد هويدي، المدير العام لمديرية تريم، قال: "نطالب بعقد جلسة استثنائية للمكتب التنفيذي بالوادي والصحراء بقيادة أ. عصام بن حبريش الكثيري؛ وذلك لضرورة وقف نهر الدم الذي يجري في وادي حضرموت، والذي يذهب فيه عشرات القتلى بدون سابق أمر أو رد صريح ورادع".

وأضاف: "وندعوهم إلى إقامة وقفة احتجاجية أمام المجمع الحكومي بسيئون يُطالبون فيها بسرعة تنفيذ قرار رئيس الجمهورية المشير عبد ربه منصور هادي، والذي ينص على تجنيد قوة أمنية من أبناء الوادي والصحراء، قوامها 3000 فرد بكافة العتاد العسكري، وضرورة تسهيل الدعم العسكري واللوجستي لهذا الأمر". مشيراً إلى أن "حالات القتل وإقلاق السكينة العامة بالوادي والصحراء هي ظاهرة منسق ومرتب لها، تهدف لجعل وادي حضرموت مسرحاً للدماء وتصفية الحسابات الخاصة لدى هوامير الدم والفساد وليس كل الحالات ثأر أو غيرها مما يروج لها عبر وسائل الإعلام".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى