بين المالكي وآل جابر.. الجنوب حليف سياسي أم وقود حرب؟

> "الأيام" غرفة الأخبار:

> بين المتحدث باسم التحالف العقيد تركي المالكي، والسفير السعودي محمد آل جابر، تتجلى طبيعة العلاقة بين الجنوب والمملكة العربية السعودية قائدة التحالف العسكري في اليمن. وبين موقف الرجلين يتبين مستقبل الشراكة ومصير التضحيات التي قدمها الجنوب منذ ما قبل انطلاق عاصفة الحزم في سبيل الدفاع عن المشروع العربي والوقوف بقوة ضد المد الفارسي.

الأول عسكري، والثاني سياسي ودبلوماسي، وكلاهما صورة حقيقة لنظرة المملكة إلى الجنوب كقضية وطنية ومشروع سياسي وقوة عسكرية.. ففي حين نفى المالكي "العسكري" أي تصدع في علاقة السعودية مع المجلس الانتقالي، وأشاد بتضحيات المقاومة الجنوبية، تنكر آل جبار "السياسي" لدماء أبناء الجنوب التي حررت المحافظات الجنوبية والساحل الغربي؛ فحفظت ماء الوجه للمملكة طيلة الخمس السنوات الماضية من عمر العاصفة، وهو الموقف ذاته الذي ينسبه آل جابر دوما لـ "المقاومة اليمنية" ويكثر من الحديث عن "القضية اليمنية" والوحدة والشرعية في كل تناولاته للوضع في الجنوب والمطالب الشعبية التي تعبر عن الاستقلال واستعادة الدولة دون مواربة ولا حرج.

موقفا الرجلين السعوديين "المالكي وآل جابر" كشفا خلال اليومين الماضين عن حقيقة المعادلة بين الجنوب والتحالف، وأفصحا عن موقف السعودية من قضية الجنوب ومن المشروع السياسي الذي تنتهجه المكونات الجنوبية وفي مقدمتها الانتقالي، ففي حين يعترف العسكري المالكي بدور الجنوب كقوة عسكرية قدمت دماء وتضحيات في جبهات القتال، يتنكر السياسي آل جابر للهدف الذي يقاتل من أجله الجنوبيون ويحاول الذهاب بعيدا عن الثمن الذي تنشده المقاومة الجنوبية جراء تضحياتها إلى جانب التحالف رغم إدراكه تماما لأهداف الشعب الجنوبي ومساعي ثورته السلمية ثم المسلحة.

آل جابر بما يمثله من رمزية للسياسة السعودية لا يعترف بالجنوب كقضية سياسية ومشروع وطني، ويؤكدها صراحة أن المملكة ستقف ضد تطلعات شعب الجنوب وستعمل على تقويض أي دعم خارجي من شأنه أن يعترف أو يساند مشروع استقلال الجنوب، وفي المقابل يرى المالكي في الجنوب "شريك جبهات" وكيانا ذا استقلالية عن الشمال أثبت وجوده العسكري في الميدان، ويعترف الرجل بالمقاومة وأفعالها في ميادين الوغى لا بأهدافها السياسية ولا بالتطلعات الشعبية التي تعبر عنها.. هنا تكتمل المعادلة التي تلعب عليها السعودية في التعامل مع الجنوب، وهنا يتبين أن المملكة تنظر للجنوبيين كـ "وقود حرب" تسعر بها جبهات القتال ضد خصومها، وتضرب بهم من تريد أن تخاصمه داخل اليمن، وربما مستقبلا في معاركَ قادمة بالمنطقة ككل.

حتى الآن هذا هو موقف السعودية من الجنوب، وهكذا تنظر المملكة للدم الجنوبي "وقود حرب لا شريك سياسي"، وبمثل هذا التوجه تبعث المملكة رسائلها وتضغط ضد كل موقف خارجي من شأنه أن يعترف ويساند مشروع استقلال الجنوب، وهذا ما ظهر فعلاً في موقف السعودية من جهود الإمارات العربية المتحدة في الجنوب حين دربت أبوظبي قوات جنوبية خالصة ومكنتها من هزيمة التنظيمات الإرهابية وساندتها في تأمين مرافق العاصمة عدن والانتشار في سواحل وسهول وجبال الجنوب، لتأتي بعدها الرياض منتشية لتفكيك القوات الجنوبية المدربة وإعادة مليشيات متطرفة وجماعات إرهابية إلى مفاصل الدولة في عدن تحت غطاء اتفاق الرياض وبلباس الشرعية.

السياسة التي تسير عليها المملكة تشير إلى أن اتفاق الرياض كان بمثابة "طُعم" للانتقالي، الهدف منه إعطاء الشرعية اليمنية استراحة يتم خلالها تفكيك الجنوب سياسياً وعسكرياً، بدليل مماطلة الشرعية بالتنفيذ وتماهي المملكة مع أساليب العرقلة والخرق والتنكر لبنود الاتفاق.
ورغم النبرة المتفائلة للتحالف، فإن متابعين للشأن اليمني يقرّون بتعثّر تنفيذ الاتفاق بسبب تضافر عدة عوامل على رأسها ارتباك حكومة الرئيس عبدربّه منصور هادي، ووجود شقّ إخواني داخلها يعمل بشكل مستمرّ على رفع وتيرة العداء للمجلس الانتقالي الجنوبي.

وعقب منع التحالف العربي قيادات بالمجلس الانتقالي من العودة إلى عدن وما لحقه من غضب في الشارع الجنوبي.. دعت السعودية حكومة هادي والمجلس الانتقالي إلى حل الخلافات القائمة بينهما "بعيداً عن المهاترات الإعلامية من أجل تنفيذ اتفاق الرياض".
وتحاول الشرعية اللعب على وتر الخلافات بين الانتقالي والسعودية قائدة التحالف وراعية الاتفاق لتوتير العلاقة بين الطرفين.

ورعت السعودية، في نوفمبر الماضي، اتفاقا بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي، تضمن عودة الحكومة إلى عدن، وتفعيل سلطات الدولة اليمنية، وإعادة تنظيم كافة القوات تحت قيادة وزارة الدفاع. وحُددت مهلة زمنية بشهرين للتنفيذ، غير أن معظم بنود الاتفاق لم تُنفذ حتى الآن.

وبدا مؤخّرا أنّ الاتّفاق بات على شفا الانهيار الكامل بسبب استغلال الشقّ الإخواني في الشرعية اليمنية ثغرات في صياغاته وضعف البنود المتعلّقة بالجانب التنفيذي ليواصل ما كان قد شرع فيه قبل توقيع الاتفاق من محاولة بسط السيطرة على مناطق جنوبية، وهو الأمر الذي أدّى في أغسطس الماضي إلى صدام مسلّح بين المجلس والقوات التابعة لحزب الإصلاح والعاملة تحت لافتة الشرعية. وخشيت دوائر مقرّبة من المجلس الانتقالي من أنّ التحالف العربي بصدد الخروج عن حياده والانحياز لطرف دون آخر.

ونقلت وكالة رويترز في وقت سابق، عن مصادر مطّلعة، أنّ ما لا يقل عن خمسة من قادة المجلس الانتقالي الجنوبي منهم اللواء شلال علي شائع مدير أمن عدن، كانوا في طريق العودة على متن رحلة طيران من عمّان إلى عدن. وأضافت أن الطائرة لم تتمكن من الإقلاع بعدما لم يسمح التحالف الذي تقوده السعودية لها بدخول المجال الجوي اليمني.

وتجلّى الموقف الغاضب للمجلس من منع التحالف لقياداته من العودة إلى عدن من خلال بيان أصدره الأسبوع الماضي وقال فيه إنّ منع هؤلاء القادة من العودة "سابقة خطيرة تنذر باندلاع ثورة شعبية جنوبية لا تبقي ولا تذر".
كما ورد في ذات البيان "إزاء ذلك فإننا نطلب من قيادة التحالف توضيحات حول ما حدث، وتحت أي مبرر يتم المنع من العودة إلى أرض الوطن، وإدراك ما سيترتب عن ذلك المنع من انعكاسات داخلية على جميع الأصعدة بما في ذلك جهود إحلال السلام".

وحتى اللحظة لم يرد التحالف العربي على طلب الانتقالي بشأن تبرير سبب المنع، إذ اكتفى التحالف بتصريحات المتحدث الرسمي العقيد تركي المالكي وتغريدات السفير السعودي محمد آل جابر، التي جددت التأكيد على أن الجنوب في أجندة المملكة "رفيق جبهات ووقود حرب لا حليف سياسي".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى